أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الخميس، 8 فبراير 2018

المصادر الرسمية والتفسيرية للقانون

  تتكون القاعدة القانونية من خلال مصدرها، ويتنوع هذا المصدر إلى ثلاثة أنواع:  المصدر المادي، والمصدر الرسمي والمصدر التفسيري أو الاسترشادي.
     ويقصد بالمصدر المادي الأصل الذي تستمد منه مادة القانون مضمونها، ويتمثل بمجموعة العوامل التي تساهم في تكوين القاعدة القانونية سواءً كانت هذه العوامل طبيعية أو سياسية أو تاريخية أو اقتصادية أو اجتماعية أو متعلقة بالبيئة أو الدين أو التقاليد.  أما المصدر الرسمي أو الشكلي فيقصد به الوسائل التي تخرج من خلالها القاعدة القانونية إلى الناس وتصبح ملزمة لهم.
     وقصد نص مشروع القانون المدني الفلسطيني في مادته الأولى على المصادر الرسمية للقانون حيث جاء فيها:  "1.  تسري نصوص هذا القانون على جميع المسائل التي تتناولها في لفظها أو في فحواها.  2.  إذا لم يجد القاضي نصاً تشريعياً يمكن تطبيقه حكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد فبمقتضى العرب، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة".
     ويتضح من هذا النص أن التشريع يعتبر المصدري الرسمي الأصلي والأول للقانون فإذا لم يجد القاضي حكماً في التشريع للمسألة المعروضة أمامه يلجأ إلى المصادر الرسمية الاحتياطية والمتمثلة بمبادئ الشريعة الإسلامية والعرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة، ويلجأ القاضي إلى هذه المصادر الرسمية الاحتياطية على التوالي، بحيث يبحث ي مبادئ الشريعة الإسلامية فإذا لم يجد حكماً يلجأ إلى المصدر التالي وهو العرف، فإذا لم يجد فيه حكماً للمسألة المعروضة أمامه يلجأ إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
    أما المصدر التفسيري أو الاسترشادي فيقصد به المرجع الذي يساعد القاضي في تجلية ما في القاعدة القانونية من غموض وإبهام، وتتمثل المصادر التفسيرية بالفقه والقضاء.
المصادر الرسمية والتفسيرية للقانون


المصادر الرسمية للقانون
   يتضح من الفقرة الثانية من المادة الأولى من مشروع القانون المدني الفلسطيني سالفة الذكر أن المصادر الرسمية للقانون هي على التوالي:  التشريع ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.

التشريع:  تعريف التشريع وخصائصه وعيوبه
أولاً:  تعريف التشريع
    يقصد التشريع مجموعة القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة المختصة في شكل مكتوب.  كما يطلق اصطلاح التشريع على القواعد القانونية التي تنظم أموراً معينة، فيقال مثلاً تشريع العمل أو التشريع التجاري أو التشريع المدني....الخ.
ثانياً:  خصائص التشريع:
   يتميز التشريع بمجموعة من الخصائص وهي:
1-  يتميز التشريع بالوضوح، ويرجع ذلك إلى أنه يرد في شكل مكتوب مما ييسر تحديد معناه ونطاق تطبيقه، وذلك على خلاف العرف الذي يستقر في أذهان الناس بعد وقت طويل.
2-  يصدر التشريع ويطبق في كل أنحاء الدولة، مما يؤدي إلى توحيد القواعد القانونية السارية داخل الدولة الواحدة.
3-  يتميز التشريع بسرعة سنه بما يتفق مع ما تتطلبه الحياة الحديثة وذلك على خلاف العرف الذي يحتاج إلى وقت طويل لكي ينشأ.  
4-  يتيسر على الأفراد داخل المجتمع معرفة القواعد القانونية التي يتضمنها التشريع لكون التشريع يصدر في صورة مكتوبة.
ثالثاً:  عيوب التشريع:
1-  تتولى السلطة التشريعية عملية وضع التشريع، وهي قد تتجاهل ظروف المجتمع ومشكلاته عندما تقوم بهذه العملية مما يجعل التشريع غير نابع من واقع المجتمع.
2-  يتسم التشريع بالجمود لكونه يصدر في شكل مكتوب، لذلك فهو لا يساير التغيرات التي يمكن أن تحدث بالمجتمع.
3-  يتسم التشريع بالقصور فهو لا يلبي دائماً كل حاجات المجتمع نظراً لكثرتها وتشعبها، ويقوم العرف بإكمال هذا النقص.
أنواع التشريع وكيفية سنه
   يتنوع التشريع إلى ثلاثة أنواع، وهي:  التشريع الأساسي (الدستور) والتشريع العادي والتشريع الفرعي، وتتدرج هذه الأنواع الثلاثة في القوة بحيث يقف الدستور على قمة هذه التشريعات ثم يليه في القوة التشريع العادي ثم التشريع الفرعي، ولا يمكن للتشريع الأدنى مرتبة أن يلغي أو يعدل التشريع الأعلى منه مرتبة، وعليه إذا خالف التشريع العادي الدستور فإن هذا التشريع يوصف بأنه غير دستوري وإذا خالف التشريع الفرعي التشريع العادي فإنه يوصف بعدم الشرعية.

أولاً:  التشريع الأساسي (الدستور)
   يسمى الدستور بالتشريع الأساسي للدولة وهو يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها ويحدد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد كما ينظم السلطات الثلاثة في الدولة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
طريقة وضع الدستور:
 أ.  قد يوضع الدستور في شكل منحة من الحاكم، ويحدث ذلك عندما يضطر الحاكم إلى وضع الدستور استجابة لرغبة الشعب وهو يبنتقل بذلك من الحكم المطبق إلى الحكم المقيد.
ب.  قد يوضع الدستور في شكل عقد بين الشعب والحاكم أي اتفاق.
ج.  أما الطريقة الحديثة لوضع الدستور والتي تطبقها الشعوب التي وصلت إلى مرحلة النضوج السياسي فهي أن يضع الشعب الدستور بنفسه، ويكون ذلك إما من خلال هيئة تأسيسية ينتخبها الشعب وإما من خلال قيام الحكومة بوضع مشروع الدستور ثم طرحه للاستفتاء الشعبي.
طريقة تعديل الدستور:
تنقسم الدساتير من حيث طريقة تعديلها إلى نوعين:
الدستور المرن:  وهو الدستور الذي يمكن تعديله باتباع نفس الإجراءات المتبعة في تعديل اقوانين العادية.  ومن أمثلة الدساتير المرنة الدستور الإنجليزي، حيث يعدل بتشريع عادي يصدر عن البرلمان.
الدستور الجامد:  وهو الذي يحتاج تعديله إلى إجراءات خاصة وطويلة ومعقدة تختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية.  ومن الأمثلة على الدساتير الجامدة الدستور المصري.

ثانياً:  التشريع العادي (الرئيسي)
  يقصد بالتشريع العادي القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التشريعية.  حيث تختص السلطة التشريعية بسن التشريع العادي، ويتم سن التشريع من خلال عدة مراحل بينها النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني لسنة 2000م، وتتمثل هذه المراحل بالآتي:
1-  مرحلة الاقتراح:
    بين النظام الداخلي للمجلس التشريعي أن حق اقتاح مشاريع القوانين يكون لمجلس الوزراء كما يكون لعضو أو أكثر من أعضاء المجلس التشريعي، حيث تنص المادة (65) منه على أنه:  "1.  يحيل مجلس الوزراء القوانين أو الاقتراحات إلى الرئيس مرفقة بمذكراتها الإيضاحية وعلى الرئيس أن يحيل المشروع أو الاقتراح إلى اللجنة المختصة لإبداء الري، على أن تقدم اللجنة تقريرها خلال مدة لا تتجاوز أبوعين من تاريخ إحالته إليها.  2.  ترسل نسخة عن المشروع أو الاقتراح إلى كل عضو بل ثلاثة أيام على الأقل من موعد جلسة عرضه على المجلس.  3.  يشرع المجلس بعد الاستماع إلى تقرير اللجنة بمناقشة عامة للمشروع إجمالاً بمناقشة المبادئ العامة قبل التصويت على المشروع بقبوله لاستكمال الإجراءات بشأنه، ويجوز للمجلس أن يقرر البدء في المناقشة العامة دون انتظار تقرير اللجنة المختصة.  4.  بعد المناقشة العامة يطرح المشروع على المجلس للتصويت عليه لقبوله فإذا رفضه اعتبر المشروع مرفوضاً وإذا وافق على قبوله أحالة إلى اللجنة المختصة لإجراء التعديلات المناسبة على ضوء المناقشة العامة التي أجراها.  5.  على الرئيس إحالة مشروع القانون إلى للجنة القانونية لإبداء ملاحظاتها القانونية اللازمة".
2.  مرحلة الإقرار:
    حددت المادة (68) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي آلية إقرار مشاريع القوانين بالآتي:
أ.  تجري مناقشة مشاريع القوانين أو الاقتراحات في قراءتين منفصلتين على الوجه الآتي:
* في القراءة الأولى يناقش المشروع مادة مادة بعد تلاوتها والاقتراحات المقدمة بشأنها ويتم التصويت على كل مادة ثم يتم التصويت على المشروع في مجمله.
* تجري القراءة الثانية خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ إقرار المشروع بالقراءة الأولى وتقتصر على ناقشة التعديلات المقترحة، ويتم التصويت عليها ثم يصوت على المادة المعدلة نهائياً.
ب.  تجري قراءة ثالثة (تقتص على مناقشة التعديلات المقترحة) بناءً على طلب كتابي مسبب من مجلس الوزراء أو من ربع عدد أعضاء المجلس شريطة أن يتم تقديم الطلب قبل إحالة المشروع لرئيس السلطة الوطنية لإصداره.  وقد حددت المادة (69)   من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الأغلبية اللازمة لإقرار مشاريع القوانين بالأغلبية المطلقة أي بأكثرية النصف +1 لعدد أعضاء المجلس الحاضرين.
3-  مرحلة الإصدار والنشر:
   ويقصد بالإصدار الأمر الذي يصدر من رئيس السلطة الوطنية لجميع الهيئات التنفيذية في الدولة بتنفيذ التشريع كل فيما يخصه، ويقصد بالنشر نشر التشريع في الجريدة الرسمية للدولة، وذلك بهدف إصال العلم بهذا التشريع إلى كافة الناس.  ولا يصبح التشريع نافذاً إلى بعد مرور ثلاثين يوماً على نشره في الجريدة الرسمية، وتتولى السلطة التنفيذية عملية النشر.
قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون:
   مقتضى هذه القاعدة أنه بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية ومرور مدة شهر على النشر تقوم قرنية قانونية قاطعة على علم الأفراد بالقانون بحيث لا يجوز لأي شخص بعد ذلك أن يعتذر بجهله بالقانون ويدعي أن مخالفته للقانون كان سببها عدم علمه به لأن الاعتذار بالجهل بالقانون غير جائز
   ويرد على هذه القاعدة استثناء واحد وهو حالة وجود قوة قاهرة حالت دون وصول الجريدة الرسمية إلى جزء من أراضي الدولة، حيث يعذر سكان هذا الجزء بجهلهم بالقوانين التي صدرت خلال فترة قيام القوة القاهرة.
- سن التشريع العادي من قبل السلطة التنفيدية:
   السلطة المختصة بسن التشريع العادي هي السلطة التشريعية ولكن استثناءً على ذلك يجوز للسلطة التنفيذية سن التشريع العادي في حالة الضرورة.  وقد نصت على ذلك المادة (43) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 التي جاء فيها:  "لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي اصدار قرارات لها قوة القانون ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
   ويتضح من هذا النص أنه يحق لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية إذا وجدت حالة ضرورة لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي أن يصدر قرارات لها قوة القانون.  وتعرض هذه القرارات على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات فإذا لم يتم ذلك تزول هره القرارات بأثر رجعي، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي في أول جلسة له فإما ألا يقرها وبالتالي تزول هذه القرارات بأثر رجعي وتعتبر كأن لم تكن وإما أن يقرها وفي هذه الحالة الأخيرة تبقى هذه القرارات نافذة ومن تاريخ صدورها ويكون لها قوة القانون.
   يتضح إذن أنه يشترط لقيام الرئيس بإصدار قرارات لها قوة القانون وجود حالة ضرورة لا تحتمل التأخير وأن يكون المجلس التشريعي في غير أدوار انعقاده.  وقد حدد المادة (16) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني أدوار انعقاد المجلس  في دورته العادية بفترتين، تبدأ في الأسبوع الأول من شهر مارس والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول، ومدة الدورة أربعة أشهر وفقاً للمادة (16) التي جاء فيها:  "يعقد المجلس بدعوة من رئيس السلطة الوطنية دورته العادية السنوية على فترتين مدة كل منهما أربعة أشهر تبدأ الأولى في الأٍبوع الأول من شهر آذار (مارس) والثانية في الأسبوع الأول من شهر أيلول.  أو في دورات غير عادية بدعوة من رئيسه بناء على طلبم ن مجلس الوزراء أو من ربع عدد أعضاء المجلس فإذا لم يدع رئيس المجلس إلى مثل هذا الاجتماع يعتبر الاجتماع منعقد حكماً بالمكان والزمان المحددين في طلب أعضائه أو طلب مجلس الوزراء".  ومن أمثلة حالة الضرورة وجود أزمة اقتصادية أو وباء أو فيضان أو حرب...الخ، وتسمى القرارات بقوانين التي تصدر عن رئيس السلطة في هذه الحالة بتشريعات الضرورة. 

ثالثاً:  التشريع الفرعي:
    التشريع الفرعى عبارة عن مجموة القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التنفيذية بما لها من اختصاص تشريعي محدد.  ويعتبر اختصاص السلطة التنفذية بسن التشريع الفرعي اختصاصاً أصلية يقوم إلى جانب اختصاص السلطة التشريعية بسن التشريع العادي.  وقد أعطي هذا الاختصاص للسلطة التنفيذية بجانب اختصاصها الرئيسي وهو تنفيذ القوانين وبهدف قيامها بذلك.
    ويطلق على التشريع الفرعي اسم اللائحة تمييزاً له عن القرار الإداري الذي لا يضع قاعدة قانونية وتنقسم اللوائح إلى ثلاثة أنواع وهي:
1-  اللوائج التنفيذية:  يقصد باللوائح التنفيذية تلك اللوائح التي تتضمن التفصيلات والجزئيات للازمة لتنفيذ التشريعات العادية.  فالسلطة التنفيذية وبحكم قربها من الجمهور تتمكن من وضع التفصيلات اللازمة لتنفيد القوانين بشكل أفضل من غيرها.  حيث إن السلطة التشريعية تقوم بوضع المبادئ والأحكام العمة ضمن التشريع العادي تاركة للسلطة التنفيذية مهمة وضع القواعد التفصيلةلية، ولكن لايجوز للسلطة التنفيذية عند قيامها بهذه الهمة أن تعدل أو تلغي في التشريع العادي، حيث يعتبر هذا الأخير أقوى وأسمى مرتبة من التشريع الفرعي.
2-  لوائح الضبط (لوائح البوليس):  يقصد بلوائح الضبط تلك اللوائح التي تضعها السلطة التنفيذية بهدف الحفاظ على الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة.  ومن أمثلتها لوائح المرور واللوائح المتعلقة بمراقبة الأغذية واللوائح الخاصة بالمحال العامة والخطرة والمقلقة للرائحة واللوائح الخاصة بمنع انتشار الأوبئة.
مبادئ الشريعة الإسلامية
    تعتبر مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الثاني من مصادر القانون وفقاً لمشروع القانون المدني الفلسطيني، بحيث إذا لم يجد القاضي حكماً للمسألة المعروضة عليه في التشريع فإنه يبحث عن حكم لها في مبادئ الشريعة الإسلامية.
    وتشمل مبادئ الشريعة الإسلامية المبادئ والأصول العامة التي لا يتختلف باختلاف المذاهب.  ويتم الرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية في الأمور المتعلقة بالمعالامات المالية بغض النظر عن داينة أطراف النزاع، حيث تطبق مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها قواعد قانونية تسري على النزاع المطروح أما القضاء.
   ومن ضمن الأصول العامة التي تشمتل عليها الشريعة الإسلامية المائة قاعدة الواردة في مجلة الأحكام العدلية المطبقة في قطاع غزة ومنها:  "الضرورات تبيح المحظورات"، "الحاجة تنزل منزلة الضرورات في إباحة المحظورات"، "لا ينسب لساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان"، "تترك الحقيقة بدلالة العادة"، "ويدفع الضرر الأشد بالضرر الأخف..."..الخ.
   ويرجع القاضي إلى مبادئ الشريعة الإسلامية أي كان مصدرها، حيث تتعدد مصادر الشريعة الإسلامية وأهمها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصالح المرسلة والعرف...الخ.

العرف
أولاً:  تعريف العرف:
   يقصد بالعرف اعتياد الناس على سلوك معين في ناحية من نواحي حياتهم الاجتماعية مع اعتقادهمم بإلزامية هذا السلوك.  ويحتل العرف المصدر الثالث من مصادر القانون وفقاً لمشروع القانون المدني الفلسطيني، بحث إذا لم يجد القاضي حكماً للنزاع المعروض عليه في التشريع ولا في مبادئ الشريعة الإسلامية لجأ إلى العررف كمصدر ثالث للقانون.
 ثانياً:  مزايا العرف وعيوبه
1-  مزايا العرف:  
    يتميز العرف بأنه يتكون مما درج عليه سلوك الأفراد في المجتمع سواء في أمورهم الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها، وهو بذلك يأتي ملبياً لحاجات المجتمع متلائماً مع ما يصبو إليه الأفراد، وذلك على خلاف التشريع الذي قد يُفرض على الأفراد في المجتمع، وبالتالي قد يأتي غير متلائم مع متطلباتهم الاجتماعية.
2-  عيوب العرف:
    عيوب العرف تتمثل في أنه أداة بطيئة في تكون القواعد القانونية، لأنه يحتاج إلى الثبات والاستقرار على سلوك معين لكي ينشأ وهذا يحتاج إلى وقت، كما يعاب على العرف عدم الوضوح والتحديد لأنه لا ينشأ مكتوباً كما هو الحال بالنسبة للتشريع، فقد يصعب على الأفراد التثبت من وجود قاعدة قانونية عرفية من عدمه، ويعاب على العرف أنه لا يؤدي إلى توحيد النظام داخل الدولة حيث توجد الكثير من الأعراف المحلية التي تختلف من مدينة لأخرى داخل الدولة الواحدة، ويعاب على العرف كذلك أنه لا يتيح الفرصة للتطوير والأخذ بالمعتقدات الحديثة فهو يمثل دائماً نزعة قديمة محافظة على المتوارث من التقاليد.
ثالثاً:  شروط العرف:
   يشترط في العرف لكي يُنشاً قاعدة قانونية ملزمة مجموعة من الشروط وهي:
1-  أن يكون العرف عاماً:  ويقصد بذلك أن تعتاد أغلبية الناص على سلوك معين دون اشتراط اتباع كل الناس لهذا السلوك أو كلأقاليم الدولة لهذا السلوك، فقد يكون العرف محلياً يتعلق ببلدة أو مدينة معينة، وقد يكون العرف طائفياً يتعلق بطائفة معينة داخل المجتمع كطائفة التجار مثلاُ.
2-  أن يكون العرف قديماً:  ويقصد بذلك أن تمضي مدة من الزمن على اتباعه، والقاضي هو الذي يحدد مدى كفاية هره المدة لنشأ قاعدة قانونية عرفية من عدمه وفقاً لما إذا أصبح السلوك المتبع معتاداً عليه وراسخاً في أذهان الأفراد من عدمه.
 3-  أن يكون العرف ثابتاً مطرداً:  ويقصد بذلك اتباع الناس لسلوك معين بشكل ثابت مستمر ومطرد، بحيث أصبح يشكل قاعدة قانونية بالنسبة لهم.
4-  ألا يتعارض مع النظام العام والآداب العامة:  ويقصد من ذلك أن السلوك إذا خالف النظام العام والآداب العامة فلا يمكن أن ينشأ قاعدة قانونية عرفية، لأن كل ما يخالف النظام العام والآداب العامة يعتبر باطلاً، فمثلاً الأخذ بالثأر يعتبر سلوكاً متبعاً في بعض المناطق ولكن لا يمكن أن يشكل قاعدة قانونية عرفية لمخالفته للنظام العام.
5-  شعور الأفراد بإلزامية السلوك:  ويقصد بذلك أن اطراد الأفراد على اتباع سلوك معين لمدة زمنية معينة يترتب عليه أن الأفراد أصبحوا يشعرون بإلزامية هذا السلوك وعليه لا يعتبر عرفاً ملزماً تقديم الهدايا في المناسبات لأنه لا يتوافر لدى الناس الشعور بإلزامية هذا السلوك.
    نلخص إلى أنه إذا توافرت الشروط السابقة في سلوك معين فإنه يشكل قاعدة قانونية مصدرها العرف يطبقها القاضي على النزاع المعروض عليه في حالة ألا يسعفه التشريع أو مبادئ الشريعة الإسلامية.
   ومن أمثلة القواعد القانونية العرفية اعتبار أثاث المنزل ملكاً للزوجة إلا إذا تم الاتفاق على خلاف ذلك، ووجود رد الشبكة والهدايا إلى الخطيب من قبل المخطوبة عند فسخ الخطوبة، وإضافة مبلغ من النقود بنسبة معينة إلى ثمن الطعام والشراب في المطاعم والفنادق...الخ.

رابعاً:  العادة الاتفاقية:
   العادة الاتفاقية هي عرف ناقص حيث يتوافر فيها الركن المادي للعرف المتمثل باعتياد الأفراد على سلوك معين بشكل ثابت ومطرد، أما الركن المعنوي للعرف المتمثل بشعور الأفراد بإلزامية هذا السلوك فلا يتوافر في العادة الاتفاقية.  ومثال العادة الاتفاقية دفع البقشيش في المطاعم والمقاهي واحتساب المائة حبة من الفاكهة مائة وعشرة أو مائة وعشرون بين تجار الفاكهة.
   وعليه فإن العادة الاتفاقية لا تنشأ قاعدة قانونية ملزمة فهي تسمى تفاقية، بمعنى أنها تطبق باتفاق ورضاء الأطراف فقط، كما يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالفها وهي بذلك يمكن اعتبارها بمثابة قاعدة قانونية مكملة.

مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة
   يقصد بالقانون الطبيعي (مجموع القواعد التي تحكم السلوك الاجتماعي للإنسان، والتي لا تمت بصلة إلى التقاليد والعادات أو نصوص التشريع وإنما مصدرها الإلهام الفطري السليم والإدراك العقلي الصائب.  فهو قانون ثابت لايتغير في الزمان ولا في المكان، يستطيع الإنسان أن يشكف عنه بالعقل السليم، وهو بذلك يتميز بخاصة فريدة، إذ أن الإنسان يمتاز عن سائر الكائنات بالعقل والتفكير، في حين تحكم الغرائز الكائنات الحية الأخرى، فالعقل هو الفيصل بين قانون الطبيعة وبين القانون الطبيعي الذي يحكم العلاقات الإنسانية.
     ويبني الأستاذ بلانيول مبادئ القاونو الطبيعي على العدل ويحصرها في حريات الأفراد وضمان أرواحهم وحرية العمل وحرية الملكية وصيانة النظام الاجتماعي والأدبي وحقوق الأسرة...الخ.  ويضيف الأستاذ جوسران مبادئ أخرى لمبادئ القانون الطبيعي وهي مبدأ الوفاء بالوعد والقوة الملزمة للعقود وعدم رجعية القانون وإصلاح الضرر..الخ.
    ويقصد بقواعد العدالة القواعد المؤسسة على وحي العقل والنظر السليم وروح العدل الطبيعي بين الناس.  وعليه فإن قواعد العدالة تتفق مع العقل والعدل والأخلاق وهييجب أن تكون روح القوانين في نصوصها وفي مضمونها.
    وتعتبر مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة المدصر الرابع ولأخير من المصادر الرسمية للقانون، بحيث على القاضي إذا لم يجد حكماً للمسألة المعروضة عليه في المصادر الثلاثة السابقة أن يلجأ إلى هذا المصدر الأخير باحثاً عن حل لهذه المسألة وفق مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.  وهذا يتطلب أن يجتهد القاضي للتوصل إلى حل للنزاع المعروض عليه لأنه إذا لم يفعل ذلك يعد مرتكباً لجريمة إنكار العدالة.
    ومن الأمثلة على حلول استندت في وجودها إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة نظرية التعسف في استعمال الحق حيث كانت الحقوق مطلقة بحيث لا يُسأل من يستعمل حقه عما يسببه من ضرر للغير جراء هذا الاستعمال، إلا أن القضاء المصري استناداً إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة استقر على أن الحقوق مقيدة بالغرض الاجتماعي الذي وجدت من أجله وحكم بالتعويض على الشخص الذي أساء استعمال حقه.


 المصادر التفسيرية للقانون
أولاً:  القضاء
    يقصد بالقضاء كمصدر تفسيري للقانون مجموعة الأحكام التي تصدرها المحاكم.  والقاعدة أن الحكما لذي يصدر عن أية محكمة لا يقيد أية محكمة أخرى، كما لا تتقيد نفس المحكمة التي أصدرته باتباعه، بل يكون لها أن تخالفه في قضية أخرىم عروضة عليها.  وهذا يعنيأن أحكام المحاكم تعتبر بمثابة مصدر اسئناسي يستأنس به القاضي عندما يبحث عن حكم في القانون، فالقاضي يفسر القانون ويطبقه وخلال ذلك يسترشد بأحكام المحاحكم السابقة لكي يهتديإلى حكم صائب وعادل في القضية المنظورة أمامه.
    والقاضي لا ينشأ قواعد قانونية بل هو يقوم بتفسير وتطبيق القانون، وهذا هو الأصل في عمل القاضي، إلا أنه من الناحية العملية لا يلتزم القاضي بهذا الدور، بحيث إذا وجد أن النص القانون لا يحقق العدالة فيلجأ إلى الحيد عنه من خلال ذريعة تفسير النص بحيث يحقق ما يراه عدلاً.
   وقد طبق الانتداب البريطاني نظام السوابق القضائية في قطاع غزة ولاذي لا زال ساري المفعول حتى الآن، حيث تعتبر السوابق القضائية مصدراً رسمياً احتياطياً للقانون لدينا، بحيث إذا لم يجد القاضي حكما للنزاع المعروض أمامه في التشريع عليه أن يلجأ مباشرة إلى السوابق القضائية الموجودة ليحكم بناءً عليها.  ويقصد بالسوابق القضائية الأحكام التي سبق وأن صدرت عن المحاكم حيث تشكل هذه الأحكام قواعد قانونية واجبة الاتباع، بحيث على كل محكمة أن تتقيد بأحكام المحكم الأعلى منها درجة كما تتقيد المحكمة ذاتها بما سبق وأن أصدرته من أحكام.  وهذا يعني أن دور القضاء لدينا يتعدى تفسير القانون وتطبيقه،  حيث ينشأ قواعد قانونية ملزمة لا يجوز مخالفتها أو الامتناع عن تطبيقها على قضية مماثلة.
   ومن قيل القواعد القانونية التي أنشأها القضاء الفلسطيني القواعد المتعلقة بدعوى التنفيذ العيني التي يرفعها المشتري لعقار على البائع طالباً تسجيل عقد البيع في دائرة الطابو لكي تنتقل ملكية العقار إليه،  فالمكلية في العقارات لا تنتقل إلا بالتسجيل في دائرة تسجيل الأراضي، حيث قضت محكمة الاستئناف العليا بغزة في حكم لها رقم (62/80) بتاريخ 16/10/1980م أنه "إن دعوى التنفيذ العيني هو من دعاوي الأراضي التي استحدثها القضاء الفلسطيني بالقرار رقم (36/1)، فبموجب هذا لاقرار  دخلت البلاد نظرية التنفيذ العيني لإلزام البائع الناكل على تنفيذ التزامه قسراً عنه واستقر على أن أول أركانها وجود عقد البيع لإثبات واقعة البيع ومن ثم مطابقة العقد للقانون.
ثانياً:  الفقه:
   يقصد بالفقه مجموعة الآراء التي تصدر عن فقهاء وشراح القانون في أبحاثهم ومؤلفاتهم وكتبهم، ويعبتر الفقه مصدراً تفسيراً للقانون يسترشد به القاضي  في حكمه، كما قد يشير القاضي في حكمه إلى رأي أجمع عليه الفقهاء.  ويتولى الفقهاء شرح القانون وفسيره ونقده وإظهار ما فيه من نقص أو عيوبن وهذا يفيد القاضي عند تطبيقه للقانون كما يفيد المشرع حيث قد يقوم بتعديل بعض النصوص أو إلغائها أو سن تشريع جديد بناءً على ما أظهره الفقهاء والشراح في كتاباتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات