أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الاثنين، 4 يونيو 2018

بحث حول أنواع الحقوق في القانون pdf

أنواع الحقوق في القانون


تتعدد تقسيمات الحقوق، حيث تقسم الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق مدنية، وإلى حقوق حالية وحقوق مؤجلة أو مستقبلية أو شرطية أو احتمالية، وإلى حقوق مقيدة وحقوق مطلقة، وإلى حقوق مالية وغير مالية.  وأهم تقسيم للحقوق هو تقسيمها إلى حقوق شخصية الحقوق العينية والحقوق الشخصية والحقوق المعنوية، ونعرض فيما يلي لهذا التقسيم باعتباره اهم تقسيم للحقوق بالإضافة غلى تقسيم الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق مدنية.

أولاً:  الحقوق السياسية والحقوق المدنية:
يقصد بالحقوق السياسية الحقوق التي تثبت للأفراد باعتبارهم أعضاء في جماعة سياسية معينة بحث تخولهم التدخل في حكم هذه الجماعة، ومن أمثلة هذه الحقوق حق الانتخاب وحق الترشيح للبرلمان وحق تولي الوظائف العامة.  ويقصد بالحقوق المدنية تلك الحقوق التي تثبت للأفراد في ممارستهم لنشاطهم العادي داخل الجماعة ولا تتمتع هذه الحقوق بالصفة السياسية، وهي على هذا النحو يندرج في إطارها مجموعة كبيرة من الحقوق ليس لها أي صفة سياسية، ومن أمثلتها حق الشخص في الحياة والحرية والعقيدة والتعاقد.
وتتمثل أهمية هذا التقسيم للحقوق في اقتصار الحقوق السياسية على الوطنيين دون الأجانب وذلك لكون الحقوق السياسية يشترك فيها الأفراد في التدخل في حكم الدولة، أما الحقوق المدنية فتثبت لكل الأفراد وطنيين وأجانب لكونها مقررة لحماية الشخص في كيانه وحريته وتكفل له ممارسة نشاطه.

ثانياً:  حقوق الشخصية والحقوق الشخصية والحقوق العينية والحقوق الذهنية:
يقوم هذ التقسيم للحقوق على أساس محل الحق، فإذا ان محل الحق له قيمة مالية يكون من الحقوق الشخصية أو الحقوق العينية، وإذا لم يكن له قيمة مالية فيكون من حقوق الشخصية، وإذا كان محل الحق يشتمل على جانبين جانب معنوي أو أدبي وجانب مالي فيعتبر الحق من الحقوق الذهنية أو المعنوية.  ويعتبر هذا التقسيم للحقوق أهم التقسيمات التي قال بها الفقهاء ونظمها المشرعون، وعليه فإن دراستنا لهذا الفصل تقتضي تقسيمه إلى ثلاثة مباحث، ندرس في المبحث الأول حقوق الشخصية وفي المبحث الثاني الحقوق الشخصية والحقوق العينية، وفي البحث الثالث الحقوق الذهنية على النحو الآتي:

انواع الحقوق في القانون
المبحث الأول:  
حقوق الشخصية

*  التعريف بحقوق الشخصية:
يقصد حقوق الشخصية الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره إنسان وتحافظ عل ى مقوماته المادية والمعنوية بما يكفل حمايتها من اعتداء الغير عليها كما تمكن الشخص من ممارسة نشاطه.  ويطلق على هذه الحقوق مسمى الحقوق اللصيقة بالشخصية أو الحقوق العامة، وكذلك الحريات العامة، ويتضح أن جميع هذه التسميات تعبر عن ماهية حقوق الشخصية من حيث أنها ترتبط أو تتعلق بالمحافظة على عناصر الشخصية ومقوماتها كحق الشخص في الحياة أو في الشرف أو في ممارسة نشاطه، وتهدف بالتالي إلى حماية الشخصية في كافة عناصرها، كما أطلق على هذه الحقوق مسمى حقوق الإنسان أو الحقوق الطبيعية للدلالة على أنها تثبت للشخص بحكم كونه إنسان بحيث يفرض وجودها طبيعته كإنسان ويقرها كذلك القانون الطبيعي، وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948، ضرورة حماية هذه الحقوق والحريات.  وتقتضي دراستنا لحقوق الشخصية أن نشرح أنواعها وخصائصها وذلك في المطالب الآتية.

المطلب الأول:  أنواع حقوق الشخصية
من الصعب حصر الحقوق التي تندرج في إطار الشخصية، لذلك درج الفقه على رد هذه الحقوق إلى ثلاثة طوائف مرتبطة بالمقومات المادية والمقومات المعنوية للإنسان وبمزاولته لنشاطه.  وعليه فإن حقوق الشخصية تنقسم إلى ثلاثة أنواع:  الحقوق التي تتعلق بالكيان المادي أو المقومات المادية للإنسان والحقوق التي تتعلق بالمقومات المعنوية للإنسان ثم أخيراً الحقوق التي تتعلق بنشاط الشخصية، وندرس هذه الأنواع في النقاط الآتية.

أولاً:  الحقوق الواردة على المقومات المادية للإنسان:
تثبت للإنسان حقوق تتعلق بكيانه المادي وتحافظ عليه، ومثال هذه الحقوق الحق في الحياة والحق في سلامة الجسد، وعليه فقد جرم القانون أي اعتداء يقع على هذين الحقين، وندرس بشيء من الإيجاز كلاً من حق الإنسان في الحياة وحقه في سلامة جسده في النقاط الآتية:
1-  حق الإنسان في الحياة:  لكل إنسان الحق في الحياة، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز لأي شخص أن يعتدي على الحق في الحياة لشخص آخر، ويثبت هذا الحق للشخص منذ ولادته وينتهي بالوفاة كما يثبت للجنين في بطن أمه ويفهم ذلك من تجريم المشرع للإجهاض، والمعاقبة عليه، ويثبت الحق في الحياة للشخص بمقتضى قواعد القانون الطبيعي، ولذلك يمتنع على الغير أن يعتدي على حق غيره في الحياة كما يمتنع على الشخص نفسه أن يعتدي على حقه في الحياة عن طريق الانتحار، فالانتحار يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.
2-  حق الإنسان في سلامة جسده:  للإنسان كذلك الحق في سلامة جسمه وأعضائه بحيث لا يجوز للغير أن يعتدي على الشخص عن طريق الإيذاء أو الضرب أو الجرح ...الخ، فإذا حدث ذلك فإن المعتدي يعاقب لارتكابه جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.  وينبني على ذلك أنه لا يجوز للطبيب الجراح إجراء عملية جراحية للمريض دون موافقته، كما لا يجوز إخضاع الشخص لتجارب علمية دون الحصول على إذنه بذلك، إلا أن ما سبق لا يأخذ على إطلاقه حيث إذا لم يتمكن الطبيب من الحصول على موافقة المريض لإجراء العملية الجراحية يمكن الحصول على الإذن من أقاربه، فإذا لم يتمكن من ذلك يجوز له إجراء العملية الجراحية دون موافقة أو الإذن إذا كان إجراء العملية الجراحية أمراً ضرورياً أو عاجلاً ولا يحتمل التأخير، كما قد يطلب القاضي من أحد الخصوم في الدعوى المنظورة أمامه أن يجري فحصاً طبياً معيناً أو تحاليل معينة بهدف الوصول إلى الحقيقة، فإذا رفض الخصم إجراء الفحص أو التحليل فإنه يتحمل تبعة ذلك على اعتبار أن الرفض يعتبر بمثابة قرينة قضائية تدحض ادعاءه وتقوي ادعاء خصمه.
وحق الشخص في سلامة جسمه لا يعطيه سلطة مطلقة بهذا الخصوص، حيث لا يجيز القانون تصرف الشخص في جسمه أو في جزء منه بالبيع أو غيره من التصرفات، إلا إذا كان التصرف لا يشكل خطراً على حياة الشخص أو على استمرار سلامة الجسم واكتمال البنيان المادي مع عدم وجود نص يحرم الفعل، وعلى ذلك إذا تصرف شخص بالبيع أو الهبة في بعض دمه فيعتبر تصرفه صحيحاً ما لم يوجد نص يجرم ذلك.
ويستمر حق الشخص في سلامة جسده طوال حياته وينتهي بموته، ويحتفظ للميت بسلامة جسده مراعاة للكرامة الإنسانية إلا أنه يجوز للشخص أن يوصي بجسمه أو بأحد أعضائه إلى معهد للأبحاث العلمية الطبية بهدف إجراء التجارب أو إلى شخص يحتاج عضواً من أعضائه، على أن يكون ذلك في إطار القانون.  ويرجع السبب في حظر السلطة المطلقة للشخص على حياته أو جمسه إلى أن هذه الحقوق تقررت لكونها تتفق مع حق الإنسان الطبيعي لكونه إنسان وبما يتفق مع المصلحة العامة للجماعة، حيث أن الحفاظ على حق الإنسان في الحياة وحقه في سلامة جسمه تمكنه من أن يكون عضواً فاعلاً في المجتمع ينهض بمسؤولياته تجاه وطنه.

ثانياً:  الحقوق الواردة على المقومات المعنوية للإنسان:
للشخصية بالإضافة إلى المقومات المادية مقومات معنوية أو أدبية، ويثبت للشخص ما يكفل له حماية هذه المقومات عن طريق تقرير حقوق تتعلق بهذه المقومات وتحافظ عليها وتمنع المساس بها، بحيث إذا تم الاعتداء عليها من قبل الغير يوفر القانون الحماية للمعتدى عليه، ومن أمثلة هذه الحقوق وأشهرها الحق في الشرف والحق في السرية والحق في الأفكار والحق في الاسم والحق في الصورة، ونعرض فيما يلي لهذه الحقوق التي تحفظ للإنسان مقومات المعنوية أو الأدبية:
 1-  الحق في الشرف:  بمقتضى هذا الحق يتم الحفاظ على سمعة الشخص واعتباره وشرفه، فلا يجوز لأي شخص أن يعتدي على هذا الحق بأي طريق كان، ويأخذ اعتداء الغير على هذا الحق صورة القذف والسب والبلاغ الكاذب والتشهير كأن يوجه شخص لآخر اتهاماً بالسرقة أو النصب أو الشذوذ الجنسي أو العمالة أو غيرها، بحيث يترتب على هذه الأمور الإساءة إلى سمعة الشخص وشرفه وبالتالي ازدراءه من قبل المجتمع.  وقد نصت على هذا الحق المادة (187) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "كل من تعدى على الغير في حريته، أو في عرضه، أو شرفه، أو سمعته، أو في مركزه الاجتماعي، أو في اعتباره المالي يكون مسئولاً عما يلحق الغير من ضرر أدبي".
2-  الحق في السرية:  من حق الشخص ألا يتدخل الغير في أسرار حياته الخاصة وألا يفشيها دون إذنه أو موافقته، وعلى ذلك لا يجوز للطبيب أو المحامي أن يفشي أسار المريض أو الموكل، ولا يجوز للزوج أن يفشي أسرار زوجته، ويدخل ضمن الحق في السرية حق الشخص في سرية مراسلاته واتصالاته الهاتفية.
3-  الحق في الاسم:  للشخص كذلك الحق في اسم يميزه عن غيره من الأشخاص داخل المجتمع ويمنع اختلاطه بغيره، وعليه لا يجوز للغير أن يعتدي على اسم شخص ما عن طريق انتحال الاسم أو المنازعة فيما كما بينا سابقاً.
4-  الحق في الصورة أو الهيئة:  تجسد صورة الشخص مظهره الخارجي وتبين ما يعتمل نفسه من رغبات وآمال وأفكار، لذلك تعتبر صورة الشخص أو هيئته حقاً له لا يجوز الاعتداء عليه من قبل الغير، وعليه لا يجوز نشر أو عرض صورة شخص أو حتى تصويره دون الحصول على إذن منه وبرغبته، إلا إذا كانت الصورة قد أخذت بمناسبة وقوع حادث معين أو كانت صورة لأحد الشخصيات المعروفة كرجال الحكومة أو غيرهم.
5-  الحق في الأفكار:  للشخص كذلك حق يتعلق بأفكاره أو ابتكاراته وهذا ما يعرف بالحق الذهني للمؤلف او بحث الاختراع للمخترع، وعليه لا يجوز الاعتداء على هذا الحق من قبل الغير عن طريق سرقة الأفكار العلمية ...الخ.

ثالثاً:  الحقوق المتعلقة بحرية نشاط الشخص:
يقرر القانون للشخص مجموعة من حقوق الشخصية تتصل بممارسة نشاطه الخارجي وتمكنه من القيام بذلك، ومن أمثلة هذه الحقوق حرية التنقل وحرية التفكير وحرية اختيار العمل وحرية التجارة وحرية التعاقد وحرية الزواج ..الخ، وتمتع الشخص بهذه الحقوق أو الحريات يقضي باحترام الغير لها وعدم الاعتداء على حق الشخص فيها، لأن القول بغير ذلك يعني إعاقة حياة الأفراد في المجتمع وبالتالي توقف المجتمع عن العمل.

المطلب الثاني:
تتميز حقوق الشخصية بعدة خصائص تنبع من طبيعتها المرتبطة بشخص الإنسان وبمقومات المادية والمعنوية وبنشاطه، ونعرض فيما يلي هذه الخصائص:

أولاً:  حقوق الشخصية حقوقاً غير مالية:
حيث أن هذه الحقوق تحافظ على مقومات الإنسان المادية والمعنوية وتمكنه من ممارسة نشاطه، إلا أنها قد ترتب آثاراً مالية كالحق المالي للمؤلف ..الخ.

ثانياً:  حقوق الشخصية لا يجوز التصرف فيها:
يترتب على اعتبار حقوق الشخصية حقوقاً غير مالية خروجها من دائرة التعامل وبالتالي عدم جواز التصرف فيها بأي صورة كانت، وعليه لا يجوز للشخص أن يتصرف أو يتنازل عن حقه في الحياة أو حريته في التنقل سواء بعوض أو بغير عوض، ويستتبع عدم جواز التصرف في هذه الحقوق عدم جواز الحجز عليها لأن الحجز يهدف إلى بيع الشيء المحجوز وهو ما لا يجوز.
واستثناءً على ذلك يجوز في أحوال معينة وفقاً لما يرسمه القانون أن تكون بعض حقوق الشخصية محلاً للاتفاق أي التصرف، ومثال ذلك أن يتصرف الشخص في أحد أعضاء جسمه بالبيع أو الهبة أو ينقل من دمه لشخص آخر، أو كأن يأذن شخص باستعمال اسمه كاسم تجاري تحقيقاً للشهرة أو استعماله كاسم أدبي.

ثالثاً:  حقوق الشخصية لا تتقادم:
حقوق الشخصية لا تخضع للتقادم المسقط ولا للتقادم المكسب، وعلى ذلك إذا لم يستخدم شخص أحد هذه الحقوق لفترة طويلة فإنه لا يسقط بعدم الاستعمال، كما أنه إذا استعمل شخص أحد فحقوق الشخصية لغيره فلا يكتسبها بمرور الزمان لأن هذه الحقوق لا تصلح أن تكون محلاً للحيازة ولا تدخل في دائرة التعامل.  وعلى ذلك إذا اشتهر شخص بين الناس باسم معين غير اسمه الحقيقي فلا يفقد الحق على اسمه مهما طالت المدة، وإذا نشر بحث أو كتاب باسم شخص غير كاتبه أو مؤلفه الحقيقي فلا يكتسب هذا الشخص الحق في نسبة المؤلف لنفسه مهما مضى من الزمن.

رابعاً:  حقوق الشخصية مطلقة:
ويقصد بذلك أنه يحتج بها في مواجهة كافة الناس، حيث أن حق الفرد في أن يتمتع بهذه الحقوق يقابله التزام سلبي عام يقع على عاتق الجميع يتمثل في احترام هذه الحقوق وعدم الاعتداء عليها.

خامساً:  حقوق الشخصية لا تنتقل إلى الورقة:
طالما أن هذه الحقوق لصيقة بالشخصية فهي لا تنتقل إلى الورثة عند وفاة صاحبها، إلا أنه يوجد استثناء يتعلق بالحق الأدبي للمؤلف، حيث تنتقل بعض سلطات إلى الورثة دون أن يؤثر ذلك على نسبة المؤلف إلى المؤلف، فيكون للورثة الحفاظ على نسبة المؤلف للمؤلف ورد أي اعتداء يقع من الغير على هذا المؤلف.

سادساً:  حقوق الشخصية تثبت للوطنيين والأجانب على قدم المساواة:
ترتبط حقوق الشخصية بصفة الإنسان وطبيعته، فلا فرق بخصوص ثبوتها للشخص بين كونه من الوطنيين أم من الأجانب، غلا أنه استثناء على ذلك قد يفرض المشرع قيود على الأجانب في ممارسة بعض هذه الحقوق كأن يمنع الأجنبي من تملك العقارات أو أن يحد من حريته في التنقل داخل إقليم الدولة وذلك لاعتبارات خاصة وهامة ترتبط بمصلحة الدولة.

-  الأثر المترتب على الاعتداء على حقوق الشخصية:
إن حقوق الشخصية حقوق محمية لذاتها، وهذا يعني ضرورة وقف الاعتداء عليها في جميع الأحوال حتى ولو لم يترتب عليه وقع الضرر، أما في حالة وقع الضرر سواء كان ضرراً مادياً أم ضرراً أدبياً يشنأ للشخص المعتدى عليه الحق في التعويض باعتباره حق مالي مستقل عن الحق المعتدى عليه، ويعتبر العمل غير المشروع هو مصدر الالتزام بالتعويض في هذه الحالة، وهذا ما نصت عليه المادة (59) من مشروع القانو المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق اللازمة لشخصه أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر".  ويتضح من ذلك الأثر المترتب على وقوع الاعتداء على حق من حقوق الشخصية يتمثل في:
1-  حق الشخص المعتدى عليه في طلب وقف الاعتداء.
2-  حق الشخص المعتدى عليه بالمطالبة بالتعويض إذا لحقه ضرر من الاعتداء الواقع وسواء كان ضرراً مادياً أم أدبياً.

المبحث الثاني
تعتبر كلاً من الحقوق الشخصية والحقوق العينية حقوقاً مالية، وتقتضي دراسة هذا الفصل تقسيمه إلى ثلاثة مطالب، نتناول في المطلب الأول الحقوق الشخصية وفي المطلب الثاني الحقوق العينية ثم في المطلب الثالث الآثار المترتبة على التفرقة بين الحقوق الشخصية والحقوق العينية.

المطلب الأول
الحقوق الشخصية
تقتضي دراستنا للحقوق الشخصية أن نبين المقصد بالحق الشخصية ثم أنواعه، وعليه نقسم هذا المبحث إلى فرعين، نتناول في الفرع الأول المقصود بالحق الشخصي وفي الفرع الثاني أنواع الحقوق الشخصية.

الفرع الأول
المقصود بالحق الشخصي
الحق الشخصي عبارة عن رابطة اقتضاء بين شخصين بمقتضاها يلتزم أحدهما وهو المدين قبل الآخر وهو الدائن بأداء معين سواء كان إعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.  وقد سمي الحق الشخصي بهذا الاسم لأنه يتمثل في رابطة بين شخصين، كما سمي بحث الدائنية لأن صاحبا لحق وهو الدائن يطالب شخص آخر هو المدين بأداء معين، كما يسمى الحق الشخصي بالالتزام على اعتبار أن الحق والالتزام وجهان لعملة واحدة، فهو حق من جهة الدائن والتزام من جهة المدين، وعليه يظهر الحق الشخصي في ذمة الدائن كعنصر إيجابي ويظهر الالتزام في ذمة المدين كعنصر سلبي، ومن هذا يتضح أن للحق الشخصي ثلاثة عناصر وهي المدين الذي يلتزم بأداء معين للدائن، والدائن الذي يعتبر صاحباً للحق الشخصي، ومحل الحق وهو الأداء الذي يلتزم به المدينين فمثلاً إذا باع شخص لآخر سيارة يلتزم البائع بتسليم السيارة ويعتبر هذا التسليم حقاً شخصياً للمشتري في ذمة البائع ...الخ.

الفرع الثاني
أنواع الحقوق الشخصية
تتنوع الحقوق الشخصية بحسب نوع الأداء الذي يلتزم المدين بأدائه للدائن، فالحقوق الشخصية لا تقع تحت حصر، وعليه يحق للأفراد إبرام ما يشاؤوا من التصرفات القانونية التي ترتب حقوقاً شخصية طالما أن هذه التصرفات لا تخالف النظام العام والآداب العامة.  وقد يكون الأداء الذي يلتزم به المدين إعطاء شيء كما قد يكون القيام بعمل وأخيراً قد يكون الامتناع عن عمل، وندرس فيما يلي هذه الأنواع للحقوق الشخصية.

أولاً:  الالتزام بإعطاء شيء:
الالتزام بإعطاء شيء هو الالتزام بنقل أو إنشاء حق عيني على شيء، ومثال ذلك التزام البائع بنقل الملكية إلى المشتري، والزام المشتري بدفع الثمن، والتزام المستأجر بدفع الأجرة، والتزام مالك العقار بإنشاء حق ارتفاع على عقاره لمصلحة عقار آخر في حالة توافر سبب لذلك، والالتزام بإنشاء رهن على العقار في حالة الاتفاق على ذلك ضماناً للدين، والتزام المقترض برد مبلغ القرض إلى المقرض ..الخ.

ثانياً:  الالتزام بالقيام بعمل:
يتمثل بالقيام بعمل بالعمل الإيجابي الذي يقوم به المدين لصالح الدائن، ومثال ذلك التزام المؤجر بتسليم العين المؤجرة للمستأجر، والتزام المقاول ببناء المنزل، والتزام العامل بأداء العمل، التزام الطبيب بإجراء العملية الجراحية، والتزام المطرب بالغناء في الحفلة، والتزام المحامي بالدفاع عن موكله ...الخ.

ثالثاً:  الالتزام بالامتناع عن عمل:
يتمثل الالتزام بالامتناع عن عمل بالعمل السلبي الذي يؤديه المدين لصالح الدائن، ومثال ذلك التزام لاعب الكرة بعدم اللعب مع نادي آخر، والتزام الممثل بعدم التمثيل في مسرح آخر غير المسرح الذي تعاقد معه، والتزام بائع المحل التجاري بعدم فتح محل تجاري آخر في نفس المنطقة التي يقع فيها المحل المبيع ..الخ.

يلاحظ من خلال ما تقدم أن محل الحق الشخصي دائماً عمل سواء كان عملاً سلبياً أم عملاً إيجابياً، حيث أنه في الالتزام بإعطاء شيء لا يعتبر الشيء محلاً للحق الشخصي بل إن محلفه العمل الذي يلتزم المدين القيام به لكي ينتقل الحق العيني أو يتم إنشاؤه، فمثلاً في عقد البيع إذا كان الشيء المبيع منقولاً معيناً بالذات كسيارة مثلاً فإن المليكة تنتقل بمجرد العقد، أما إذا كان المنقول معيناً بالنوع فإن نقل الملكية يحتاج إلى عمل من قبل البائع يتمثل في إفراز الشيء، وإذا كان الشيء المبيع عقار وكما هو معلوم أن ملكية العقار لا تنتقل إلا بالتسجيل في دائرة تسجيل الأراضي في صفحة العقار بما يفيد انتقال ملكيته إلى شخص آخر، يلتزم البائع بأن يساعد المشتري في القيام بإجراءات التسجيل اللازمة لنقل ملكية العقار، ويعتبر كذلك الالتزام بالامتناع عن عمل عملاً سلبياً يلتزم به المدين، وعليه فإن محل الحق الشخصي يكون دائماً القيام بعمل سلبي أو إيجابي.

المطلب الثاني
الحقوق العينية
تقتضي دراستنا للحقوق العينية أن نوضح المقصود بالحق العيني وخصائصه وأنواع الحقوق العينية وذلك في فرعين، نتناول في الأول المقصود بالحق العيني وخصائصه، وفي الفرع الثاني أنواع الحقوق العينية.

الفرع الأول
المقصود بالحق العيني وخصائصه
أولاً:  المقصود بالحق العيني:
الحق العيني عبارة عن سلطة لشخص معين تنصب مباشرة على شيء مادي معين، كحق الملكية.  ويتضح من هذا التعرف أن للحق العيني عنصران:  العنصر الأول هو صاحب الحق، والعنصر الثاني هو محل الحق، وعليه يختلف الحق العيني عن الحق الشخصي في أن صابحه يمكنه ممارسة السلطات الممنوحة له بمقتضى القانون على محل الحق وهو الشيء المادي دون حاجة إلى تدخل شخص آخر، وهذا ما يفسر وجود صلة مباشرة بين صاحب الحق ومحل الحق.
ومقتضى ما تقدم أن الحق العيني يفترض وجود رابطة تسلط بين صاحب الحق ومحل الحق بحيث تخوله هذه الرابطة مباشرة سلطاته على الشيء محل الحق، وذلك على خلاف الحق الشخصي الذي يُفترض فيه وجود رابطة اقتضاء تخول صاحب الحق مطالبة المدين بأداء معين.  ومحل الحق العيني دائماً شيء مادي حيث لا تصلح الأشياء المعنوية محلاً للحق العيني، ويشترط أن تكون صاحب الحق على الشي محل الحق مشروعة بأن يكون الحق قد انتقل إليه بأحد الأسباب الموجبة لذلك، وعليه فإن السارق لا يعتبر صاحب حق عيني على الشيء المسروق.  ويدخل الحق العيني في الذمة المالية لصابحه وتحديداً في الجانب الإيجابي منها، ويقابله كحق التزام يقع على عاتق الكافة باحترام هذا الحق وعدم التعرض أو معارضة صابحه في استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون.

ثانياً:  خصائص الحق العيني
يتميز الحق العيني بميزتين رئيسيتين وهما ميزة التتبع وميزة التقدم أو الأولوية أو الأفضلية، ونعرض فيما يلي بإيجاز لهاتين الميزتين.
1-  ميزة التتبع:  يقصد بميزة التتبع حق صاحب الحق العيني في أن يتتبع الشيء محل الحق العيني في أي يد يكون بحيث يتمسك بحقه العيني في مواجهة كل من يحوز الشيء، ومثال ذلك أن يبيع المدين عقار يملكه إلى شخص ما فيحق في هره الحالة للدائن المرتهن رهناً رسمياً أن يتتبع العقار رغم خروجه من يد المدين ويتمسك بحقه العيني (الرهن) في مواجهة المشتري.
2-  ميزة التقدم أو الأولوية أو الأفضلية:  يقصد بميزة التقدم حق صاحب الحق العيني في أن يتقدم على سائر الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن الشيء المرهون، فمثلاً إذا رهن شخص لآخر عقار يملكه ثم أفلس بعد ذلك المدين مالك العقار وتم الحجز على العقار من قبل الدائنين له بيعه في المزاد العلني، في هذه الحالة للدائن المرتهن أن يتقدم على باقي الدائنين العاديين (الشخصيين) والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن العقار، وذلك لكونه صاحب حق عيني وهو حق الرهن الرسمي والذي يخوله ميزة التقدم أو الأولية أو الأفضلية.

الفرع الثاني
أنواع الحقوق العينية
تتنوع الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية، وعليه فإن دراستنا لهذا الفرع تتطلب تقسيمه إلى غصنين نتناول في الأول الحقوق العينية الأصلية وفي الثاني الحقوق العينية التبعية.

الغصن الأول
الحقوق العينية الأصلية هي الحقوق التي تقوم بذاتها مستقلة بحيث لا تستند في وجودها إلى حق آخر تتبعه، وتتمثل في حق الملكية والحقوق المتفرعة عن حق الملكية فقط، حيث لا يجوز للأفراد ابتداع حقوق عينية غير تلك التي حددها القانون لكونها محددة على سبيل الحصر، وعطي الحقوق العينية لأصحابها سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف، ويختلف نوع الحق العيني الأصلي بحسب تمتع الشخص بجميع هذه السلطات أم ببعضها أم بواحدة منها، فإذا تمتع صاحب الحق بكل السلطات يكون الحق حق ملكية وإذا تمتع الشخص بلسلطتي الاستعمال والاستغلال يكون الحق انتفاع ...الخ.  وعليه فإن دراستنا للحقوق العينية الأصلية تتطلب دراسة حق الملكية قم الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وذلك في النقاط الآتية.

أولاً:  حق الملكية:
تقتضي دراستنا لحق الملكية أن نوضح المقصود به ونبين عناصره وما يتميز به من خصائص، وذلك في النقاط الآتية:

1-  تعريف حق الملكية:
يعتبر حق الملكية أقوى الحقوق العينية الأصلية وأوسعها نطاقاً وسلطات، فهو يخول صاحبه كل السلطات من استعمال واستغلال وتصرف، ويتضح ذلك من نص المادة (940) من مشروع القانون المدني الفلسطيني التي جاء فيها:  "لمالك الشيء وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون".  وعليه يمكن القول بأن حق الملكية عبارة عن اختصاص واستئثار بمال يمكن صاحبه من استعماله واستغلاله والتصرف فيه على نحو لا يتعارض مع القانون.

2-  عناصر حق الملكية:
يقصد بعناصر حق الملكية السلطات التي يستطيع المالك أن يباشرها على الشيء الذي يملكه.  وللمالك على الشيء الذي يملكه ثلاث سلطات وهي سلطة الاستعمال وسلطة الاستغلال وسلطة التصرف.

أ.  سلطة الاستعمال:  يقصد بالاستعمال استخدام الشيء فيما هو قابل له بهدف الحصول على منافعه، ومثال ذلك أن يسكن المالك منزله أو يركب سيارته أو يقرأ كتابه ...الخ.
ب.  سلطة الاستغلال:  يقصد بالاستغلال القيام بالأعمال اللازمة للحصول على ثمار الشيء، ويجب بهذا الخصوص التفرقة بين الثمار والمنتجات، فالثمار هي ما ينتجه الشيء في مواعيد دورية دون الانتقاص من الأصل، والثمار ثلاثة أنواع:  ثمار طبيعية وهي التي تتولد عن الشيء بفعل الطبيعة دون تدخل الإنسان كالكلأ ونتاج الماشية، وثمار مستحدثه وهي التي يتدخل الإنسان لإنتاجها كالمحصولات الزراعية، وثمار مدينة وهي عبارة عن الدخل النقدي الذي يلغه الشيء كأجرة المنزل أو الأرض وفوائد القرض وأرباح الأسهم وفوائد السندات.   أما المنتجات فهي ما ينتج عن الشيء في موعد غير دوري ويترتب على الحصول عليه الانتقاص من الأصل، ومثالها ما يستخرج من المحاجر أو المناجم من مواد غير معدة للاستغلال والأشجار التي تقطع من غابات وهي غير معدة للقطع، ويكون للمالك أن يحصل على ثمار الشيء ومنتجاته، وعليه فإن أهمية التفرقة بين الثمار والمنتجات تتعلق بالغير الذي يكتسب حق انتفاع على الشيء، حيث تكون الثمار من حق المنتفع أما المنتجات فتكون من حق المالك، وكذلك إذا حاز الشيء شخص حسن النية فتكون ثمار الشيء من حق الحائز أما منتجاته فمن حق المالك.
ج.  سلطة التصرف:  يقصد بالتصرف في الشيء استخدامها استخداماً يستنفذه كله أو بعضه، وقد يكون التصرف بالشيء تصرفاً مادياً عن طريق إتلاف الشيء والقشاء عليه أو تغيير مادته وتحويله نهائياً لشيء آخر، ومثال ذلك هدم البناء أو إحداث تغيير فيه كأن يحول ليعمل كمصنع بدلاً من السكن والقماش بعد الخياطة يتحول إلى ثوب، والخشب يصنع منه خزانة أو سرير ..الخ، كما قد يكون التصرف بالشيء تصرفاً قانونياً أي بمباشرة التصرفات القانونية التي يكون من شأنها أن تزيل سلطات المالك كلياً أو جزئياً، ومثال ذلك بيع الشيء إلى شخص آخر أو هبته أو مقايضته أو إنشاء حق عيني آخر على الشيء كالرهن أو الانتفاع ...الخ.

3-  خصائص حق الملكية:
يتميز حق الملكية بعدة خصائص نتناولها فيما يلي:
أ.  حق الملكية حق جامع:  ويقصد بذلك أن حق الملكية يعطي لصاحبه كل منافع الشيء، كما يشمل جميع السلطات التي يتمتع بها أي شخص على الشيء، حيث يكون للمالك استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه.
ب.  حق الملكية حق مانع:  ويقصد بذلك أن حق الملكية قاصر على صابحه وحده، بحيث يستأثر المالك بجميع المنافع التي تنتج من الشيء، ويستطيع أن يمنع غيره من مشاركته في هذه المنافع حتى ولو كانت مشاركة الغير لا تسبب له ضرر.
ج.  حق الملكية حق دائم:  ويقصد بذلك أن حق الملكية يدوم بدوام الشيء دون أن يؤثر انتقال ملكية الشيء لشخص آخر لأن حالق مرتبط بالشيء لا بشخص المالك، وهذا يعني أن حق الملكية لا ينتهي إلا بهلاك الشيء.
أخيراً من الجدير بالذكر أن حق الملكية لا يعتبر حقاً مطلقاً وفقاً للاتجاه الحديث الذي يعتبر أن الملكية لها وظيفة اجتماعية وأنها ليست ميزة للفرد فقط، بحيث على المالك أن يراعي في مزاولة حقه مصلحة الجماعة و لا يعارض المصلحة العامة لها، ويرجع ذلك إلى أن الملكية تلعب دوراً كبيراً في المجال الصناعي والتجاري والزراعي، وهذا ما دفع المشرع إلى وضع القيود التي من شأنها أن تحد من سلطات المالك، وقد أكد مشروع القانون المدني ذلك في المادة (944) منه التي جاء فيها:  "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة".  وتضمن المشروع في الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثالث تنظيم القيود التي ترد على حق الملكية والتي من خلالها يظهر ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية، ونذكر منها على سبيل المثال نص المادة (948) التي جاء فيها:  "يجب على مالك الأرض أن يسمح بأن تمر بأرضه المياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن المياه شريطة أن يعوض عن ذلك تعويضاً عادلاً" حيث يضع هذا النص قيداً على أرض المالك ويسمى بحق المجري.

ثانياً:  الحقوق المتفرع عن حق الملكية:
يقصد بالحقوق المتفرعة عن حق الملكية الحقوق العينية التي تتقرر على الشيء والتي تستمد من حق الملكية بعض عناصره.  فقد بينا أن حق الملكية يعتبر أوسع الحقوق العينية نطاقاً لأنه يخول صابه سلطة الاستعمال وسلطة الاستغلال وسلطة التصرف، فإذا نزل المالك عن إحدى سلطاته الثلاث أو بعضها ينشأ حق عيني جديد متفرع عن حق الملكية.  وقد حدد مشروع القانون المدني الفلسطيني الحقوق العينية المتفرعة عن حق الملكية بحث التصرف وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق السكنى وحق المساطحة (القرار) والاستحقاق في الوقف وحق الحكر وحقوق الارتفاق، وندرس حق الانتفاع من بين هذه الحقوق نظراً لأهميته.

-  حق الانتفاع:
حق الانتفاع عبارة عن حق عيني متفرع عن حق الملكية يخول المنتفع سلطة استعمال شيء مملوك للغر واستغلاله مع المحافظة على ذات الشيء لكي يرده المنتفع إلى صاحبه عند نهاية الانتفاع.  ويتضح من هذا التعريف أن حق الانتفاع يعطي لصاحبه كلاً من سلطة الاستعمال وسلطة الاستغلال دون سلطة الترف، كما أنه يرد على شيء غير قابل للاستهلاك سواء كان عقاراً أم منقولاً لأن المنتفع يلتزم بدر الشيء عند نهاية حق الانتفاع.  ويكتسب حق الانتفاع بإحدى طرق ثلاث وهي:
أ-  التصرف القانوني:  سواء كان عقد بيع أو هبة أو مقايضة بعوض أو بدون عوض، إلا أن اكتساب حق الانتفاع بالوصية يعتبر الأكثر انتشاراً كأن يوصي شخص لآخر بالانتفاع بعقار من عقارات التركة بحيث تؤول بعد وفاته ملكية رقبة هذا العقار للورثة وتكون المنفعة للوصي له (المنتفع).
ب-  الشفعة:  ويكون ذلك إذا ما أراد صاحب حق الانتفاع أن يبيع حق الانتفاع فيكون لمالك الرقبة أن يأخذه بالشفعة، وكذلك إذا كان حق الانتفاع شيئاً بين شخصين أو أكثر وأراد أحدهم أن يبيع حصته في حق الانتفاع فحيث لأحد الشركاء أن يأخذ هذه الحصة بالشفعة إلا أنه إذا أراد مالك الرقبة أخذ حق الانتفاع من الشريط فيتقدم على الشركاء الآخرين لأنه مقدم في المرتبة.
ج-  التقادم المكسب:  يمكن اكتساب حق انتفاع على الشيء بحيازته بنية كسب حق انتفاع عليه مع مرور المدة الزمنية التي يحددها القانون والشروط الخاصة بذلك.  وقد نصت على هذه الأسباب لكسب حق الانتفاع المادة (1/128) من المشروع التي جاء فيها:  "يكسب حق الانتفاع بالتصرف القانوني أو بالشفعة أو بالتقادم".
وقد حددت المادة (1136) من المشروع الأسباب التي ينقضي بها حق الانتفاع وهي:
أ.  انقضاء الأجل المحدد له، وإذا لم يحدد له أجل فيعد مقرراً مدى حياة المنتفع.
ب.  موت المنتفع ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فمثلاً جاء في المادة (1137) من المشروع أنه إذا كان الشيء محل حق الانتفاع أرضاً زراعية وكانت مشغولة بزرع قائم عند انقضاء الأجل أو وفاة المنتفع تترك الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع على أن يدفع المنتفع أو الورثة أجرة المثل عن هذه الفترة.
ج.  بهلاك الشيء أي بفناء مادته.
د.  بنزول المنتفع عن حق الانتفاع.
ه.  باتحاد صفتي المالك والمنتفع، كأن يشتري المنتفع الشيء محل الانتفاع من مالكه، فيصبح في هذه الحالة شخص واحد هو المالك للمنفعة والرقبة ، فينقضي حق الانتفاع.
و.  بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة أي بالتقادم المسقط، فإذا لم يستعمل المنتفع الشيء لمدة خمس عشرة سنة يسقط حق الانتفاع بمرور الزمان.
ز.  بإنهائه بقرار من المحكمة نتيجة سواء استعمال المنتفع للشيء محل الانتفاع.

الغصن الثاني
الحقوق العينية التبعية
يقصد بالحقوق العينية التبعية الحقوق التي توجد لتأمين أو لضمان الوفاء بحق شخصي ضماناً خاصاً، وعليه فإن الحق العيني التبعي يتبع الحق المضمون، ومن هنا جاءت هذه التسمية، كما تسمى الحقوق العينية التبعية بالتأمينات العينية لأنها توجد لتأمين الوفاء بالالتزام.
ويرجع السبب في وجود هذا النوع من الحقوق إلى أن حق الضمان العام للدائنين على أموال المدين يعتبر قاصر عن توفير حماية كافية للدائنين، وذلك لأن الضمان العام لا يرد على مال معين بالذات من أموال المدين بل يرد على كل أموال المدين باعتبارها ضامنة للوفاء بما عليه من ديون، كما أن ميع الدائنين يتساوون في حق الضمان العام ولا يمتاز أي منهم على الآخر بأي ميزة تخوله أن يتقدم على غيره من الدائنين في استيفاء حقه، وعليه فإن كل دائن يتعرض لمزاحمة باقي الدائنين في التنفيذ على أموال المدين، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى عدم حصول كل دائن على كامل حقه نتيجة لعدم كفاية أموال المدين لسداد كل ديونه، فيتقسم الدائنين في مثل هذه الحالة أموال المدين قسمة غرماء بأن يحصل كل دائن على حقه من أموال المدين بنسبة دينه.
وبناء على قصور حق الضمان العام في حماية حقوق الدائنين على هذا النحو أوجد القانون وسائل وضمانات خاصة تمكن الدائن من الحصول على كامل حقه وتقيه مخاطر الضمان العام، هذه الضمانات الخاصة، تعرف بالتأمينات العينية أو الحقوق العينية التبعية، وهي تخول الدائن الحق في تتبع الشيء الذي خرج من تحت يد المدين والذي يرد عليه الضمان الخاص كالرهن مثلاً في أي يد يكون، كما تخوله اقتضاء حقه من الشيء الوارد عليه الضمان الخاص بالتقدم والأولوية على سائر الدائنين العاديين الذين لا يتمتعون بضمان خاص.  وقد حدد مشروع القانون المدني الفلسطيني هذه الضمانات الخاصة أو التأمينات أو الحقوق العينية التبعية بحث الرهن الرسمي وحق الرهن الحيازي وحق الاختصاص وحق الامتياز وذلك في الباب الثاني من الكتاب الثالث. وندرس في النقاط الآتية هذه الحقوق بإيجاز.

أولاً:  الرهن الرسمي:
عرفت المادة (1179) من مشروع القانون المدني الفلسطيني الرهن الرسمي بأنه:  "عقد يكسب به الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون".  ويعتبر الرهن الرسمي عقداً شكلياً حيث لا ينعقد إلا بورقة رسمية تنظم بدائرة التسجيل، ويترتب على تخلف الرسمية بطلان العقد بطلاناً مطلقاً، ويلتزم المدين الراهن بنفقات العقد إلا إذا وجد اتفاق يقضي بغير ذلك (المادة 1180 من المشروع).

ثانياً:  الرهن الحيازي:
عرفت المادة (1249) من مشروع القانون المدني الفلسطيني الرهن الحيازي بأنه:  "عقد بمقتضاه يلتزم شخص ضماناً لدين عليه أو على غيره أن يسلم الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئاً يترتب عليه للدائن حقاً عينياً يخوله حبس الشيء حتى استيفاء الدين، وأن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن الشيء في أي يد يكون".
 ويتضح من هذا التعريف أن حق الرهن الحيازي ينشا عن عقد بمقتضاه يلتزم المدين الراهن بأن يسلم الشيء المرهون إلى الدئان المرتهن أو إلى شخص آخر يسمى (عدل)، بحيث يبقى الدائن المرتهن حائزاً للشيء المرهون إلى حين اقتضاء حقه المضمون بالرهن، ويشترك الرهن الحيازي مع الرهن الرسمي في أن كلاهما ينشأ عن طريق العقد وفي أن كلاهما حق عيني تبعي وغير قابل للتجزئة على النحو الذي وضحناه سابقاً، إلا أنهما يختلفان من عدة وجوه وهي:
1-  من حيث المحل:  يرد الرهن الحيازي على العقار وعلى المنقول، أما الرهن الرسمي فيرد على العقار فقط.
2-  من حيث مضمون الحق:  الرهن الحيازي يعطي للدائن المرتهن سلطات أوسع من تلك التي يعطيها الرهن الرسمي، فالدائن المرتهن يتمتع بميزتي التقدم والتتبع كما بينا سابقاً في الرهن الرسمي، إلا أنه إضافة غلى ذلك يتمتع الدائن المرتهن رهناً حيازياً بسلطة استغلال الشيء المرهون واستثماره وقبض ثماره وخصمها من حقه، ويرجع ذلك إلى دخول الشيء في حيازة الدائن المرتهن رهناً حيازياً، أما في الرهن الرسمي يبقى الشيء المرهون في حيازة المدين الراهن.
3-  من حيث الانعقاد:  يعتبر الرهن الحيازي عقداً رضائياً بحيث ينعقد دون الحاجة إلى اتباع شكل معين، وذلك على خلاف الرهن الرسمي الذي يعتبر عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بالرسمية.
ويشترط في المدين الراهن أن تتواف لديه الأهلية الكاملة على اعتبار أن الرهن من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر بالنسبة له، كما يشترط أن يكون مالكاً للشيء المرهون، كما يجب أن تتوافر لدى الدائن المرتهن الأهلية الكاملة على خلاف الحال في الرهن الرسمي ويرجع ذلك إلى أنه في الرهن الحيازي يقع على عاتق الدائن التزامات مقابلة للالتزامات التي تقع على عاتق المدين، حيث يتسلم الدائن الشيء المرهون ويقوم باستغلاله واستثماره الأمر الذي يوجب أن يكون أهلاً لمباشرة التصرفات القانونية، وعليه فإن الرهن الحيازي يعتبر من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر بالنسبة للدائن المرتهن رهناً حيازياً.
ويلاحظ من نص المادة (1249) من المشروع أن تسليم الشيء المرهون رهناً حيازياً إلى الدائن المرتهن يعتبر أثراً مترتباً على انعقاد الرهن وليس شرطاً للانعقاد، حيث لا يتوقف قيام الرهن الحيازي على نقل الحيازة بل يعتبر نقل الحيازة إلى الدائن المرتهن التزاماً على عاتق المدين.

ثالثاً:  حق الاختصاص:
حق الاختصاص عبارة عن حق عيني تبعي ينشأ بموجب حكم قضائي على أحد العقارات التي يملكها المدين أو على جميعها يمنح الدائن حق التقدم على جميع الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في أي يد يكون".
فحق الاختصاص ينشأ بقرار من المحكمة بناء على طلب من الدائن يقدمه إلى رئيس محكمة البداية التي يقع في دائرتها العقار أو العقارات التي يريد الاختصاص بها (المادة 1240 من المشروع).

رابعاً:  حق الامتياز:
عرفت المادة (1/1291) من مشروع القانون المدني الفلسطيني حق الامتياز بأنه:  "أولوية يقررها القانون لحق مراعاة منه لصفته".  ولا يتقرر حق الامتياز إلا بمقتضى نص في القانون، وهو في ذلك يختلف عن حق الاختصاص الذي يتقرر بقرار من المحكمة، ويختلف عن حق الرهن الذي ينشأ بناء على عقد رسمي أو رضائي.  ويتقرر حق الامتياز مراعاة لصفة خاصة في الدين، حيث يعتبر القانون أن وجود هذه الصفة الخاصة في الدين تجعل الدين ديناً ممتازاً وبالتالي يكون لصاحبه الأولوية على غيره من الدائنين في اقتضائه.  وتنقسم حقوق الامتياز إلى حقوق امتياز عامة ترد على جميع أموال المدين من عقار ومنقول، وإلى حقق امتياز خاصة ترد على مال معين من أموال المدين سواء كان منقول أم عقار.
ومن أمثلة حقوق الامتياز العامة المقرر للمبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وأية حقوق أخرى، والامتياز المقرر للمبالغ المستحقة عن الستة أشهر الأخيرة، والامتياز المقرر لمبالغ النفقة المستحقة على المدين لمن تجب نفقتهم عليه عن الستة أشهر الخيرة.  ومن أمثلة حقوق الامتياز الخاصة المبالغ المستحقة لصاحب النزل في ذمة النزيل عن أجر الإقامة وما صرف لحسابه يكون لها امتياز على الامتعة التي أحضرها النزيل، وما يستحق لبائع المنقول من الثمن وملحقاته يكون له امتياز على الشيء المبيع، وما يستحق لبائع العقار عن ثمن البذور والسماد وغير من مواد التخصيب والمبالغ المنصرفة في أعمال الزراعة والحصاد يكون لها امتياز على المحصول الذي صرفت في إنتاجه.
ويتقدم صاحب حق الامتياز على غيره من الدائنين العاديين أو المرتهنين في استيفاء حقه، حيث يعتبر الامتياز أقوى الضمانات الخاصة ثم يليه في القوة الرهن ويأخذ حق الاختصاص نفس مرتبة الرهن الرسمي.

المطلب الثالث
الآثار المترتبة على التفرقة بين الحقوق العينية والحقوق الشخصية 
تترتب على التفرقة بين الحق العيني والحق الشخصي الآثار القانونية الآتية:
1-  الحق العيني حق مطلق والحق الشخصي حق نسبي:  ويقصد من ذلك أن الحق العيني ينتج أثره ويحتج في مواجهة الكافة، ويرجع ذلك إلى أن الرابط ةفي الحق العيني هي رابطة تسلط تخول للشخص أن يباشر سلطته على الشيء ودون وساطة من أحد ويمتنع على الكافة التعرض لصاحب الحق في مباشرته لهذه السلطة الباقية بقاء الشيء، أما الحق الشخصي فيقوم على وجود رابطة اقتضاء تخول الدائن اقتضاء حقه من المدين، ولا بد من تدخل المدين لحدوث هذا الاقتضاء لذلك يوصف الاقتضاء بأنه قاصر أو نسبي والحق الشخصي كذلك، لأنه ينتج أثره أو يحتج به إلا في مواجهة شخص أو أشخاص معينين.
2-  يخول الحق العيني دون الحق الشخصي ميزة أو حق التتبع:  إن الرابطة في الحق العيني تنشأ بين الشخص صاحب الحق والشيء محل الحق، وعلى ذلك يكون لصاحب الحق العيني أن يتتبع الشيء في أي يد يكون طالما  أن صاحب حق عليه دون أي اعتبار لمكان وجوده أو لشخص حائزه وسواء كان الحق العيني أصلياً ام تبعياً، وعليه يحق للمالك تتبع الشيء في أي يد يكون إذا خرج من تحت يده واسترداده من أي حائز له، كما يحق للدائن المرتهن تتبع العقار المرهون إذا باعه المدين الراهن تحت يدي المشتري ...الخ.  أما الحق الشخصي فلا يخول صابحه هذه الميزة لأنه رابطة بين أشخاص ومحله عمل يقوم به المدين لصالح الدائن سواء كان سلبياً أم إيجابياً ولا مجال للتتبع في مجال الأعمال.
3-  يخول الحق العيني دون الحق الشخصي ميزة أو حق الأفضلية:  لكون الحق العيني يقوم على رابطة بين صاحب الحق والشيء محل الحق، فإن صاحب الحق تكون له الأولوية أو الأفضلية في مباشرة سلطته على الشيء واستبعاد كل من يزاحمه في ممارسة سلطته، وذا ما يعبر عنه بميزة الأفضلية او الأولوية أو التقدم، ويتمتع صاحب الحق العيني بهذه الميزة سواء كان الحق عينياً أصلياً أم تبعياً لأن هذه الميزة ترتبط بطبيعة الحق العيني، فمثلاً للدائن المرتهن أن يستوي حقه من الشيء المرهون بالتقدم على الدائن العادي، ولمشتري العقار الذي سبق إلى تسجيله أن يفضل على المشتري الذي لم يسجل العقار لأن المشتري الأول أصبح صاحب حق عيني بالتسجيل وهو حق الملكية، أما الحق الشخصي فلا يخول لصاحبه ميزة التقدم أو الأفضلية وفي حالة تعدد الدائنين الشخصيين فإنه يتساوون في الحصول على حقوقهم من أموال المدين ويتقاسمونها قسمة غرماء.
4-  الحقوق العينية محددة على سبيل الحصر على خلاف الحقوق الشخصية:  حدد القانون الحقوق العينية على سبيل الحصر نحو ما شرحناه، وعليه لا يستطيع الأفراد ابتداع حقوق عينية جديدة لم ينص عليها المشرع، أما الحقوق الشخصية فهي غير محصورة يحق للأفراد خلق أية حقوق شخصية طالما أنها لا تخالف النظام العام والآداب العامة، وهذا يعني أن سلطان الإرادة قاصر عن ابتداع حقوق عينية جديدة.
5-  يجب أن يكون الشيء محل الحق العيني موجوداً ومعيناً بالذات:  إن وجود الحق العيني يتطلب وجود الشيء محله، لأن مقتضى الحق العيني مباشرة سلطة على الشيء، وفي حالة عدم وجود الشيء فإن هذا يعني عدم إمكانية مباشرة السلطة التي تعبر عن وجود حق عيني وبالتالي عدم وجود أو قيام حق عيني، وعليه لنشوء الحق العيني يجب أن يكون الشيء موجود وجوداً محققاً وحالاً، كما يجب أن يكون الشيء معيناً بذاته لكي يمكن لصحاب الحق أن يباشر سلطته عليه.  أما الحق الشخصي فإنه يوجد ويقوم حتى ولو كان محله سيوجد في المستقبل أو كان متعلقاً بشيء من الأشياء المعينة بالنوع من الأخذ بعين الاعتبار الاستثناءات التي يقررها القانون على ذلك كما هو الحال بالنسبة للتعامل بالتركات المستقبلية على نحو ما تم شرحه.

المبحث الثالث
الحق المعنوي عبارة عن "سلطة مخولة للشخص أو من يقوم مقامه على نتاجه الفكري أو الأدبي أو الفني أو غيره من ثمرات الذهن والخاطر، وكذلك على القيم التجارية المعنوية المشكلة للعناصر المعنوية للمحل التجاري، لتمكينه من الاحتفاظ بنسبة هذا النتاج أو القيم لنفسه والوصول إلى المنفعة المالية التي تنتج عن استغلالها واحتكارها".
فالحق المعنوي إذاً يرد على شيء معنوي غير مادي، فقد يرد على نتاج الذهن كحق المؤلف على مؤلفه وحق الفانان على مبتكراته الفنية وحق المخترع على مخترعاته، كما قد يرد الحق المعنوي على القيم التي تدخل ضمن المقومات المعنوية للمحل التجاري، ومثال ذلك حق التاجر في الاسم التجاري والعلامة التجارية والاتصال بالعملاء.
يتضح أن محل الحق المعنوي يتمثل في النتاج الذهني إذ القيمة المعنوية، وعلى ذلك لا يعتبر الجسم المادي الذي يظهر فيه النتاج أو القيمة محلاً للحق المعنوي كالكتاب أو الآلة المخترعة، بل إن محل الحق المعنوي هو الأفكار التي أبداها المؤلف في كتابه أو الابتكار الذي أوصل إلى الاختراع ...الخ.
وتقتضي دراستنا للحقوق المعنوية أن نبين أنواعها ثم مضمون الحق المعنوية، وذلك في النقاط الآتية.

أولاً:  أنواع الحقوق المعنية:
تتنوع الحقوق المعنوية إلى طوائف، حيث يوجد طائفة حقوق المؤلفين والمخترعين والتي تسمى بالحقوق الذهنية وترد على النتاج الذهني، ولذلك يكون لها جانبان:  جانب أدبي نتيجة ارتباطها بالشخص وجانب مادي يخول استغلال هذا النتاج.  وتوجد طائفة الحقوق التي ترد على القيم التجارية المعنوية وهي التي تكون العناصر المعنوية للمحل التجاري كالاسم التجاري والعلامة التجارية والاتصال بالعملاء والسمعة التجاري ...الخ.  وتسمى حقوق المؤلفين على مصنفاتهم العلمية والأدبية والفنية بالمليكة الأدبية والفنية، أما الحقوق المتعلقة بالاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات والأسماء التجارية فتسمى بالملكية الصناعية.

ثانياً:  مضمون الحق المعنوي:
تتضمن الحقوق المعنوية جانبان، جانب أدبي وجانب مالي.  ويتمثل الجانب الأدبي للحق المعنوي بوجد صلة وثيقة بين الشخص وإنتاجه العلمي أو الذهني أو نتاج فكره وما يعتبر عصارة عمل وفكر ومتواصل مبني على دراسة وثقافة واتساع في الأفق والتفكير، مما يؤدي إلى حرص الشخص صاحب الحق المعنوي على أن يصون نتاج ذهنه وعقله وفكره الذين يعبرون عن شخصيته وقدراته.  أما الجانب المالي فيعطي لصاحب الحق المعنوي الحق في استثمار نتاج ذهنه الفكري واستغلاله والتصرف فيه ويكون ذلك عن طريق نشر المؤلف، ويستوي أن يقوم بذلك المؤلف نفسه أو بواسطة شخص آخر كأن يعهد بهذا الأمر إلى إحدى دور النشر والتوزيع مقابل نسبة من الأرباح أو مبلغ مقطوع، كما يتم الاستغلال أيضاً عن طريق بيع الأغنية أو اللحن أو الاختراع مقابل مبلغ من المال، وينتقل حق الاستغلال المالي للورثة بعد وفاة صاحب الحق المعنوي أما في حياته فلا يجوز لغيره أن يقوم بذلك بدون إذن كتابي منه.  ويفهم مما تقدم أن الحق المعنوي في جانبه المالي يعتبر من الحقوق المالية ويقيم بالمال ويجوز التصرف فيه للغير بمقابل أو بدون مقابل على أن يكون التصرف مكتوب ومحدد فيه بشكل صريح الحقوق التي يجوز أن تكون محلاً للتصرف ومدة الاستغلال ومكانه ومداده والغرض منه.

لتحميل الملف اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات