أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الخميس، 1 مارس 2018

بحث كامل حول النفقات العامة pdf

بحث كامل حول النفقات العامة


يعتبر الإنفاق العام Public Expenditures أداة مهمة من الأدوات المالية الرئيسية التي تستخدمها الحكومة من أجل إشباع الحاجات العامة وتحقيق أهداف المجتمع.  وعلى الرغم من أن الإنفاق العام يمكن الحكومة من تسيير أجهزتها الإدارية، إلا أن حجم ذلك الإنفاق يعكس لدرجة كبيرة فعالية الحكومة، ومدى تأثيرها في النشاط الاقتصادي.  وبصورة عامة يعتبر الإنفاق العام مقياساً نقدياً للسلع والخدمات التي تقدمها الحكومة للمجتمع.
أولاً:  مفهوم النفقة العامة
تعرف النفقة العامة بصورة رئيسية بأنها مبلغ نقدي يقوم بدفعه شخص عام من أجل إشباع حاجة عامة.  فمن هذا التعريف يمكن تحديد ثلاثة أركان للنفقة العامة يلزم توافرها هي:
1.  الشكل النقدي للنفعة العامة:  وهذا يعني أن شكل النفقة العامة يأخذ طابعاً نقدياً، أي أن النفقات العامة تتم في صورة تدفقات نقدية، ويترتب على ذلك استبعاد جميع الوسائل غير النقدية التي كانت تستخدم في الماضي  فقد كانت الدول في الماضي تلجأ أحياناً إلى وسائل دفع عينية، أو تقديم مزايا معنوية من أجل الحصول على ما تحتاجه من خدمات عامة تقدمها للمجتمع.
فقد كانت الوظائف العامة غير مأجورة، ويكتفي الشخص الذي يعمل في مثل هذه الوظائف بشيء عيني أو معنوي، مثل أن تهبه الدولة جزءاً من الأملاك العامة، أو تمنحه الألقاب والأوسمة.  ونتيجة لانتشار استخدام النقود في الاقتصاديات المعاصرة حيث انتهى بذلك عهد الاقتصاد العيني وأسلوب المقايضة في التبادل، فقد تم إحلال الوسائل النقدية للدفع في جميع المعاملات الحكومية.  ويترتب على استخدام النقود عدة مزايا كانت هي السبب في انتشار استخدامها كوسيلة وحيدة في المعاملات المالية للحكومة، أهمها تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع في تقويم جهودهم وتقدير مرتباتهم وأجورهم، بالإضافة إلى تحقيق عدالة توزيع الأعباء المالية بين أفراد المجتمع، أي عند استقطاع الحكومة لجزء من موارد الأفراد لتغطية النفقات العامة.  زيادة على ذلك فإن تطبيق أسلوب النفقة العينية يقابله صعوبات إدارية جمة.  حيث يصعب تقدير قيمة الإنفاق العام بدقة زيادة إلى صعوبة مراقبة تنفيذه.  إضافة إلى ذلك، فإن أسلوب النفقة العينية يؤدي إلى عدم إمكانية تطبيق العدالة في تقدير قيمة الخدمات العامة، وكذلك العدالة في إمكانية تطبيق العدالة في تقدير قيمة الخدمات العامة، وكذلك العادلة في توزيع أعباء النفقات العامة بين أفراد المجتمع.
2.  يقوم بالنفقة العامة شخص عام:  ويقصد بالشخص العام كل شخصية اعتبارية تقوم بالخدمة العامة وتخضع لقواعد القانون العام.  وهذه تشمل على سبيل المثال الحكومة المركزية بكل وزاراتها وإداراتها، والحكومات المحلية، والهيئات العامة المستقلة، والوحدات الإدارية المحلية، والبلديات والهيئات القومية.  وهذا التحديد لجهة الإنفاق يمكننا من التمييز بين الإنفاق العام والخاص.  لذا فإن المبالغ التي ينفقها الأفراد الطبيعيون في مجال الخدمة العامة للمجتمع، مثل التبرع ببناء مدرسة أو مستشفى لا تعتبر من قبيل النفقة العامة، حيث يشترط لتكون النفقة عامة أن تخرج من الذمة المالية لأحد أشخاص القانون العام.
3.  هدف النفقة العامة هو إشباع حاجة عامة:  أي تحقيق الصالح العام للمجتمع.  حيث يستفيد أفراد المجتمع بصورة عامة من تلك الخدمة التي تقدمها الحكومة؛ وذلك لأن الأموال التي تغطي هذه النفقات العامة قد تمت جبايتها من الأفراد.  ويعتبر مفهوم الحاجة العامة أمراً نسبياً يختلف من مجتمع لآخر حسب التطور الحضاري والاجتماعي والثقافي لكل مجتمع.  وأحياناً نجد أن عدم وجود تحديد دقيق لمفهوم الحاجة العامة يكون مدعاة لإساءة استعمال النفقات العامة من قبل أجهزة الشخص العام.
اختلفت النظرة الاقتصادية نحو النفقات العامة حسب تطور دور الدولة في النشاط الاقتصادي.  فقد تركز اهتمام الاقتصاديين التقليديين على تحديد المبلغ الواجب إنفاقه وكيفية توزيعه بين وظائف الدولة الأساسية.  وكانوا يرون تحديد حجم الإنفاق العام بأقل مبلغ ممكن حتى يتم بذلك تخفيف العبء المالي على أفراد المجتمع.  والدولة عليها أن تحافظ على أن يكون بين يدي أفراد المجتمع أكبر قدر ممكن من الموارد الاقتصادية، حيث يعدون أكفأ من الحكومة في استخدام مواردهم.
تغيرت النظر نحو الإنفاق العام نتيجة تغير الفكر الاقتصادي نحو أهمية دور الدولة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي.  فازدادت أهمية النفقات العامة باعتبارها أحد الأدوات الرئيسية التي تستخدمها الدولة في التأثير على النشاط الاقتصادي والاجتماعي.  فأصبح الاهتمام في ظل الفكر الاقتصادي الحديث يتركز على دراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للإنفاق العام.  ويترتب على ذلك زيادة الاهتمام بدراسة أنواع النفقة العامة، حيث أن تأثير كل نوع من أنواع النفقات يختلف عن الآخر.  إضافة إلى ذلك فإن التزايد المستمر في حجم الإنفاق العام أضفى أهمية خاصة على دراسة كفاءة استخدام الموارد العامة تحت موضوع تقويم النفقات العامة.  بالإضافة إلى تزايد أهمية النفقات العامة نتيجة ازدياد أهمية الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها معظم الحكومات المعاصرة.
الإنفاق غير المنتج:
الإنفاق غير المنتج هو الفرق بين الإنفاق الحكومي على برنامج معين والإنفاق الحكومي على البرنامج نفسه ولكن باستخدام كفؤ لذلك الإنفاق، مما يترتب عليه إنفاق أقل لتحقيق الهدف نفسه.  إن معنى وجود الإنفاق غير المنتج طبقاً لذلك يدل على أن الإنفاق الحكومي عالٍ وأنه في الإمكان إنجاز الهدف المطلوب من ذلك الإنفاق بإنفاق أقل.  وقد يؤدي وجود الإنفاق غير المنتج إلى زيادة عجز الميزانية أو فرض ضرائب أكثر على القطاع الخاص، مما قد ينتج عن ذلك آثار غير محببة على القطاع الخاص، كما أن وجود الإنفاق غير المنتج قد يؤدي إلى زيادة الاقتراض الحكومي.
وهناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى وجود الإنفاق غير المنتج، من بين هذه العوامل:
1.  استخدام أعداد إضافية من القوى العاملة أو ما نطلق عليه البطالة المقنعة.  يدخل ضمن ذلك وجود بعض عناصر الإنتاج الإضافية غير اللازمة في العملية الإنتاجية أو وجود عمالة غير مدربة تدريباً جيداً، مما يعني إمكانية إنجاز العمل بعمالة أقل ولكنها أكثر تدريباً.
2.  عدم الدراسة الكاملة لجميع الوسائل والطرق التي يمكن أن يتم من خلالها إنجاز المشروع بأقل التكاليف.
3.  المعارضة السياسية والإدارية لتخفيض برنامج معين.
4.  الفساد المالي والإداري.
5.  ارتفاع نسبة المشروعات التي تحقق أهدافاً سياسية أو وجاهة ولا تحقق أهدافاً اقتصادية واجتماعية، ويطلق على مثل هذه المشروعات اسم الفيل الأبيض White Elephant.
6.  الإنفاق على بعض المشروعات التي تحقق خسارة مثل السكك الحديد، والتي تعد من مهام القطاع الخاص.
7.  إعطاء إعانات يستفيد منها جميع افراد المجتمع، الأغنياء الفقراء، مع أن هناك إمكانية لقصرها على الفقراء فقط.
إنتاجية الإنفاق الحكومي:
مما تقدم يتضح لنا أن الإنفاق الحكومي الأكثر إنتاجية هو الإنفاق الذي يتحقق من خلاله الاستخدام الكفؤ للموارد المالية.  ويتشابه معنى كفاءة الإنفاق العام مع كفاءة الإنفاق الخاص في هذا الخصوص.  فالإنفاق الكفؤ في القطاع الخاص هو ذلك الإنفاق الذي يحقق شرط الحصول على أكبر قدر من الإنتاج بأقل قدر من التكاليف.  باختصار فإن هناك شرطين لوصف الإنفاق الحكومي بأنه منتج أو كفؤ:
أ.  الحصول على أكبر قدر من الإنتاج بأقل قدر من التكاليف.  فالإنتاج الحكومي يجب أن يحقق الهدف المنشود بأقل التكاليف.  وهذا يعني الإنفاق الكفؤ لجميع الموارد الداخلة في تحقيق الهدف المنشود.  يأتي ضمن ذلك الاستخدام الكفؤ للعمل والأموال وبقية العناصر الداخلة في العملية المعنية.
ب.  الحصول على الإنتاج المثالي من جميع أوجه الإنفاق الحكومي.  بمعنى آخر فإن جميع أوجه الإنفاق الحكومي يجب أن تعطي نتائج متساوية، وبهذا نستطيع تحقيق أكبر قدر من إجمالي المنافع.  وحتى نستطيع تحقيق هذا الشرط فإن شرط تحقيق التوازن الذي ينطبق على إنفاق القطاع الخاص يجب أن ينطبق أيضاً على القطاع العام.  فالإنفاق الأمثل في القطاع الخاص يتحقق عندما يتساوى الإيراد الحدي مع التكلفة الحدية.  ويعني هذا أن الشرط في الإفاق الحكومي هو أن تتساوى المنفعة الحدية الاجتماعية مع التكلفة الحدية الاجتماعية لكل إنفاق.  وإذا كان هناك أكثر من برنامج فإن المنفعة الحدية الاجتماعية الناتجة من إجمالي الإنفاق الحكومي يجب أن تتساوي مع التكلفة الحدية في كل البرامج التي تنفق عليها الحكومة.
ثانياً:  ظاهرة نمو الإنفاق العام
بالرغم من معارضة الاقتصاديين التقليديين لزيادة حجم الإنفاق العام، إلا أن هذا الإنفاق كان يزداد باستمرار في معظم دول العالم.  وقد زاد الإنفاق العم بشكل ملحوظ وسريع بعد الحربين العالميتين، حتى أصبحت هذه الزيادة المستمرة في حجم الإنفاق العام ظاهرة تعرف باسم "ظاهرة نمو الإنفاق العام".  ولم تقتصر الزيادة في حجم الإنفاق العام الزيادة المطلقة لأرقام الإنفاق العام، بل كانت الزيادة أيضاً نسبية.
الزيادة المطلقة في الإنفاق العام تعني أن حجم الإنفاق العام يزداد من عام إلى آخر، أي أن أرقام المبالغ المتعلقة بالإنفاق العام التي تظهر في معظم الميزانيات العامة للدول تزداد خلال الزمن.  أما الزيادة النسبية في حجم الإنفاق العام فتعني نسبة الزيادة المطلقة إلى بعض المتغيرات الاقتصادية المهمة في الاقتصاد.  وأهم هذه المتغيرات هو إجمالي الناتج القومي أو الدخل القومي.
1.  التفسير الظاهري لظاهرة نمو الإنفاق العام
تعرض الفكر الاقتصادي لتحليل ظاهرة نمو الإنفاق العام من أجل تفسيرها وبيان الأسباب المؤدية إليها.  ظهرت عدة نظريات تحاول تفسير سلوك الإنفاق العام خلال الفترة طويلة الأجل، أي أن التفسير النظري اهتم بتحليل النمط الزمني للإنفاق العام.  وسنقتصر في هذا المجال على نظريتين تعتبران من أهم النظريات في هذا المجال وهما:  قانون فاجنر، وتحليل بيكوك-وايزمن.
أ.  قانون فاجنر Wagner's Law
أدولف فاجنر اقتصادي ألماني (1835-1917م) من أوائل الذين اهتموا بدارسة ظاهرة نمو النفقات العامة.  فقد لاحظ في دراسته أن هناك نمواً مطرداً للإنفاق العام في ألمانيا وعدد كبير من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان خلال القرن التاسع عشر.  وقد استنتج فاجنر من دراسته نتيجة أطلق عليها فيما بعد مصطلح "قانون فاجنر" وهي أن هناك علاقة تبعية بين النمو الاقتصادي وبين نمو النشاط الحكومي.  ويترتب على ذلك أن حجم القطاع العام، وبالتالي الإنفاق العام، ينمو بمعدل أكبر من معدل نمو الاقتصاد.  وقد أرجع فاجنر هذا النمو في النفقات إلى الأسباب التالية:
1.  توسع الوظائف التقليدية للدولة:  يؤدي النمو الاقتصادي إلى تعقد المعاملات والعلاقات بين الوحدات الاقتصادية المختلفة في المجتمع، وخاصة العلاقات الاقتصادية بين قوى الأٍواق المتوسعة، وهذا يتطلب من الدولة مزيداً من الإجراءات التنظيمية من قوانين تجارية، وتنظيم العقود، بالإضافة إلى التوسع في خدمات العدالة والأمن من أجل تطبيق هذه القوانين.
2.  توسيع نطاق النشاط الحكومي:  يكشف فاجنر هنا عن تصور عميق عن الفكرة الحديثة حول فشل نظام السوق.  والآثار الخارجية لقرارات الوحدات الاقتصادية، مما يستدعي الحكومة إلى زيادة نشاطها الاقتصادي والاجتماعي بالتدخل من أجل رفع كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة لدى المجتمع.  مثال ذلك تقديم الإعانات، وفرض الضرائب على الصناعات ذات الآثار الخارجية  الضارة، ومنع أو تنظيم الاحتكار، وزيادة الجهود نحو إعادة توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى زيادة اهتمام الحكومات تجاه مسئولياتها نحو المجتمع، فازدادت نفقات التعليم والصحة، وكل هذا سيؤدي إلى نمو الإنفاق العام.
3.  زيادة الطب على السلع العامة:  نتيجة لزيادة مستوى الدخل الحقيقي لأفراد المجتمع المترتب على النمو الاقتصادي فإن طلب أفراد المجتمع على خدمات الرفاهية الاجتماعية يزداد بمعدل عالٍ كلما ارتفع مستوى دخلهم الحقيقي.  كان فاجنر ينظر إلى هذه الخدمات العامة على أساس أنها خدمات غير مرغوب فيها، وأن المرونة الداخلية للطلب على مثل هذه الخدمات تعتبر عالية.  وعلى هذا فإن الأنفاق العام على خدمات الرفاهية الاجتماعية سوف يزداد بمعدل عالي.  وتتمثل هذه الخدمات في زيادة الثقافة العامة، مراكز الترفيه، وهذا يؤدي إلى مزيد من الإنفاق العام.
ب.  تحليل بيكوك-وايزمن لنمو الإنفاق العام Peacock-Wiseman Analysis
اعتمد تحليل الاقتصاديين بيكوك-وايزمن على دراسة نمو الإنفاق العام في بريطانيا للفترة ما بين 1980-1955م.  وقد بدأ تحليلهما من الافتراض بأن القرارات بخصوص الإنفاق العام تعتمد على أمور سياسية تتأثر بأصوات الناخبين من أفراد المجتمع.  وكانا يريان أن الفرد يرغب في أن يتمتع بمنافع السلع والخدمات العامة، لكنه لا يرغب في دفع الضرائب؛ لذا حين تقرر الحكومة حجم الإنفاق العام فإنها تراقب بكل دقة رد فعل الناخبين للضرائب التي ستمول هذا القدر من الإنفاق.  وعلى هذا فإن التحليل يفترض أن هناك مستوى معين من الضرائب يشكل قيداً على نمو الإنفاق العام.  ورغم ذلك فإن الإنفاق العام يزداد كلما حقق الاقتصاد نمواً يترتب عليه زيادة في مستوى دخول الأفراد، وبالتالي يزداد حجم الإيرادات العامة بصورة متناسبة مع زيادة الدخول عند معدلات الضرائب السابقة نفسها.  ومن ثم فإنه وفقاً لهذا التحليل تكون هناك زيادة طبيعية ومتناسبة للإنفاق العام في الأوقات العادية.
إلا أن هذا النمو المتناسب مع حجم الإنفاق العام سوف يضطرب في الأوقات التي يتعرض المجتمع فيها إلى أزمات طارئة، مثل حدوث الحروب، والمجاعات والزلازل والمصائب الاجتماعية الكبيرة.
ففي مثل هذه الحالات يكون هناك حاجة ماسة لزيادات كبيرة في الإنفاق العام من أجل مواجهة هذه الظروف الاستثنائية.  ويقبل أفراد المجتمع رفع معدلات الضرائب خلال فترة الأزمات من أجل تمويل الزيادة المفاجئة في حجم الإنفاق العام.  إلا أنه لوحظ أن مستوى الإنفاق العام يستمر عند ذلك المستوى أو قريب منه في الفترة التالية لفترة الأزمة.  وقد أطلق على الانتقال من مستوى الإنفاق والإيراد العام القديم إلى مستوى أعلى نتيجة للظروف الاستثنائية "أثر الاستبدال".  ويمكن إرجاع السبب في حدوث ذلك الأثر إلى عاملين.  الأول وهو أن أفراد المجتمع يقبلون الزيادة الطارئة في حجم الإنفاق العام، وبالتالي فإنهم يقبلون مستوى أعلى من الضرائب لتمويل تلك الزيادة في الإنفاق، وهذا يمكن تسميته بأثر القبول.  والثاني وهو أن الظروف الاستثنائية التي استدعت زيادة الإنفاق العام في حينها لها آثار اقتصادية واجتماعية تضيف التزامات جديدة على الدولة تستمر لما بعد فترة الأزمات.  مثال ذلك:  تسديد الالتزامات المالية المترتبة على إمكانية وجود ديون عامة وقت الأزمة لمواجهة الزيادة في الإنفاق العام، وتدمير كثير من الأصول المادية في المجتمع أثناء الحروب.
2.  أسباب نمو حجم الإنفاق العام:
تختلف الأسباب حسب نوع النمو.  ويمكن التمييز بين نوعين لنمو الإنفاق العم، هما:  النمو الحقيقي والنمو الظاهري.  ويعني النمو الحقيقي للإنفاق العام أن هناك توسعاً في حجم السلع والخدمات لعامة التي تقدمها الدولة للمجتمع أو تحسين مستوى الخدمات العامة القائمة.  فيكون النم الحقيقي للإنفاق العام هو التعبير النقدي لتلك الزيادة في حجم الخدمات العامة ونوعيتها.  أما النمو الظاهري للإنفاق العام، فيعني زيادة في الأرقام النقدية للإنفاق العام دون أن يقابل تلك الزيادة الرقمية أي زيادة في حجم السلع والخدمات العامة المقدمة من الحكومة.  فيكون النمو الظاهري هو زيادة رقمية فقط تعبر عن زيادة ظاهرية للإنفاق العام ولا تعكس أي زيادة في حجم الخدمات العامة أو تحسين مستواها.  ولكل نوع من أنواع نمو الإنفاق العام أسباب تتعلق به.
اسباب النمو الحقيقي للانفاق العام
أ.  أسباب النمو الحقيقي للإنفاق العام:
وهي الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الخدمات العامة سواء من ناحية الكم أو الكيف، وبالتالي يزداد حجم الإنفاق العام.  ويمكن تقسيم هذه الأسباب إلى خمس مجموعات رئيسية:  اقتصادية وسياسية واجتماعية وإدارية ومالية.
وسوف نتعرف لهذه الأسباب بنوع من الإيجاز:
1.  الأسباب الاقتصادية:  وهي التي تُرجع نمو الانفاق العام إلى عوامل اقتصادية ويمكن إجمال تلك العوامل بعاملين رئيسيين هما:  النمو الاقتصادي، وتطور دور الدولة الاقتصادي.  فكيف يمكن أن يؤدي النمو الاقتصادي إلى زيادة حجم الإنفاق العام؟  إن تحقيق النمو الاقتصادي في المجتمع يؤدي إلى ارتفع متوسط دخل الفرد الحقيقي.  وارتفاع مستوى دخول الأفراد يترتب عليه زيادة في الطلب على السلع والخدمات الاستهلاكية.  والسلع والخدمات العامة ما هي إلا مجموعة من ضمن تلك السلع والخدمات التي يزداد طلب أفراد المجتمع عليها حين يرتفع مستوى دخلهم.
كذلك كان لتطور دور الدولة الاقتصادي أثر كبير في زيادة حجم الإنفاق العام في معظم دول العالم.  وكما ذكرنا في السابق أن توسع النشاط الاقتصادي للدولة كان بسبب فشل نظام السوق وعدم تحقيق الاستقرار الاقتصادي في الأنظمة الرأسمالية.  وكان لمشاركة الحكومات في عملية التنمية الاقتصادية، خاصة في الدول المتخلفة، أثر كبير في زيادة حجم الإنفاق العام.  ففي المراحل الأولى لعملية التنمية تشارك الدولة بطريقة مباشرة في إقامة مشروعات البنية الأساسية واللازمة لعملية التنمية.  بالإضافة إلى إقامة الاستثمارات المباشرة اللازمة لدفع عجلة التنمية.  كل ذلك أدى إلى زيادة حجم الإنفاق العام زيادات كبيرة.
2.  الأسباب السياسية:  وهذه تُرجع نمو الإنفاق العام إلى عوامل سياسية.  ويمكن إجمال تلك العوامل في مجموعتين من السباب هما:  أسباب سياسية داخلية، وأسباب سياسية خارجية.  وتعود الأسباب السياسية الداخلية بصورة رئيسية إلى تطور الفكر السياسي في كثير من المجتمعات.  وترتب على ذلك التطور انتشار كثير من المبادئ الديمقراطية التي أدت إلى اختلاف نظرة المواطنين إلى الخدمات العامة على اعتبارها حقاً من حقوقهم، وواجباً من واجبات الحكومة، عليها تقديم تلك الخدمات لصالح المجتمع.  وكل ذلك زاد من أعباء الدولة، ورفع من حجم الإنفاق العام.  بالإضافة إلى ما سبق نجد أن انتشار الأحزاب السياسية التي تتنافس على السلطة في بعض المجتمعات يؤدي إلى زيادة حجم الإنفاق العام.  حيث تسعى الأحزاب المختلفة إلى كسب رضا أفراد المجتمع من أجل الحصول على أصواتهم الانتخابية، ويتم ذلك عن طريق توسيع نطاق برامج الخدمات العامة المقدمة إليهم. أما عن  الأسباب الخارجية، فيمكن أن تتمثل في مجموعتين هما:  تزايد الإنفاق الحربي، ونمو العلاقات الدولية.  لقد ازداد حجم الإنفاق الحربي لمعظم الدول.  واختلفت الأسباب التي أدت إلى تلك الزيادة في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية الحديثة الاستقلال.  ففي الدول المتقدمة نجد أن الإنفاق الحربي ازداد نتيجة تغير الأهداف الأمنية لها، فكثرت القواعد العسكرية لها خارج بلدها، بالإضافة إلى الارتباطات بأحلاف عسكرية مع دول أخرى؛ كل ذلك أدى إلى زيادة أعباء الدول نحو هذا الإنفاق.  أما بالنسبة للدول النامية فقد زاد الإنفاق الحربي فيها نتيجة إنشاء الجيوش اللازمة لسيادة الدولة والدفاع عنها.
أما فيما يتعلق بنمو العلاقات للدولة وأثرها على زيادة حجم الإنفاق العام، فمن الوضح في العصر الحديث ازدياد أهمية التمثيل الدبلوماسي لمعظم الدول، وبالتالي زاد عدد البعثان الدبلوماسية وحجمها وأنواعها، سواء كان ذلك في دول أخرى أو هيئات دولية، بالإضافة إلى مشاركة كثير من الحكومات في مؤتمرات دولية متعددة.  كل ذلك أدى إلى زيادة كبيرة في حجم الإنفاق العام في هذا المجال.
3.  الأسباب الاجتماعية:  يمكن إرجاع الزيادة في الإنفاق العام في هذه الحالة إلى عوامل اجتماعية أهمها نمو الوعي الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وزيادة عدد السكان.  حيث يؤدي نمو الوعي الاجتماعي لأفراد المجتمع إلى زيادة مطالبة الأفراد في تحقيق العدال الاجتماعية بين فئات المجتمع.  وتتمثل هذه في المطالب بإعادة توزيع الدخل والثروة من أجل إزالة الفوارق الاجتماعية وكذلك توفير الخدمات العامة في مختلف الميادين، فيزداد الإنفاق العام في المجال الاجتماعي.  أما بالنسبة لزيادة عدد السكان، فإنها تؤدي إلى زيادة حجم الإنفاق العام من عدة أوجه.  فزيادة عدد السكان تتطلب زيادة الخدمات العامة التي تقدمها الدولة لأفراد المجتمع، وذلك من أجل المحافظة على متوسط نصيب الفرد من تلك الخدمات.
4.  الأسباب الإدارية:  وهذه ترتبط بعوامل ذات علاقة بالتوسع الأفقي والرأسي للجهاز الإداري للحكومة، واستخدام الأساليب الإدارية الحديثة.  لقد توسع الجهاز الإداري لمعظم الحكومات نتيجة لتطور دور الدولة والتوسع في الخدمات العامة التي تقدمها للمجتمع كنتيجة طبيعية للتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدول.  فزاد عدد الوزارات والهيئات والمؤسسات والمصالح المتعددة التي تقوم كل منها بدور مختلف في مجال الخدمة العامة.  ومما ساعد على ذلك التوسع في وظائف الحكومة، التخصص وتقسيم العمل.  كل ذلك يزيد من عدد الموظفين في الجهاز الإداري للحكومة.
5.  الأسباب المالية:  وهذه الأسباب ذات منشأ مالي يرتبط بصورة أساسية بزيادة الإيرادات العامة.  فكلما تمكنت الدولة من زيادة مواردها المالية تمكنت من زيادة الإنفاق العام.  وإمكانية الدولة في زيادة الموارد المالية تعتمد على قدرتها في تنويع مصادر الإيرادات، وعلى الأساليب المستخدمة في تحصيل تلك الموارد.  ويتوقف ذلك على مدى تقدم الدولة اقتصادياً وإدارياً واجتماعياً.  فالدول المتقدمة لديها مقدرة أكبر منه في الدول النامية في هذا المجال.  فنجد أن حجم الإنفاق في الدول المتقدمة أكبر منه في الدول النامية.
ب.  أسباب النمو الظاهري للإنفاق العام
كما ذكنا في السابق، فإن النمو الظاهري ما هو إلا زيادة رقمية في حجم الإنفاق العام دون أن يصحب ذلك زيادة في الخدمات العامة، أو تحسين مستواها.  والسببان الرئيسيان اللذان يكمنان وراء هذا النمو الظاهري هما:  ارتفاع مستويات الأسعار، وتغير طرق الحسابات الحكومية.  حيث يؤدي ارتفاع مستويات الأسعار إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، مما يستدعي على أن تدفع الحكومة مبالغ أكبر من أجل المحافظة على الكمية نفسها من الخدمات العامة التي تقدمها.  لذا فإن زيادة حجم النفقات العامة لا يعكس بأي حال أي زيادة في السلع والخدمات العامة المقدمة للمجتمع.  وتستخدم الأرقام القياسية لمستويات الأسعار للتخلص من أثر تغيرات السعر على مستوى حجم الإنفاق العام، وبيان النمو الحقيقي من الظاهري في هذا الصدد.  أما تغير طرق الحسابات العامة فيمكن أن تظهر زيادات كبيرة في حجم الإنفاق العام، فاستخدام أسلوب صافي الحسابات عند إعداد ميزانيات الهيئات والمؤسسات العامة المستقلة يظهر حجم الإنفاق العام صغيراً نسبياً.  فوفقاً لهذا الأسلوب يتم خصم إجمالي الإيرادات من إجمالي الإنفاق العام لمثل هذه المؤسسات أو الهيئات.
ثالثاً:  أنواع النفقات العامة
تختلف أنواع النفقات العامة حسب التقسيم المتبع لها.  ويقصد بتقسيم النفقات ترتيبها ضمن فئات متشابهة، وعرضها في شكل واضح يسهل دراستها، وتحليل الآثار المترتبة عليها.  وقد اختلفت طرق تقسيم الإنفاق العام حسب الهدف المرجو تحقيقه من ذلك التقسيم:  وفي هذا الجانب من الدراسة سنتعرض لطريقتين من التقسيم هما:  التقسيم الاقتصادي، والتقسيم الإداري.  والهدف الرئيسي من التقسيم الاقتصادي للإنفاق العام تحليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية لكل نوع من أنواع الإنفاق العام.  لذا فإن معرفة الأنواع المختلفة للإنفاق العام توضع الأهداف المختلفة التي تسعى الدولة إلى تحقيقه.  أما التقسيم الإداري للإنفاق العام، فإنه يستخدم من أجل إعداد الميزانيات العامة.  كما أنه يبين برنامج عمل الحكومة، والأهمية النسبية للنشاطات العامة أمام المواطنين والهيئة التشريعية.
1.  التقسيم الاقتصادي للإنفاق العام
يعتمد هذا التقسيم على الطبيعة الاقتصادية للإنفاق العام؛ حيث أن معرفة طبيعة النفق العامة تساعد على معرفة آثارها الاقتصادية، والاجتماعية، ومن ثم يمكن وضع سياسات مالية تؤثر الحكومة من خلالها على النشاط الاقتصادي والاجتماعي.  وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين نوعين رئيسيين من الإنفاق العام هما:  النفقات الفعلية، النفقات التحويلية.
هناك عدة معايير يمكن التمييز على أساسها بين النفقات الفعلية والتحويلية أهمها:
أ.  معيار الإنتاج:  إذا أدت النفقة العامة إلى زيادة مباشرة في الإنتاج القومي كانت النفقة العامة فعلية.  وبعبارة أخرى،  إذا كان الإنفاق الحكومي يحتسب من ضمن قيمة الناتج القومي عند إعداد الحسابات القومية.  أما إذا لم يترتب على النفقة العامة أي زيادة مباشرة في الإنتاج القومي، فإن النفقة تعد تحويلية.
ب.  معيار استخدام الموارد:  إذا نتج عن النفقة العامة استخدام للموارد الاقتصادية من قبل الدولة المباشرة، كأن تشتري سلعاً وخدمات أو تصرف رواتب للمدرسين مقابل خدمة التدريس كانت النفقة فعلية.  أما إذا أدت النفقة إلى عدم استخدام الدولة للموارد الاقتصادية بطريقة مباشرة كانت النفقة تحويلية، حيث يكون المستخدم المباشر للموارد هو المستفيد من تلك النفقة العامة.
ج.  معيار المقابل:  إذا حصلت الدولة على خدمة أو سلعة مقابل النفقة التي تدفعها كانت النفقة فعلية؛ أما إذا لم تحصل الدولة على سلع وخدمات مقابل النفقة التي تدفعها كانت النفقة تحويلية.
فالنفقات الفعلية (وتسمي أحياناً الحقيقية) هي النفقات التي تدفعها الدولة وتحصل بواسطتها على سلع وخدمات، مثل شراء المواد الخام اللازمة بناء المصانع، وشراء الآليات، وصرف رواتب الموظفين مقابل الخدمات التي يقومون بها.  وتنقسم النفقات العامة الفعلية بدورها على حسب نوع السلع والخدمات التي تشتريها الدولة إلى نوعين رئيسيين هما:  الإنفاق الاستهلاكي (ويسمى أحياناً الإنفاق الجاري)، وهو ما تنفقه الحكومة على شراء سلع وخدمات استهلاكية لازمة لتسير الأجهزة والإدارات العامة، مثل الأجور والرواتب والصيانة والوقود والأثاث والأدوات والقرطاسية...الخ، والنوع الثاني هو الإنفاق الاستثماري (ويسمى أحياناً النفقات الإنتاجية) وهو ما تنفقه الحكومة على شراء سلع استثمارية تلزم لإقامة المشروعات العامة، وتستهدف زيادة التكوين الرأسمالي في المجتمع.  ويمكن التمييز بين أنواع الاستثمار الذي تقوم به الحكومة.  فهناك إنفاق استثماري في مشروعات البيئة الأساسية (يسمى أحياناً الاستثمار الاجتماعي)، ويكون العائد الاجتماعي هو الدافع الرئيسي وراء ذلك الإنفاق.  وهناك إنفاق استثماري مباشر في الصناعات المختلفة.  يقوم هذا الإنفاق عادةً على أسس تجارية، ويكون الدافع الرئيسي فيه المشاركة في دفع عجلة التنمية، وتوجيه النشاطات المختلفة من أجل تحقيق توازن في التنمية الاقتصادية.
أما النفقات العامة التحويلية فهي ما تنفقه الدولة من أموال دون أن تحصل على أي سلعة أو خدمة مقابل ذلك الإنفاق.  فتعمل الدولة بذلك كوسيط لتحويل حق استخدام الموارد الاقتصادية إلى فئات معينة من المجتمع.  وعلى هذا فإن النفقات التحويلية تعمل على إعادة توزيع الدخل بين فئات المجتمع دون أن تؤدي إلى زيادة مباشرة في الدخل القومي.  وتقسم النفقات العامة التحويلية حسب الهدف المرجو تحقيقه منها إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
أ.  النفقات العامة التحويلية الاجتماعية:  وتسمى الإعانات الاجتماعية والهدف الأساسي منها هو تحقيق نوع من التوازن الاجتماعي بين فئات المجتمع، حيث ترمي الإعانات الاجتماعية إلى تحسين المستوى المعيشي لبعض فئات المجتمع عن طريق رفع مستوى دخولهم الحقيقية.  ويمكن عن طريق الإعانات الاجتماعية أن تتم إعادة توزيع الدخل والثروة لصالح الفئات المستفيدة من هذه الإعانات.  ومن أمثلة الإعانات الاجتماعية:  الإعانات المقدمة للعجزة وكبار السن ومعطلي الحرب والمرضى، وكذلك إعانات البطالة وتعويضات غلاء المعيشة، وكذلك إعانات الطلبة.
ب.  النفقات العامة التحويلية الاقتصادية:  وتسمى الإعانات الاقتصادية والهدف الرئيسي منها هو تحقيق نمو متوازن للاقتصاد عن طريق توجيه الموارد الاقتصادية نحو أفضل الاستخدامات من وجهة نظر المجتمع.  فعن طريق الإعانات الاقتصادية تتم زيادة الإنتاج من خلال تحفيض تكلفة الإنتاج ورفع معدلات الربح في ذلك النشاط الاقتصادي المرغوب فيه، ومن أمثلة الإعانات الاقتصادية إعانات الإنتاج ذات الآثار الخارجية النافعة، وإعانات تخفيض اسعار بعض السلع وخاصة الضرورية، وإعانات لتشجيع الصادرات، والإعانات لتشجيع الإنتاج الزراعي أو الحيواني، وإعانات لتشجيع البحث العملي.
ج.  النفقات العامة التحويلية المالية:  وهذه تمثل ما تدفع الدولة مقابل تسديد التزاماتها المالية، مثل أقساط الدين العام وفوائد، ووفقاً لذلك تنفق الدولة جزءاًً من إيراداتها إلى حاملي سندات الدين العام دون أن تحصل الحكومة على أي سلعة أو خدمة مقابل ذلك الإنفاق.  وتزداد أهمية هذا النوع من الإنفاق بازدياد أهمية سياسية الاقتراض التي تتبعها الدولة في تمويل نفقاتها.
2.  التقسيم الإداري للإنفاق العام
يهدف التقسيم الإداري للإنفاق العام إلى توضيح العلاقات المالية بين الدوائر الحكومية المختلفة والنشاطات المختلفة التي تقوم بها الحكومة، كما يساعد هذا التقسيم على إعداد الميزانية العامة للدولة.  ويأخذ هذا التقسيم في الاعتبار الأهمية النسبية للوحدات الإدارية المختلفة وحاجة كل وحدة من الإنفاق العام.  هناك عدة طرق للتقسيم الإداري للإنفاق العام، وكل طريقة لها مزاياها في تقديم البيانات المالية من زاوية مختلفة، ومن الممكن إتباع أكثر من طريقة للتقسيم من أجل أن تفي بالمتطلبات الأساسية للتقسيم العملي الصحيح.  وسنقتصر هنا على إيجاز ثلاث طرق للقسيم الإداري للنفقات:
أ.  التقسيم على أساس الوحدات التنظيمية Organization Units:  وهذا من أقدم التقسيمات الإدارية للنفقات العامة، ويتم على أساس الوحدات الإدارية مثل الوزرات والدوائر والمكاتب والأقسام والمؤسسات والهيئات العامة.  والوحدات الإدارية هي التي تقوم فعلاً بالإنفاق.
ب.  التقسيم على أساس النشاطات الحكومية Functions:  ويسمى أحياناً التقسيم الوظيفي، والهدف من هذا التقسيم هو إعطاء معلومات عما تفعل الحكومة، أي توضع طبيعة النشاطات والخدمات التي تقوم بها الحكومة.  ووفقاً لهذا التقسيم تجمع النفقات العامة ضمن فئات متجانسة تعمل على تأدية نشاط أو وظيفة معينة.  مثال ذلك:  تقسيم النفقات العامة على حسب النشاطات المختلفة التالية:  الزراعة ولاري، والكهرباء والصناعة والبترول والثروة المعدنية، والنقل والمواصلات، والتجارية والتمويل، والسياحة والدفاع والأمن والتعليم...الخ.  لهذا التقسيم مزايا وفوائد مهمة منها:  أنه يعطي معلومات عن الأعمال التي تقوم الحكومة بتنفيذها، وكذلك عن النتائج التي يمكن الحصول عليها، وبذلك يمكن معرفة تكلفة كل نشاط تقوم به الحكومة وبالتالي يمكن تحقيق رقابة أفضل على النشاط الحكومي.
ج.  التقسيم على أساس موضوع النفقة Objects:  يسمى أحياناً التقسيم النوعي، ويقسم الإنفاق العام وفقاً للموضع أو الغرض الذي تم الإنفاق عليه، وفي الغالب تقسم النفقات العامة إلى أقسام رئيسية ويدرج تحت كل قسم النفقات حسب نوعها، أو الغرض الذي استخدمت فيه.  ومثال ذلك أن تقسم النفقات العامة إلى أربعة أبواب رئيسية كالتالي:  الأجور والمرتبات، المصاريف الجارية، المدفوعات التحويلية، الإنفاق الاستثماري.  ثم بعد ذلك تقسم النفقات العامة في كل باب من الأبواب السابقة حسب نوع النفقة على شكل بنود وكل بند يحتوي على مجموع الإنفاق العام من النوع نفسه.

هناك تعليق واحد:

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات