أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأحد، 3 يونيو 2018

بحث حول محل الحق في القانون pdf

محل الحق في القانون


يعتبر محل الحق الركن الثاني من أركان الحق، ويقصد بمحل الحق ما يرد أو يقع عليه الحق من شيء أو عمل، وعليه فإن محل الحق قد يكون شيئاً أو عملاً، ويكون شيئاً عندما يكون الحق حقاً عينياً ويكون عملاً عندما يكون حقاً شخصياً، ويختلف محل الحق عن مضمون الحق، حيث أن مضمون الحق يقصد به السلطات أو المكنات التي يخولها القانون لصاحب الحق، فمثلاً حق الملكية مضمونه ما يثبت للمالك من سلطات في استعمال الشيء واستغلاله والتصرف به، أما محله فيتمثل في الشيء الذي ترد عليه هذه السلطات.  يتضح غرن أن كلاً من الأشياء والأعمال تعتبر محلاً للحق، وعليه فإن دراستنا لمحل الحق تقتضي دراسة كلاً من الأشياء والأعمال وذلك عبر مطلبين الأشياء والأعمال.

المطلب الأول:  الأشياء
المقصود بالشيء وتحديد متى يعتبر محلاً للحق المالي:
يقصد بالشيء "كل كائن مستقل في وجوده عن الشخص ويستوي أن يكون هذا الشيء تدب في أوصاله الحياة كالحيوانات والنباتات أو تنعدم فيه الحياة كالبناء والأدوات والآلات".

وتنص المادة (64) من مشروع القانون المدني الفلسطيني على أنه:  "كل شيء لا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصلح أن يكون محلاً للحقوق المالية".  ويتضح من هذا النص أنه يشترط في الشيء لكي يصلح أن يكون محلاً للحق ألا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون، وعليه إذا كان الشيء يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون فلا يصلح أن يكون محلاً للحق.

والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها (المادة 65 من المشروع) بحيث لا يمكن لفرد معين أن ينفرد بها أو يستحوذ عليها بحكم أنها أشياء مشتركة، لجميع الناس الانتفاع بها دون أن يمنع انتفاع بعضهم انتفاع البعض الآخر، ومثالها أشعة الشمس والهواء الطلق وماء البحار والأنهار، وتكمن العلة من خروج هذه الأشياء عن التعامل عدم قابليتها للاستئثار، حيث لا يمكن الاستئثار بأشعة الشمس كلها أو بماء البحر كله أو بالهواء كله، ولكن إذا تم الاستئثار بجزء من هذه الأشياء كأن يضغط كمية من الهواء في اسطوانات أو يتم تحلية جزء من ماء البحر تصبح هذه الأشياء داخلة في التعامل ومحلاً للحق المالي.

أما الأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية في نطاق معين، ويتحقق ذلك في حالتين:

1.  الحالة الأولى:  خروج الشيء عن التعامل مراعاة للغرض الذي خصص له هذا الشيء:
ويكون ذلك عند دخول الشيء تحت مسمى الأموال العامة المملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى وتكون مخصصة للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون، ومن أمثلتها الطرق والميادين والمطارات والمباني الحكومية ...الخ.  ولا يجوز التصرف في هذه الأشياء أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، وعليه فهي لا تصلح محلاً للحق والقول بغير ذلك يتعارض مع كونها وجدت للمنفعة العامة.  ويتضح ذلك من نص المادة (71) من مشروع القانون الفلسطيني التي جاء فيها:  "1.  تعد أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل، أو بمقتضى القانون.  2.  لا يجوز التصرف في الأموال العامة أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم".
2.  الحالة الثانية:  خروج الشيء عن التعامل لأنه من الأشياء المجرمة التي ي
عتبر القانون أن التعامل فيها يخل بالنظام العام:
ومثالها المخدرات والأسلحة غير المرخصة والنقود المزيفة، إلا أنه من الممكن استعمال بعض هذه الأشياء في حالات محددة كاستعمال المخدرات لأغراض طبية.

وتنقسم الأشياء إلى أشياء مادية وأشياء معنوية وإلى أشياء مثلية وأشياء قيمية وإلى أشياء قابلة للاستهلاك وأشياء غير قابلة للاستهلاك وإلى أشياء عامة وأشياء خاصة وأخيراً إلى عقارات ومنقولات.  ونكتفي بدراسة تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات باعتباره أهم هذه التقسيمات.
-  العقارات والمنقولات:
يعتبر تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات أهم تقسيم للأشياء، وقد نصت على هذا التقسيم المادة (68) من مشروع القانون المدني الفلسطيني، حيث جاء فيها:  "كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير في هيئته فهو عقار، وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول".

ويتضح من هرا النص أن تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات يعتمد على معيار مادي يتمثل في ثبات الشيء من عدمه، بحيث تعتبر الأشياء الثابتة كالمباني والأراضي عقارات أما الأشياء القابلة للحركة فتعتبر منقولات كالسيارات والأثاث، وعلى ذلك تختلف القواعد القانونية التي تحكم العقارات عن تلك التي تحكم المنقولات.  وعليه فإن دراسة هذا التقسيم تتطلب دراسة العقارات أولاً ثم المنقولات وأخيراً الأهمية المترتبة على تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات على النحو الآتي.

1-  العقارات:
إن اعتماد المعيار المادي في تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات يرتكز على ثبات الشيء من عدمه يحث إذا كان الشيء ثابتاً لا يمكن نقله من مكانه دون تلف فيعتبر عقار، إلا أن هذه القاعدة في بيان العقار يرد عليها استثناء يتمثل في اعتبار بعض المنقولات عقارات بحيث تأخذ حكم العقار لكونها مخصصة لخدمة عقار.  وبناء عليه فإن العقار قد يكون عقاراً بطبيعته وفقاً للمعيار المادي السابق ذكره، وقد يكون عقاراً بالتخصيص أي لكونه مخصص لخدمة عقار، وعليه تنقسم العقارات إلى عقارات بطبيعتها وعقارات بالتخصيص وندرس كلا النوعين من العقارات في النقاط الآتية.
أ.  العقارات بطبيعتها:
يتضح من النص السابق أن العقار بطبيعته هو كل شيء ثابت مستقر يجيزه لا يمكن نقله من مكانه دون تلف أو تغيير في هيئته، وعلى ذلك فإن كل شيء ثابت في مكان معين ولا يمكن أن ينتقل من هذا المكان دون أن يتلف أو تتغير هيئته يعتبر عقاراً بطبيعته وفقاً للمعيار المادي السابق ذكره، وعلى ذلك تعتبر الأراضي عقارات سواء كانت هذه الأراضي مخصصة للزراعة أو للبناء وكذلك ما يوجد في جوف الأرض من مناجم أو محاجر تعتبر عقارات بالطبيعة، ويعتبر كذلك عقارات بالطبيعة ما يوجد على سطح الأرض بشكل ثابت كالمزروعات أو الأشجار أما النباتات التي يتم وضعها في أحواض فلا تعتبر عقارات، وتعتبر عقارات بالطبيعة المباني التي تقام الأرض سواء كان إقامتها بشكل دائم أو بشكل مؤقت، حيث أنه لا يمكن نقلها من مكانها لمكان آخر دون أن يصيبها التلف أو التغيير في الهيئة، أما بالنسبة لما يكون من الممكن نقله من مكان دون تلف فلا تعتبر عقاراً ومثال ذلك الأكشاك الخشبية الغير مثبتة.  وتعتبر من قبيل العقارات بطبيعتها المنقولات التي تلتصق بالعقارات بحيث لا تنتزع منه دون تلف مثل المصاعد وصنابير المياه والشبابيك والأبواب، وذلك لكونها عنصراً جوهرياً في العقار بحيث تكمله وعليه فإنها تأخذ صفته.

ب.  العقارات بالتخصيص:
تنص المادة (70) من مشروع القانون المني الفلسطيني على أنه:  "يعد عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالكه في عقار له، رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، ولو لم يكون متصلاً بالعقار اتصال قرار".
ويتضح من هذا النص أن العقار بالتخصيص هو عبارة عن منقول بحصب طبيعته ويضعه مالكه في عقار له رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، ويعتبر القانون هذه المنقولات بحسب طبيعتها عقارات بالتخصيص، وتأخذ بالتالي حكم العقار وتخضع لما يخضع له من قواعد قانونية بحيث يرتبط المنقول بالعقار ارتباطاً وثيقاً، ولكن الفصل بين العقار والمنقول المخصص لخدمته.  ويرجع السبب في الربط بين العقار والمنقول على هذا النحول إلى الأهمية الكبيرة التي تحظى بها العقارات داخل الدولة، حيث يرتبط استغلال العقار واستثمار باقتصاد الدولة، وعليه يهدف المشرع من هذا الربط إلى عدم توقف العقار عن العمل والاستغلال بتاتاً بسبب مثلاً الحجز على المنقولات التي تخدم هذا العقار.  يتضح إذن أن فكرة العقارات بالتخصيص هي من قبيل المجاز القانوني أي أنها من افتراض المشرع الذي بُني على العلاقة أو الرابطة الوثيقة بين العقار وما يخصص لخدمته من منقولات بحيث يخضعها إلى قواعد موحدة وهي القواعد التي يخضع لها العقار لكي يضمن استغلال العقارات بأحسن وجه.
ومن أمثلة العقارات بالتخصيص في المجال الزراعي المحاريث المخصصة لحرث الأرض والآلات الخاصة برش المبيدات الحشرية وأدوات الري المخصصة لسقي الأرض، ومن أمثلتها في المجال الصناعي السيارات المخصصة لنقل عمال المصانع والبضائع المنتجة والمعدات اللازمة للمصنع والآلات الميكانيكية التي يدار بها المصنع، ومن أمثلتها في المجال التجاري المعدات اللازمة لعمل المطاعم أو الفنادق أو لتسيير المحل التجاري، كما تعتبر عقارات بالتخصيص الأسرة والعقاقير والمكاتب الموجودة في المستشفيات، وكذلك ما يوجد في المدارس من مقاعد.

بحث حول محل الحق في القانون
2-  المنقولات:
المنقول هو الشيء غير الثابت الذي ينتقل من مكان لآخر دون تلف أو تغيير في هيئته، وإذا كان هذا هو الأصل فإنه يرد عليه استثناء بحيث تعتبر بعض العقارات منقولات، وبالتالي تأخذ حكم المنقول، وعليه فإن المنقولات تنقسم إلى منقولات بطبيعتها ومنقولات بحسب المآل، ونبين ذلك في النقاط الآتية.

أ.  المنقولات بطبيعتها:
المنقول بطبيعته هو عبارة عن الشيء الذي يمكن أن ينتقل من مكان إلى آخر دون تلف، وقد يكون المنقول شيئاً مادياً كالسيارة والأثاث والطائرة والسفينة والحيوان ... الخ، كما قد يكون المنقول شيئاً معنوياً كالاسم التجاري وأفكار المؤلفين أو المخترعين ..الخ.  والعبرة في كون الشيء منقولاً أم لا هو قابليته للانتقال من مكانه لمكان آخر دون أن يتلف أو تتغير هيئته، ولا يغير من هذا الأمر كون المنقول قد أعد للبقاء في مكان معين دون أن ينتقل من كالأكشاك الاستحمام المقامة على البحر أو العوامات...الخ.

ب.  المنقولات بحسب المآل:
المنقول بحسب المآل عبارة عن شيء يعتبر في الأصل عقار بطبيعته إلا أن القانون اعتبر هذه العقارات منقولات بحسب ما ستؤول إليه في المستقبل القريب، ومن أمثلة المنقول بحسب المآل المباني المعدة للهدم والأشجار المعدة للقلع والمحصولات الزراعية قبل نضجها.
وتوقع فكرة المنقول بحسب المآل على افتراض قانوني بحيث تعتبر العقارات بطبيعتها منقولات بحكم أنها ستصبح كذلك، وبهدف إخضاع هذه الأشياء لحكم المنقول من باب التيسير في الإجراءات التي يمكن ان تتخذ بخصوص التصرف في الشيء أو التنفيذ عليه، حيث أن القيود التي يخضع لها العقار بشأن بيعه أو التنفيذ عليه أكثر تعقيداً من تلك التي يخضع لها المنقول.
وبناء عليه فإن فكرة المنقول بحسب المآل تقابل فكرة العقارة بالتخصيص فكلا الفكرتين تعتبران استثناء يرد على القاعدة أو الأصل لغاية ارتآها المشرع يحقق من خلالها للتيسير على الأفراد.

3-  أهمية تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات:
يترتب على اعتبار الشيء عقاراً أم منقولاً العديد من النتائج الهامة والتي تعتبر أهمية تترتب على تقسيم الأشياء إلى عقارات ومنقولات، ونعرض فيما يل لأهم النتائج والآثار القانونية التي تترتب على هذه التفرقة:
أ.  من حيث انتقال الملكية:  ترتب على ثبات العقار وما يتمتع به من قيمة وأهمية أن يخضع انتقال ملكيته إلى إجراءات شكلية معينة، بحيث لا تنتقل ملكية العقا بمجرد انعقاد العقد بل لابد من اتباع إجراءات التسجيل في دائرة تسجيل الأراضي التي يقع في دائرتها العقار، وعليه فإن ملكية العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل، أما بالنسبة للمنقول فتنتقل ملكيته إذا كان شيئاً معيناً بالذات بمجرد انعقاد العقد، وإذا كان شيئاً معيناً بالنوع فتنتقل ملكيته بالإفرا.
ب.  من حيث إجراءات التنفيذ الجبري:  للحجز على العقار إجراءات تتبع وتعتبر أكث تعقيداً من تلك الإجراءات التي تتبع في الحجز على المنقول، حيث تتميز الإجراءات المتبعة في الحجز على العقار بالدقة والتعقيد على خلاف المنقول الذي يتم الحجز عليه من قبل الدائنين بإجراءات مبسطة لا يوجد فيها تعقيد وتتم بشكل أسرع.
ج.  من حيث الحيازة:  تؤدي حيازة المنقول بحسب نية إلى اكتساب ملكيته، حيث أن حيازة المنقول بحسن نية سند الملكية دون اشتراط مرور مدة معينة على الحيازة، فإذا توافرت شروط الحيازة بأن كانت حيازة قانونية، وكان الحائز حسن النية فإنه يكسب ملكية المنقول في الحال، أما بالنسبة للعقار فلا تكفي الحيازة لتملكه بل يلزم مرور مدة معينة على حيازته يحددها القانون وتقدر في الغالب بخمس عشرة سنة.
د.  من حيث دعاوي الحيازة:  قرر القانون مجموعة من الدعاوي لحماية الحيازة وهي دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة، إلا أن هذه الدعاوي مقررة لحماية حائز العقار فقط بحيث لا يحق لحائز المنقول استعمالاها.
ه.  من حيث الحق في الشفعة:  الشفعة عبارة عن رخصة تجيز للجار أو الشريك ان يحل محل المشتري وتكون له الأولوية في التقدم عليه، وتعتبر الشفعة سبباً من أسباب كسب الملكية إلا أنها لا تعتبر كذلك غلا بخصوص العقارات دون المنقولات، فلا يثبت الحق في الشفعة إلا في حالة بيع العقار.
و.  من حيث الحقوق العينية التي ترد على الشيء:  الحقوق العينية كحق الارتفاق وحق السنى وحق الاختصاص والرهن الرسمي لا ترد إلا على العقار بحيث لا يمكن أن ترد على المنقول.
ز.  من حيث الاختصاص المحلي للمحاكم:  تختص بنظر النزاع المتعلق بعقار المحكمة التي يقع في دائرتها العقار محل النزاع (محكمة موقع العقار)، بينما تختص بنظر النزاع المتعلق بمنقول محكمة موطن المدعى عليه.
ح.  من حيث الاستملاك الجبري:  يجوز للدولة أو الإدارة أن تنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل، وهذا ما يسمى بالاستملاك الجبري، ويرد الاستملاك الجبري على العقارات فقط، أما المنقولات فلا يمكن استملاكها استملاكاً جبرياً بل قد تستملك استملاكاً مؤقتاً، كأن تستعمل السلطة سيارات المواطنين في حالات الحرب والكوارث.
ط.  من حيث سداد ديون التركة:  عند وفاة الشخص إذا لم تكف النقود التي تركها لسداد ديونه يتم سداد الباقي من ثمن بيع المنقولات التي تركها أولاً فإذا لم تكف لسداد الديون يتم السداد من ثمن بيع العقارات.

المطلب الثاني:  الأعمال
يعتبر العمل محلاً للحق الشخصي، والعمل قد يكون بإعطاء شيء، وقد يكون عملاً إيجابياً غير الإعطاء، كما قد يكون امتناعاً عن عمل، إلا أن الفقه الحديث يتجه إلى اعتبار الإعطاء صورة من صور القيام بعمل إيجابي، وعلى ذلك ينحصر محل الحق الشخصي في القيام بعمل إيجابي أو سلبي.  ويشترط القانون في محل الحق الشخصي هو العمل عدة شروط وهي أن يكون العمل ممكناً ومعيناً أو قابلاً للتعيين ومشروعاً، ونتناول دراسة هذه الشروط في النقاط التالية:

أولاً:  شرط الإمكان:
يشترط في العمل محل الحق الشخصي أن يكون ممكناً، فإذا كان العمل مستحيلاً لا ينشأ الالتزام ويعتبر العقد باطلاً، والاستحالة قد تكون استحالة مطلقة أو استحالة نسبية، والاستحالة المطلقة هي التي يترتب عليها الأثر السابق وهو بطلان العقد وهذا ما أكدته المادة (132) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "إذا كان محل الالتزام مستحيلاً في ذاته وقت العقد كان العقد باطلاً".
ويقصد بالاستحالة المطلقة تلك التي تجعل العمل مستحيلاً في ذاته بحيث لا يستطيع المدين القيام به ولا أي أحد من الناس، وقد ترجع الاستحالة المطلقة إلى حكم الطبيعة كأن يلتزم شخص بأن يشرب ماء البحر كله أو أن يلمس الشمس ...الخ، كما قد ترجع الاستحالة المطلقة إلى حكم القانون :ان يتعهد أو يلتزم محام بأن يرفع استئناف عن حكم فات استئنافه.  ويقصد بالاستحالة النسبية تلك التي تقوم بالنسبة للمدين ولا تقوم بالنسبة لغيره من الناس، أي أن المدين لا يستطيع القيام بالعمل بينما يستطيع القيام به شخص آخر غيره، ومثال ذلك أن يلتزم شخص برسم لوحة فنية في حين أنه ليس برسام فلا يستطيع أن يقوم بالعمل في هذه الحالة إلا أن غيره يمكن أن يقوموا بالعمل، أو أن يلتزم شخص بالغناء في حفلة في حين أنه ليس بمغني فلا يستطيع في هذه الحالة أن يقوم بالعمل بنفسه إلا أن غيره يمكنه القيام بالعمل، وبناء على ذلك فإن الاستحالة النسبية لا تنع من نشوء الالتزام وعليه يتوافر في هذه الحالة شرط الإمكان ويقوم المدين بالالتزام بتنفيذه عن نفقته كأن يتفق مع رسام على رسم اللوحة التي تعهد برسمها أو أن يتقف مع مغني لإحياء الحفلة التي تعهد بإحيائها، فإذا امتنع المدين عن ذلك يون ملتزماًً بالتعويض نتيجة عدم تنفيذه لالتزامه.

ويتوافر شرط الإمكان عندما يكون محل الالتزام إعطاء شيء حتى ولو كان الشيء غير موجود وقت نشوء الالتزام طالما أنه ممكن وجوده في المستقبل، ومثال ذلك أن يبيع شخص لآخر محصول قبل نضوجه أو منتجات مصنع قبل أن تصنع، إلا أنه إذا كان القانون لا يجيز التعامل في الشيء المستقبل بخصوص شيء معين لفلا يتوافر شرط الإمكان في هذه الحالة ومثال ذلك التعامل في التركة المستقبلية، حيث لا يجيز القانون التعامل في تركة الإنسان قبل وفاته حتى ولو تم التعامل برضاه، إلا إذا أجاز القانون التعامل الوارد على التركة، حيث يجيز القانون التعامل الوارد على التركة عن طريق الوصية أو الوقف وفي الحدود التي يرسمها القانون، وهذا ما أكدته المادة (2/134) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "2.  التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل، لو كان برضاه، إلا في الأحوال التي نص عليها القانون"، ويرجع السبب في حظر التعامل في التركات المستقبلية إلى أن ذلك يخالف الآداب وينطوي على معنى المضاربة على حياة صاحب التركة.

ثانياً:  شرط التعيين:
يجب أن يكون محل الالتزام معيناً أو قابلاً للتعيين وهذا ما تضمنه نص المادة (130) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "1.  إذا لم يكن محل الالتزام معنياً بذاته، وجب أن يكون معنياً بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلاً.  2.  ويكفي أن يكون المحل معيناً بنوعه إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره.  3.  وإذا لم يتفق المتعاقدان على درجة جودة الشيء، ولم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من طبيعة المعاملة، التزم المدين بأن يسلم شيئاً من صنف متوسط".
ويقصد بتعيين المحل أن يكون محدداً تحديداً نافياً للجهالة الفاحشة، فإذا لم يكن المحل معين على هذا النحو فيكفي توافر العناصر اللازمة للنهوض بهذا التعيين عن طريق الظروف الملابسة للتعاقد (القابلية للتعين)، وفي حالة عدم تعيين المحل أو عدم قابليته للتعيين فإن العقد يكون باطلاً.
ويختلف تعيين المحل على هذا النحو بحسب كون الشيء مثلياً أم قيمياً (وذلك في حالة كون المحل إعطاء شيء) فإذا كان الشيء مثلياً فإنه يعين عن طريق ذكر الجنس (القمح مثلاً) والنوع (استرالي مثلاً) والمقدار (طن مثلاً) ودرجة الجودة، وإذا لم يذكر المقدار في العقد وكان يتضمن حيثيات يمكن من خلالها تحديد المقدار لاحقاً فيعتبر أن شرط التعيين متوافر، ومثال ذلك أن يورد شخص أغذية لمدرسة أو جامعة فيعتبر أن المقدار في هذه الحالة قابل للتحديد وفقاً لمتطلبات المدرسة أو الجامعة (القابلية للتعيين)، وفي حالة عدم ذكر درجة الجودة فقد حددت الفقرة الثالثة من المادة السابقة أنه يمكن استغلال درجة الجودة من العرف أو طبيعة المعاملة فإذا لم يتمكنوا من ذلك يلتزم المدين بأن يسلم شيئاً من صنف متوسط، أما إذا كان الشيء قيمياً (معيناً بذاته) فيتم تعيينه عن طريق وصفه وصفاً دقيقاً منبع الجهالة ويكون ذلك بذكر أوصافه الجوهرية فمثلاً إذا باع شخص لشخص آخر منزل يتم تعيينه في هذه الحالة عن طريق تحديد موقعه بذكر رقم القطعة المقام عليها المنزل والقسيمة ومساحة المنزل وما يحده من جميع الجهات، وإذا باع شخص لآخر سيارة ويتم تعيين المحل في هذه الحالة بذكر نوعها ولونها ورقمها ...الخ.
وفي حالة كون محل الحق القيام بعمل أو الامتناع عن عمل كأن يتعهد مقاول بإقامة بناء، فيتم تعيين المحل ببيان مكان البناء ومواصفاته كبيان عدد الطوابق وعدد الغرف ...الخ، فإذا لم يتضمن العقد المواصفات الكفيلة بتعيين المحل فيمكن الاعتماد على ظروف التعاقد وملابساته والتي من خلالها يكون المحل قابل للتعيين، ومثال ذلك مقاول بإقامة مستشفى تشتمل على عدد معين من الأسر فيمكن في هذه الحال من خلال العدد معرفة عدد الطوابق وعدد الغرف...الخ.

ثالثاً:  شرط المشروعية:
يشترط في محل الالتزام أن يكون مشروعاً، ويكون محل الالتزام مشروعاَ إذا كان غير مخالف للنظام العام أو الآداب العامة، وعليه إذا كان محل الالتزام مخالف للنظام العام أو الآداب يكون العقد باطل ولا يترتب أي أثر قانوني، وقد نصت على ذلك المادة (131) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً".  وعليه إذا قام شخص بالتعهد بارتكاب جريمة مقابل مبلغ من المال أو ببيع كمية من المخدرات فإن هذا الاتفاق يقع باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني نظراً لعدم مشروعية محل الالتزام لمخالفته للنظام العام والآداب.
وتعتبر فكرة النظام العام والآداب العامة فكرة مرنة ونسبية حيث تختلف من مجتمع لآخر ومن زمان لآخر داخل نفس المجتمع، والقضاء هو الجهة المخولة بتحديد ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة وما لا يعتبر كذلك وفقاً لظروف المجتمع والأفكار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والخلقية السائدة فيه.

لتحميل الملف اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات