أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأحد، 11 فبراير 2018

تعريف الحق في القانون واركان الحق وخصائصه

للحق أهمية خاصة ليس فقط في إطار القانون الخاص وإنما في كافة فروع القانون، ولم يكن من السهل صياغة تعريف محدد لمعنى الحق طوال قرون عديدة حاول خلالها العلم القانوني تحديد هذا المعنى وصياغته عبر مفهوم عام شامل للحق.  وترجع هذه الصعوبة في تعريف الحق إلى اختلاف وجهات النظر حول العنصر الجوهري للحق، مما أدى إلى ظهور اتجاهات فقهية مختلفة بهذا الخصوص.
  ونعرف الحق بأنه عبارة عن"  "سلطة يمنحها القانون لشخص بهدف تحقيق مصلحة قانونية".  ويتضح من هذا التعريف أن الحق بمعناه الاصطلاحي يوجد عندما يمنح القانون الشخص سلطة محددة يستأثر بها ويستعملها في ظل حماية القانون، وذلك بهدف تحقيق مصلحة قانونية، ويستوي أن تكون المصلحة مصلحة عامة أم مصلحة خاصة تحقق مصلحة اجتماعية.  وبناء عليه لا تعتبر الحريات أو الرخص العامة حقوقاً، لعدم انطباق فكرة الاستئثار أو الانفراد عليها حيث يتمتع الكافة بالحريات أو الرخص العامة وعلى قدم المساوة وثمال ذلك حرية السير في الطريق العام..الخ، فهي لا تفترض وجود رابطة قانونية.  وإذا منح الحق صاحبه مجموعة من السلطات، فإن هذه السلطات المتعددة لا تشكل حقوقاً مستقلة عن بعضها البعض، بل تشكل في مجموعها جوهراً ومضوناً لحق واحد، ومثال ذلك حق الملكية الذي يمنح صاحبه أكثر من سلطة حيث يمنحه سلطة التصرف في الشيء محل الملكية وسلطة منع أي تعرض على ملكيته.
    نستنتج إذا أن السلطة التي يعترف بها القانون لشخص معين تعتبر العنصر الأساسي الذي يقوم عليه الحق وهي بذلك تشكل جوهر الحق، ومما لا شك فيه أن إقرار القانون للشخص بسلطة أو سلطات معينة ناتج من اعترافه بثبوت قيمة معينة للشخص، وقد تكون هذه القيمة قيمة مالية كما قد تكون قيمة معنوية أو أدبية، ومن ضمن الحقوق التي ترد على قيم أدبية أو معنوية حق الشخص في أن ينسب إليه نتائج ذهنه العلمي أو الأدبي أو الفني وحق الشخص في الحرية...الخ، أما الحقوق التي ترد على قيم مالية فمثالها حق الملكية الذي يرد على شيء مادي يقيم بالمال وحق الدائنية الذي يرد على عمل يلتزم المدين بأدائه للدائن ويقيم بالمال...الخ.  ويختلف مدى السلطات التي يمارسها الشخص للوصول إلى القيمة الثابتة له بمقتضى القانون باختلاف مضمون الحق، فالحق في حرية الرأي يقتضي أن يكون للشخص سلطة إعلان رأيه على الناس، وحق الملكية يخول المالك سلطة استعمال الشيء محل الملكية واستغلاله والتصرف فيه، وحق الدائنية يخول الدائن سلطة مطالبة المدين بأداء ما التزم به.  ويمنح القانون صاحب الحق الحماية الكاملة التي تحمل الغير على احترام حقه وتدفع كل اعتداء يقع عليه، حيث لا جدوى من حق لا يحميه القانون.  ومن الجدير بالذكر أن القانون يهدف من منح الشخص السلطة اللازمة للوصول إلى القيمة الثابتة له تحقيق مصلحة جديرة بالرعاية والحماية، كونها تصون حريات الأفراد وتحقق مصالحهم على نحو يحافظ على كيان المجتمع ويعمل على رقية وتقدمه، مما يؤدي بالنتيجة إلى تحقيق وظيفة القانون.
اركان الحق وخصائصه

أركان القانون
   يتضح مما تقدم أن الحق عبارة عن سلطة يمنحها القانون لشخص معين بهدف تحقيق مصلحة قانونية.  وعلى ضوء هذا لتعريف تتضح أركان الحق، فالسلطة يجب أن تكون لشخص معين يكون هو صاحب الحق، حيث لا يتصور وجود سلطة غير منسوبة إلى شخص يباشرها.  وتستلزم هذه السلطة أن يكون لها موضوع تنصب عليه وهو ما يعرف بمحل الحق.  نستخلص أن للحق ركنان هما:  الشخص صاحب الحق ومحل الحق، وعليه فإن دراستنا لأركان الحق ستكون من خلال التالي.
المبحث الأول:  الأشخاص
   يمثل الشخص موضوعاً للقانون، بمعنى أن الشخص لابد أن يكون طرفاً في علاقة قانونية ينظمها القانون وينتج عنها حقوق والتزامات.  والشخص في غير المجال القانوني هو الإنسان فقط، أما الشخص في عالم القانون فهو كل كائن يصلح لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وهذا ما يطلق عليه اصطلاح الشخصية القانونية.  فالشخصية القانونية هي الصلاحية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، والقانون الذي يسبغ وصف الشخصية القانونية على كائن معين مع ما يترتب على ذلك من آثار.  وقد حدد القانون أن الإنسان يتمتع بالشخصية القانونية بحيث يعتبر الإنسان شخصاً قانونياً صالحاً لاكتساب الحقوق وتحميل الالتزامات.  كما وضح القانون أن الشخصية القانونية لا تقتصر على الإنسان بل تثبت كذلك لمجموعات الأشخاص أو الأموال كالشركات والمؤسسات والجمعيات وهو ما يطلق عليه اصطلاح الشخصية الاعتبارية أو الحكمية أو المعنوية.  ولا يشترط لاكتساب وصف الشخصية القانونية أن تتوافر الصلاحية لاكتساب جميع الحقوق وتحمل جميع الالتزامات، بل يكفي توافر الصلاحية لاكتساب حق واحد.
   يتضح مما تقدم أن الشخصية القانونية تثبت لنوعين من الأشخاص وهما:  الشخص الطبيعي (الإنسان) والشخص الحكمي (مجموعة من الأفراد أو الأموال)، بمعنى أن الشخص في عالم القانون يشمل الشخص الطبيعي والشخص الحكمي.  وعليه يجب علينا التعرف عليهم بالتفصيل.
المطلب الأول:  الشخص الطبيعي
    الشخص الطبيعي هو الإنسان وكل إنسان يتمتع بالشخصية القانونية حتى ولو لم يكن لديه إرادة واعية أو كان معدوم الإرادة كالصغير غير المميز أو المجنون عديم التمييز.  إلا أن ثبوت الشخصية القانونية لكل إنسان لا يعني تساوي الجميع في اكتساب نفس الحقوق، حيث تختلف هره الحقوق نوعا وكما من إنسان لأخر.
   ولا تثبت الشخصية القانونية للحيوان، حيث يعتبر الحيوان قانوناً من الأشياء ولا يكتسب أي حق ولا يتحمل كلك أي التزام، أما عن النصوص القانونية التي تجرم إيذاء الحيوان، فهي تخاطب الإنسان وتفرض عليه التزامات تتعلق بهذا الأمر وذلك تحقيقاً لمصلحة الإنسان نفسه والتي توصل إلى تحقيق المصلحة العامة.
    ولما كانت الشخصية القانونية تثبت لكل إنسان، فهذا يستدعي دراسة مدة هذه الشخصية بحيث نحدد بدايتها ونهايتها ثم نتحدث عن مميزات الشخصية القانونية للشخص الطبيعي وأخيراً عن المراحل التي تمر بها الشخصية وهو ما يعرف بموضوع الأهلية، وعليه فإن دراستنا لهذا المبحث تقتضي تقسيمه إلى الفروع التالية.
الفرع الأول:  مدة الشخصية القانونية
   تنص المادة (38) من مشروع القانون المدني الفلسطيني على أنه:  "1.  تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً وتنتهي بموته.  2.  يحدد القانون حقوق الحمل المستكن".  يتضح أن هذا النص يحدد بداية الشخصية القانونية للإنسان ونهايتها، وهذا ما سندره في الغصنين الآتيين.
الغصن الأول:  بدء الشخصية القانونية
   قررت الفقرة من المادة السابقة قاعدة عامة بخصوص بدء شخصية الإنسان وهي أن شخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً، كما قررت الفقرة الثانية من نفس المادة خروجاً على هذه القاعدة أو الأصل يتعلق بالجنين أو الحمل المستكن وندر ذلك في النقاط الآتية:
أولاً:  القاعدة العامة في بدء الشخصية القانونية
     يتضح من الفقرة الأولى من المادة (38) سالفة الذكر أنه يجب، توافر شرطين لبدء الشخصية القانونية للشخص الطبيعي (الإنسان وهي:  تمام الولادة وتحقق حياة المولود.
1-  الشرط الأول:  تمام الولادة:  ويقصد بتمام الولادة تمام انفصال المولود عن أمه انفصالاً تاماً وبالتالي لا يكفي لتحقيق هذا الشرط خروج جزء من المولود ولو كان معظمه.  بالإضافة غلى ذلك فإن انفصال المولود عن أمه يجب أن يكون بالوضع وليس بالإجهاض، وحيث أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر فإن أي انفصال يقع قبل ذلك يعتبر إجهاضاً وليس ميلاداً، وعليه لا تكتسب الشخصية القانونية.
2-  الشرط الثاني:  تحقيق حياة المولود:  ويقصد بذلك ان ينفصل المولود عن بطن أمه حياً دون أن يشترط أن يكون قابلاً للحياة في المستقبل، بل يشترط تحقق الحياة ولو للحظة واحدة.  ويستدل على تحقق حياة المولود من علامات ظاهرة وخارجية كالبكاء والصراخ والشهيق، فإذا لم يحدث شيئاً من ذلك يتم الرجوع إلى أهل الخبرة من الأطباء لمعرفة تحقق الحياة من عدمه على اعتبار أن هذه المسألة مسألة طبية وليست مسألة قانونية.
ثانياً:  الاستثناء (ثبوت الشخصية القانونية للجنين):
  خروجاً على القاعدة العامة في بدء الشخصية القانونية للشخص الطبيعي بتمام الولادة وتحقق الحياة للمولود، قرر القانون ثبوت الشخصية القانونية من قبل الولادة للجنين او الحمل وهذا ما جاء في الفقرة الثانية من المادة (38) من مشروع القانون المدني الفلسطيني "يحدد القانون حقوق الحمل المستكن".  وعليه فإن الجنين يكتسب الحقوق التي يقرها القانون له فيثبت له الحق في النسب والحق في الإرث والحق في الوصية وفي الإفادة مع الاشتراط لمصلحة الغير.  ويستفاد من ذلك أن الجنين يكتسب كل الحقوق التي تسبب اغتناءً له وهي الحقوق النافعة نفعاً محضاً، كما يلاحظ أن هره الحقوق لا تحتاج إلى قبول وعليه فإن الحقوق التي تحتاج إلى قبول مثل الحقوق الناشئة عن عقد البيع أو الإيجار تثبت للجنين.  إذن يثبت للجنين قبل الولادة شخصية قانونية وذلك على خلال الأصل، إلا أن هره الشخصية ناقصة لا تمنحه إلا أهلية وجوب ناقصة أو محدودة تمكنه من اكتساب بعض الحقوق وهي التي تنفعه نفعاً محضاً ولا تحتاج إلى قبول منه.
    وتعتبر هذه الشخصية الناقصة للجنين غير باتة حيث إنه يتوقف استقرارها نهائياً على ولادته حياً، بمعنى أن شخصية الجنين والحقوق التي تثبت له بمقتضاها تكون معلقة على شرط ولادته حياً، فإذا ولد حياً استحق هذه الحقوق منذ ثبوتها له وقت الحمل، أما إذا ولد ميتاً فيعتبر كأنه لم يكن ولم تتقرر له أية حقوق ويرد الموقوف له من الإرث أو الوصية إلى التركة ويقسم بين الورثة.  علاوة على ما تقدم، لا يكون الجنين أهلاً لتحميل الالتزامات، لأنه لا يتمتع بأهيلة وجوب كاملة بل ناقصة تمكنه من اكتساب بعض الحقوق دون تحميل أي التزام.
الغصن الثاني:  انتهاء الشخصية القانونية
    وفقاً للفقرة الأولى من المادة (38) من مشروع القانون المدني الفلسطيني فإن شخصية الإنسان تنتهي بموته، إلا أنه هناك أحوال لا يعلم فيها حياة الشخص من موته كما هو بالنسبة للمفقود الذي إذا غلب احتمال هلاكه على احتمال حياته يحكم القضاء باعتباره ميتاً وانتهاء شخصيته القانونية.  ويتضح من ذلك أن الأصل في انتهاء الشخصية أن تنتهي بالموت الحقيقي واستثناء تنتهي بالموت التقديري أو الحكمي، وهذا ما سنوضحه في النقاط الآتية:
أولاً:  القاعدة العامة (نهاية الشخصية بالموت الحقيقي):
    إن بقاء الشخصية القانونية للإنسان رهينة بحياته، فإذا انقضت الحياة انتهت الشخصية القانونية، وعليه فإن الشخصية القانونية للإنسان تنتهي بالموت الحقيقي، والموت هو توقف خلايا المخ عن الحياة بصورة نهائية واستحالة عودتها مرة أخرى، فمن هره اللحظة يعتبر الإنسان ميتاً، ويتم التحقق من ذلك بالاستعانة بالأجهزة الطبية وبالأطباء الخبراء.
    ويذهب بعض فقهاء الشريعة الإسلامية إلى أن الشخصية القانونية تبقى ممتدة امتداداً اعتبارياً بعد الموت إلى حين الفراغ من تصفية التركة وسداد ديون المتوفي.  ويهدف هذا الرأي إلى حماية دائني التركة لكي يستوفوا حقوقهم منها، ونتفق مع بعض الفقهاء في عدم ضرورة هذا التصوير الذي يقوم على المجاز حيث يمكن تحقيق الهدف بدونه، فأموال التركة تنتقل إلى الورقة محملة بالدين ولا توزع التركة على الورثة إلا بعد سداد الديون وفقاً لقاعدة "لا تركة غلا بعد سداد الديون" والقول بغر ذلك فيه مخالفة للنص الصريح في القانون والذي يقضي بانتهاء شخصية الإنسان بالموت.
ثانياً:  الاستثناء (نهاية الشخصية بالموت الحكمي أو التقديري):
    في بعض الأحوال يصعب معرفة ما إذا كان الشخص قد مات أم لا، فقد يفقد الشخص ولا يعلم إذا كان حياً أم ميتاً، فتقضي المصلحة العامة في هذه الحالة الحكم باعتباره ميتاً موتاً حكمياً، ولتوضيح هذا الأمر يتعين تحديد من هو المفقود؟  ثم متى يحكم القضاء باعتبار المفقود ميتاً؟  ثم ما هو أثر الحكم باعتبار المفقود ميتاً؟  وأخيراً النتائج التي تترتب على عودة المفقود وذلك في النقاط الآتية.
1-  من هو المفقود؟
    المفقود هو الشخص الذي انقطعت أخباره فلا يعرف مكانه ولا تعلم حياته من مماته، ويكون فقده في ظروف من شأنها أن تعرض الحياة للخطر، وهذا هو وجه الاختلاف بين المفقود والغائب حيث أن الغائب هو الشخص الذي ترك موطنه أو محل إقامته منذ زمن طويل ولكن حياته معلومة.  ولا يثير الوضع القانوني للغائب أية مشكلة حيث تعين المحكمة وكيلاً عنه بناءً على طلب صاحب المصلحة يدير أمواله وشئونه طوال فترة الغيبة لتعذر قيامه بذلك بنفسه، أما المفقود فيعتبر ميتاً بتوافر شروط ذلك نتيجة انقضاء شخصيته القانونية.
2-  متى يحكم القضاء باعتبار المفقود ميتاً؟
   لقد تعرض الفقه الإسلامي لحكم المفقود فقرر المذهب الحنفي أن القاضي يحق له أن يحكم باعتبار المفقود ميتاً موتاً حكمياً إذا مات أقرانه الذين هم في مثل سنه، وقرر بعض فقهاء هذا المذهب أن سن الأقران هو سبعين سنه وقدره البعض الآخر بتسعين ومنهم من قدره بمائة وعشرون سنه، حيث أن مضي هه المدة الطويلة يعتبر قرنية على وفاة الشخص وما
 جاء في المذهب الحنفي كان هو المطبق لدينا في قطاع غزة إلى أن صدر قانون حقوق العائلة رقم (303) لسنة 1954 والذي بين حكم المفقود في المادة (119) منه والتي فرقت بين حالتين وهما:
أ.  الحالة الأولى:  القد في ظروف يغلب فيها الهلاك:  كالمفقود في الحرب أو في كارثة كزلزال أو بركان أو حريق أو فيضان، يأخذه في هذه الحالة بالاحتمال الغالب وهو الهلاك (الموت)، ويكون للقاضي استناداً إلى قرنية الوفاة وبناءً على طلب أصحاب المصلحة وبعد التحري بكل طريقة ممكنة أن يحكم باعتبار المفقود ميتاً بعد مضي أربع سنوات على الفقد.
ب.  الحالة الثانية:  الفقد في ظروف لا يغلب فيها الهلاك:  كمن يسافر للتجارة أو للتعليم أو السياحة وتنقطع أخباره ولا تعلم حياته من مماته، في هذه الحالة يترك أمر تحديد المدة التي يحكم بانقضائها بموت المفقود إلى تقدير القاضي والذي عليه أن يتحرى بكل طريقة ممكنة عن المفقود، ولكن في جميع الأحوال لا تقل المدة التي يحكم القاضي بعد مرورها بموت المفقود عن أربع سنوات، حيث تشكل هذه المدة الحد الأدنى التي لا يجوز الحكم بموت المفقود قبل انقضائها.
3-  أثر الحكم باعتبار المفقود ميتاً:
   يترتب على الحكم باعتبار المفقود ميتاً حكمياً انتهاء شخصيته القانونية بحيث يعامل معاملة الميت موتاً حقيقياً، ويسري هذا الأثر من تاريخ صدور الحكم لا من تاريخ الفقد وذلك لأن الحكم الصادر عن القضاء في هذه الحالة هو حكم منشأ للموت الاعتباري وليس كاشفاً عنه، بمعنى أن الحكم باعتبار المقود ميتاً له أثر رجعي وإنما أثره مباشر يبدأ من تاريخ صدوره، ويترتب على ذلك نتيجتان وهما:
أ-  تبقى للمفقود الشخصية القانونية قبل صدور الحكم وتكون شخصية احتمالية، بحيث تبقى أمواله مملوكة له ويعين وكيل لإدارتها ورعايتها، وتظل زوجته على ذمته إلا إذا حكم القضاء بناء على طلبها بالتطليق بسبب الغيبة، كما يوقف له نصيبه من ميراث أو وصية حتى يتضح أمره.
ب-  تنتهي الشخصية القانونية للمفقود من تاريخ صدور الحكم ويأخذ حكم الميت موتاً حقيقياً بحيث تنقضي رابطة الزوجية بزوجته وعتد عدة الوفاة ويحق لها أن تتزوج بغيره كما توزع أمواله على ورثته.
4-  النتائج المترتبة على عودة المفقود:
    طالما أن الحكم بوفاة المفقود هو حكم اعتباري فإنه يسقط بظهور المفقود وآثاره كذلك، بحيث يعتبر المفقود كأنه لم يفقد شخصيته القانونية ولكن ذلك بشرط آلا يضر بحقوق الغير سواء بخصوص أمواله أو بخصوص زوجته، وفيما يلي توضيح ذلك:
أ-  بالنسبة لأموال المفقود:  بعد ظهور المفقود يعتبر الحكم بموته كأن لم يكن، وعليه يحق له أن يسترد أمواله التي وزعت على الورثة، ولكن لا يحق له أن يسترد ما استهلكه الورثة من اهذه الأموال أو ما تصرفوا به إلى الغير وأصبح ملكاً للغير، بمعنى أنه يسترد أمواله المتبقية في أيدي الورثة، وتبرير ذلك أن الورثة تصرفوا أو استهلكوا ما يعتبر ملكاً لهم بمقتضى سند شرعي وهو الحكم القضائي.
ب-  بالنسبة لزوجة المفقود العائد:  لا تثور أية مشكلة إذا لم تكون الزوجة قد تزوجت برجل آخر حيث أنها تعود إلى زوجها الذي ظهر وتبقى له في هذه الحالة أما إذا تزوجت بآخر ففي هذه الحالة نفرق بين فرضين.
* الفرض الأول:  ألا يكون الزوج الجديد دخل بها:  في هذا الفرض تعود إلى زوجها الأول المفقود الذي عاد لأن صلة الزوجية مع الزوج الجديد لم تصبح بعد واقعية.
* الفرض الثاني:  أن يكون الزوج الجديد دخل بها:  في هذا الفرض علينا أن نفرق بين حالتين:  الأولى:  أن يكون الزوج الجديد دخل بها وهو سيء النية بأن كان يعلم بحياة الزوج الأول وقت العقد عليها أو قبل الدخول بها، فيعتبر الزواج الثاني باطل في هذه الحالة وتعود الزوجة إلى الزوج الأول، وذلك لكي يرد على الزوج الثاني قصده السيء.  الثانية:  أن يكون الزوج الجديد دخل بالزوجة وهو حسن النية بحيث لا يعلم بحياة الزوج الأول سواء وقت العقد أو قبل الدخول بها، ففي هذه الحالة تبقى للزوج الثاني بشرط ألا يكون قد عقد عليها في عدة الوفاة التقديرية للزوج الأول.  يتضح إذاً أن الزوجة لا تعود إلى المفقود العائد في حالة واحدة فقط وهي أن يكون الزوج الثاني قد عقد عليها ودخل بها وهو غير عالم بحياة الزوج الأول وبعد انقضاء عدتها التقديرية من الزوج الأول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات