أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الثلاثاء، 5 يونيو 2018

بحث عن الخصخصة pdf

تعريف الخصخصة وأنواعها

 

أصبحت عملية الخصخصة ظاهرة عالمية وموجه اقتصادية بعد التوسع الكبير في دور القطاع العام وتزايده في عملية التنمية الاقتصادية، وبعد انتار مظاهر الفساد الإداري والمالي داخل مؤسساته وإدارته، حيث أخذ يعاني في أغلب قطاعاته من انخفاض كفاءته، لذلك ظهرت الخصخصة.

مفهوم الخصخصة:
يعتبر مفهوم الخصخصة من المصطلحات الاقتصادية الحديثة التي دخل الحياة الاقتصادية في السنوات الأخيرة، أي في السبعينيات والثمانينيات وقد تعدد الآراء حول المفهوم العلمي للخصخصة، فهناك من يرى أن الخصخصة تعني  الكفاءة في إدارة وتشغيل المشروعات لعامة والاعتماد على آليات السوق.  وهناك من يعرفها بأنها تعني السماح للقطاع الخاص بالمساهمة في المشروعات المشتركة ذات الصلة بالخدمات العامة وأخيراً استقر الفكر الاقتصادي والممارسة العالمية على مفهوم محدد وواضح للخصخصة والذي ينصرف إلى أحد معنيين:

المعنى الضيق:  والذي يعني تحويل ملكية وإدارة المشروعات العامة التي تمتلكها الدولة إلى القطاع الخاص، أي بيع أصول وممتلكات الدولة بصفة كلية أو جزئية للقطاع الخاص.

المعنى الواسع:  والذي لا يشتمل على بيع أصول ووحدات القطاع العام فقط، وإنما يتضمن بعض التغيرات في الهياكل المالية والتنظيمية والإدارية للمشروعات العامة من خلال عقود التأجير والإدارة الخاصة ...وغيرها.
وبناءً على ذلك فإن سياسة الخصخصة باعتبارها أحد مكونات برنامج الإصلاح الاقتصادي تتطلب وضع برامج ذات آليات خاصة، تبدأ بمسح كامل للمشروعات العامة وتصنيفها وفقاً لمراكزها وأوضاعها المالية والأهمية النسبية لها، ثم تحديد المشروعات المراد خصخصتها بناءً على معايير محددة -فضلاً عن ذلك-  تتطلب تقييم أصول الشركات التي سيتم بيعها وفق جدول زمني يحدد على ضوئه المشروعات المطروحة للبيع على شكل دفعات متتالية.

الاعتبارات التي أدت إلى نشأة القطاع العام
هناك العديد من الأسباب والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية التي أدت إلى نشأة القطاع العام، واتساع نطاقه وبصفة خاصة في الدول النامية، ذلك أن المشروع العام فرض نفسه كمؤسسة قومية، ليس لأسباب متعلقة بالنظرية الاقتصادية الحديثة وانتشار الأفكار الكنزية، التي أعطت الأساس النظري لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وإنما لاعتبارات أخرى يمكن إجمالها في الآتي:
1.  شعور الدول النامية وخاصة حديثة الاستقلال بمسئولياتها تجاه المجتمع من خلال القيام بتسريع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق معدلات نمو عالية.  ويتطلب تحقيق هذه الوظائف الاقتصادية ضرورة حشد وتعبئة موارد كافية، سواء من خلال الموارد الضريبية، أو الفائض الاقتصادي الذي تحصل عليه الدولة من مشروعاتها الإنتاجية ثم إعادة استثمار هذه الموارد المتحققة في مشروعات اقتصادية عامة ذات أولوية خاصة، صناعية، زراعية بهدف التعجيل بعملية التنمية الاقتصادية.
2.  تقوم فلسفة المشروع العام على أساس أنه ليس أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، وإنما أيضاً كوسيلة لإعادة توزيع الدخل القومي وتحقيق التوازن الاجتماعي من خلال توفير فرص العمل للعاملين، وتقديم السلع والمنتجات بأسعار متناسبة مع المستويات المختلفة للأجور.
3.  رغبة كثير من الدول النامية في السيطرة على ما يسمى (بالقمم القائدة في الاقتصاد) أو "بالمرتفعات الإستراتيجية"  في النظم الاقتصادية، وهي الصناعات الثقيلة والإستراتيجية، والنظام المصرفي والمرافق الأساسية وقطاع النفط وصناعة الحديد والصلب لاعتبارات متعددة، فهذه المشروعات تتميز من ناحية بكبر حجمها وطول فترة الاكتمال وتعقد تقنيات الإنتاج، وبالتالي تتطلب رؤوس أموال كبيرة تتجاوز قدرات القطاع الخاص، ومن ناحية أخرى عدم ثقة الحكومات في ترك القرارات الإستراتيجية المتعلقة بالاستثمار وتوجيه الموارد الاقتصادية بيد القطاع الخاص.
4.  محدودية قدرات القطاع الخاص المحلي وعدم تطوره ونموه بدرجة كافية، بل إحجامه عن الاستثمار في المشروعات التي ينخفض فيها العائد على رأس المال في القطاعات الصناعية والزراعية ...وغيرها فضلاً عن عدم توافر طبقة المنظمين التي تقوم بهذه المشروعات ذات الكثافة الرأسمالية العالمية.
5.  تبني كثير من الدول النامية إستراتيجية الإحلال محل الواردات ويتطلب لتحقيق هذا الهدف قيام الدولة بتنفيذ برنامج تصنيع واسع النطاق فضلاً عن بناء المرتكزات الأساسية للاقتصاد والتي لا غنى عنها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مبررات الأخذ بسياسة الخصخصة
يرى كثير من الاقتصاديين أن الأخذ بسياسة الخصخصة والتحول نحول القطاع الخاص ظاهرة شملت كافة الاقتصاديات، وخاصة الدول التي لا تطبق برامج الإصلاح الاقتصادي.  وهذه الظاهرة في الواقع دفعت كثير من الدول إلى الأخذ بها أملاً في إصلاح ومعالجة بعض الاختلالات والتشوهات في السوق والبحث عن حلول لأمتها الاقتصادية وتنمية عناصر المنافسة، ورفع كفاءة الاقتصاد القومي، وتوسيع قاعدة الملكية في النشاط الاقتصادي.

ويمكن إجمال أهم الأسباب والمبررات فيما يلي:

مبررات الخصخصة

1.  تدني مستوى أداء القطاع العام:
يتسم أداء القطاع العام -كظاهرة عامة- بتدهور مستوى أدائه وانخفاض إنتاجيته، ومحدودية العائد على رأس المال، ذلك أن المؤسسات العام في رأي البعض قد أنشئت لتحقيق مجموعة من الهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأن أدائها كان ضعيفاً في مجال تحقيق الأهداف الاقتصادية، وجيداً أكثر مما ينبغي في مجال تحقيق الأهداف السياسية، وأن الخصخصة أداة اقتصادية جذابة، وإن كان تنفيذها أمراً في غاية الصعوبة، بالإضافة إلى أن وحدات القطاع العام يسودها مظاهر الفساد والاختلالات الإدارية والمالية وتضخم حجم القطاع العام ومؤسساته التي تعمل دون مستوى الكفاءة الاقتصادية المطلوبة، كما أن التدخل المستمر من السياسيين في شؤون القطاع العام يضعف من كفاءته.  وأخيراً فإن القطاع العام يهيئ الفرصة الواسعة لإفساد الذمم وتفشي المعاملات في السوق السوداء.  وتوزيع الحصص بغير استحقاق وبخاصة إذا تحالف رجاله مع قيادات النخبة السياسية لتبادل المنافع على حساب المصلحة العامة.  ولا شك أن هذا السلوك الاقتصادي غير السوي له آثاره المدمرة على الاقتصاد والمجتمع في الأجل الطويل.  كما يرى البعض أن القطاع العام في أغلب دول العالم مجال استنزاف مستمر للموارد الاقتصادية، وعبئاً ثقيلاً على ميزانية الدولة.

2.  تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة:
يترتب على انخفاض كفاءة المشروعات العامة إلى انخفاض قدرتها على تمويل استثماراتها تمويلاً ذاتياً فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها نتيجة لعدم قدرتها على تغطية خسائره، وبالتالي تتحمل الموازنة العامة للدولة سنوياً بأعباء مالية كبيرة تتمثل في مساهمة الدول الرأسمالية لدعم وتوسيع أنشطة القطاع العام الاستثمارية.  إما في شكل إعانة للوحدات الاقتصادية التي تعاني من عجز في موازنتها الجارية أو سداد ديونها والمتأخرات المتراكمة عليها، وغيرها من التحويلات المالية للمنشآت العامة المتعثرة.  وبناءًً على ذلك فإن الخصخصة كما يرى منظورها تؤوي إلى مكاسب فورية للموازنة منها:
* تخفيض أعباء الموازنة بالتخلص الفوري من صور الدعم المختلفة والمعونات التي تقدمها للمشروعات العامة والمرافق العامة المفتقرة إلى الكفاءة.
*  توفير حصيلة فورية من بيع وحدات القطاع العام التي يمكن استخدامها في تمويل البرامج الاستثمارية في مشروعات البنية الأساسية أو تمويل برامج إنشاء مشروعات جديدة لخلق فرص عمل جديدة أو إنشاء مشروعات بالمشاركة مع القطاع الخاص فضلاً عن تنمية الموارد الضريبية من المشروعات المحولة بعد إعادة هيكلتها ورفع كفاءتها وربحيتها في ظل الإدارة الخاصة.  وتؤدي العوامل السابقة جميعها إلى الاختلال الهيكلي بين الإيرادات العامة والنفقات العامة.

3.  توفير مصادر إيرادية جديدة للدولة:
في ظروف الأزمات الاقتصادية وانعدام مصادر التمويل تلجأ الحكومات إلى بيع أو تسييل جزء من أصولها المادية، شأنها شأن الفرد المعسر الذي يواجه التزامات مالية وليس لديه القدرة على السداد، عندئذ يبيع جزءاً من أصوله المادة أو الإنتاجية سداداً لهذه الالتزامات، أي أن الخصخصة تهدف جزئياً إلى توفير مصادر إيرادية جديدة للدولة تعين الحكومة على سداد التزاماتها سواء كانت التزامات متعلقة بسداد الفوائد والأقساط على الديون الخارجية، أو وفاءً لديون داخلية كساد أعباء أذون الخزانة (الفوائد، ورأس المال المفترض)، وفي أحيان كثيرة لمواجهة نفقاتها المتزايدة.  ويمكن القول أن المصادر الإيرادية الجديدة المحتملة من عملية الخصخصة تشمل ما يلي:
* الحصيلة المتجمعة من عمليات بيع المنشآت العامة أو التصفية، وكذلك العوائد الأخرى من تأجير بعض المنشآت العامة.
* جذب رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة من خلال الإجراءات المتعلقة بتهيئة البيئة الاستثمارية وتقديم الحوافز للاستثمار والإعفاءات والتسهيلات التي تضمنها قانون الاستثمار، فضلاً عن ذلك فإن عملية الخصخصة، ضمن منظومة متكاملة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية، من المتوقع أن تؤدي إلى استعادة وجذب رأس المال والوطني المهاجر.
* محاولة اجتذاب رأس المال الأجنبي، إذ أن عملية الخصخصة وما يصاحبها من إجراءات نقدية ومالية وهيكل متكامل من الحوافز للاستثمار من المحتمل أن تؤدي إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية، نظراً لما تؤدي إليه الخصخصة من فرص استثمارية جديد تغري المستثمر الأجنبي.
 * يرى بعض الاقتصاديين أن عملية الخصخصة تتيح فرصة نادرة للاقتصاد، وللقطاع الخاص خاصة، لاستيعاب المدخرات الخاصة، والتي غالباً ما تتجه إلى الاستهلاك أو الاستثمار في الخارج نظراً لعدم وجود فرص استثمارية كافية لجذب واستيعاب المدخرات الخاصة.

4.  تنمية وتنشيط سوق رأس المال:
تؤدي الخصخصة، مع غيرها منا لسياسات (أذونات الخزانة) إلى تنشيط وتنمية سوق رأس المال، حيث يرى مؤيدو الخصخصة أن عملية تعبئة المدخرات المحلية لا يمكن أن تنتعش إلا في ظل أسواق مالية يتم تداول الأسهم والسندات فيها، غير أن سياسة الخصخصة تتطلب منظومة من الآليات حتى يتسنى للدول تطبيقها، ومنها على سبيل المثال:
- وجود سوق للأوراق المالية تتميز بالانتظام والنمو المستمر.
- مدى توافر رؤوس الأموال الخاصة لشراء المشروعات العامة المباعة.
- مدى توافر الجدارة الائتمانية للاقتصاد.
هذه الآليات تؤدي إلى نجاح سياسة الخصخصة، وبالتالي يتم تبادل الأسهم بصورة منتظمة.  غير أن هذه الآليات لا تتوافر في ظروف الدول النامية، إذ أن أسواق رأس المال مازالت متخلفة، كما أن الأوعية المتاحة للادخار والاستثمار ما زالت محدودة هي الأخرى، وتكاد تقتصر على الصور التقليدية، كالودائع بأجل والسندات الحكومية.

5.  توسيع نطاق المنافسة:
يترتب على سياسة الخصخصة زيادة المنافسة من خلال تشجيع القطاع الخاص على دخول مجالات اقتصادية كانت حكراً على القطاع العام، كما أنها تؤدي إلى توسيع نطاق الملكية بين المستثمرين والسعي إلى استقطاب رؤوس الأموال محلية والأجنبية والعمل على توفير مناخ اقتصادي سليم يقود إلى تطوير وتنمية قدراتها الإنتاجية.
وبالتالي تختفي صور ومصادر عدم الكفاءة المصاحبة للمشروعات العامة من خلال كفاءتها الإنتاجية فضلاً عن ذلك فإنها تؤدي إلى الاستفادة مما لدى القطاع الخاص من كفاءة إدارية وتكنولوجية ومستوى لا بأس به من نظم الضبط الاقتصادي والمالي والمصرفي والقانوني والحرص على جودة الإنتاج بأقل التكاليف.

أثر الخصخصة على الميزانية العامة:
يمكن بحث الأثر المتولد على ميزانية الدولة جراء القيم بعملية الخصخصة من زاويتن:
الأولى:  مقدار الأثر على عجز ميزانية الدولة أو فائضها نتيجة لعدم إدارة الدولة لهذه المرافق.  فمن الواضح أن هناك العديد من المشروعات الحكومية التي تبيع إنتاجها إلى المستهلك النهائي دون أسعار التكلفة، أي أنها سلع وخدمات معانة.  ومثل هذه المشروعات بلا شك تشكل عبئاً على ميزانية الدولة.  ولا يعني أن نقل المسؤولية إلى القطاع الخاص تخلص الدولة من جميع أشكال الإعانة لمثل هذه المؤسسات.  فقد تجد الدولة نفسها مرغمة، في بعض الأحيان على إعطاء إعانة للقطاع الخاص، وذلك في الظروف التي تعمد فيها الدولة إلى تحديد سعر الخدمة بسعر أقل من ذلك الذي يغطي تكلفة الإنتاج ويحقق أيضاً ربحاً مجزياً للمنتج.  وفي معظم الأحوال، فإن الدولة تأمل من عملية الخصخصة أن تكون إدارة القطاع الخاص أفضل من إدارة الدولة مما يترتب عليها تخفيض تكاليف الإنتاج وبالتالي إمكانية البيع بسعر أقل.

الثانية:  الأثر المباشر الذي يتركه بيع مؤسسات الدولة على ميزانية الدولة.  فبيع مؤسسات الدولة سوف يحقق لميزانيتها موارد مالية هائلة فور بيع تلك المؤسسات.  غير أن موارد الميزانية العامة قد تتأثر مستقبلاً إذا كانت تلك المؤسسات تحقق عوائد مالية لميزانية الدولة.  وقد تقوم الدولة باستثمار لعوائدها المالية الناتجة عن بيع تلك الأصول بالشكل المناسب مما يخفف من ذلك الأثر السلبي.  أيضاً فإن قيام الدولة بتسديد ديونها إن وجدت أو الإنفاق على بناء التجهيزات الأساسية سوف يؤدي إلى الحد من ذلك الأثر السلبي.

أساليب وطرق الخصخصة
تنطوي سياسة الخصخصة على حزمة متنوعة من الأساليب والطرق التي تختار منها الدولة ما يتناسب مع طبيعة الهدف من عملية الخصخصة وطبيعة ونوعية الاختلالات التي يواجهها الاقتصاد.  ويمكن عرضها فيما يلي:

1.  طرح المشروعات العامة للاكتتاب العام:
وهذا الأسلوب يتم من خلال تحديد سعر ثابت لقيمة السهم قبل طرح المشروع العام للاكتتاب، ويتميز هذا الأسلوب بأنه الوسيلة العملية إلى توسيع نطاق الملكية، حيث يتم تخصيص حصة أو نسبة معينة من الأسهم المطروحة للاكتتاب لصغار المستثمرين أو للعمال أو المواطنين، كما أنه يتيح للدولة أن تمنح بعض الحوافز لتشجيع الأفراد على شاء الأسهم، كما تمنح خصماً على الأسهم لتحفيز المواطنين على شرائها، ويحول هذا الأسلوب دون ظهور احتكارات خاصة.

2. أسلوب البيع من خلال المزايدات والعطاءات:
وهذا الأسلوب يتم من خلال تنافس المستثمرين والمشترين عن طريق العطاءات والعروض التي تقدم من قبلهم والعرض الذي يقدم أعلى سعراً هو الذي يفوز بشراء أسهم المشروعات المطروحة للبيع، كما لا يؤدي إلى توسيع قاعدة الملكية، بل إن هذا الأسلوب يتيح فرصة لملية الاحتكار لأسهم المشروعات المطروحة لمن يدفع أكثر فضلاً عن أنه يؤدي أحياناً إلى التواطؤ بين المستثمرين.

3.الطريقة المختلفة للبيع على دفعات:
وهذه الطريقة تتم على مرحلتين، الأول:  طرح جزء (أسهم) من ملكية المشروع للبيع بسعر محدد لعاملين وصغار المستثمرين وللموظفين.  والمرحلة الثانية:  يتم فيها طرح بقية أسهم على كبار المستثمرين والمؤسسات المالية في مزايدة لتحقيق أعلى سعر.

4.  البيع الخاص للأسهم:
وفقاً لهذا الأسلوب تقوم الحكومة ببيع بعض ا كل الأسهم التي تملكها إلى مستثمر استراتيجي أو مجموعة مستثمرين، وهذا الأسلوب يتخذ أحد الشكلين التاليين:
* المنافسة بين مجموعتين سبق تحديدهم وتقييم مؤهلاتهم.
* عملية التفاوض المباشر بين المشترين لتحديد المشرتين المحتملين، ويتطلب هذا الأسلوب التعرف على سجل أعمال المشترين ومركزهم المالي وسجل أداءهم، وعادة تشترط الحكومة على المشترين عدم تصفية المشروع أو بيع أصوله كخردة أو تغير طبيعة نشاط المشروع.

5. التصفية النهائية وبيع الأصول: 
يمكن في الحالات التي يتضح فيها عدم جدوى المشروع العام وعدم قدرته على الاستمرارية أن تقوم الحكومة بتصفية المشروع وبيع أصوله، وتتم عملية التصفية إما من خلال نظام المزاد العني أو العطاءات والعروض من قبل المشترين، أو التفاوض المباشر مع مستثمرين سبق تحديدهم.

6.  أسلوب التأجير والإدارة:
ويتم من خلال التعاقد على إدارة المشروعات العامة وتشغيلها لفترة محددة من قبل القطاع الخاص وإدخال مهارات القطاع الخاص الإدارية والتكنولوجيا إلى المشروعات العامة مع المحافظة على ملكية الدول لهذه المشروعات، وبالتالي لا يتضمن هذا الأسلوب أي تحويل أو تصرف في أصول الدولة.  وهو ما يؤدي إلى زيادة الكفاءة في استخدام أصول الدولة، وتحقيق الاستخدام الأمثل.
وهذا الأسلوب يعد في الواقع، خطوة بسيطة في اتجاه عملية تحويل المشروعات العامة إلى القطاع الخاص، يعقبها خطوة أخرى بعد أن تصل هذه المشروعات إلى مستوى اقتصادي مقبول للعمليات الإنتاجية والربحية.  حينئذٍ تقرر الدولة إما الاحتفاظ بهذه المشروعات وإدارتها بنفسها أو تحويل ملكيتها إلى القطاع الخاص بشكل نهائي.

7.  عقود التشغيل (حق الاستخدام):
يتضمن هذا الأسلوب منح المستثمر الخاص من ذوي الخبرة حق الإنتاج والتوزيع للسلع والخدمات.  ويتطلب هذا الأسلوب تطوير نوعي في السلع والخدمات والأداء الإنتاجي والقدرة على تشغيل أصول المشروع بطريقة أكثر كفاءة.  ويفضل هذا الأسلوب في حلة رغبة الحكومة في الاحتفاظ بخصائص ونوعية الخدمات والمنتجات لأهميتها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية على أساس تنافس عدد من المستثمرين بحيث يحقق أفضل النتائج، إلا أن ثمة أسباب تحول دون وجود التنافس الحقيقي في هذه المزايدات ومنها السببان التاليان:
* ظهور شكل من أشكال التواطؤ بين المتزايدين، خصوصاً إذا كان عددهم محدوداً.
* يوجد أحياناً منشأة واحدة تتمتع بميزة نسبية في المنافسة تمكنها من استبعاد المنشآت الأخرى المنافسة، وبالتالي تحصل على حق التشغيل.

علاقة الخصخصة بالقطاع الخاص
تؤدي الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية في بنية الاقتصاد - منها الإجراءات المتعلقة بسياسة الخصخصة- إلى تعظيم دور القطاع الخاص في الشؤون الاقتصادية، إذ أن انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي - خاصة القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة، والقطاعات الخدمية كالتجارة والمؤسسات المالية الخاصة - من المتوقع أن ترتفع الكفاءة الاقتصادية لهذه المشروعات لا سيما وأنها سوف تدار بأساليب إدارة الأعمال الخاصة التي تركز على العائد الاستثماري.
على أن تعظيم دور القطاع الخاص لا ينبغي أن يكون هدافاً في حد ذاته، غنما بمثابة الآلية لزيادة الكفاءة الاقتصادية، وتحفيز القطاع الخاص على زيادة الصادرات وخفض كمية الواردات على نحو يؤدي إلى تخفيض الاختلال في ميزان المدفوعات، وبالتالي يساعد في تحقيق معدلات نمو قابلة للاستمرار.  كما أن تحرير الاستثمار من القيود التي كانت تعوق جذب رؤوس الأموال الخاصة إلى الأنشطة الاقتصادية المختلفة تؤدي إلى تعاظم دو القطاع الخاص.  بعبارة أخرى أنه من الأهمية بمكان أن يدرك القطاع الخاص أن عملية الخصخصة تعني الأمرين التاليين:
أ.  إعلان واضح وصريح من الدولة أن قيادة التنمية الاقتصادية انتقلت من يد الدولة إلى القطاع الخاص في المراحل التالية.  وأن الإجراءات العملية لتمكين القطاع الخاص من أداء دوره التنموي تتمثل في أن الدولة تدعو القطاع الخاص ليتحمل عن الدولة عبء القيام بهذه الوظائف الاقتصادية، سواء من خلال عقود التأجير والإدارة لوحدات القطاع العام أو البيع الجزئي أو الكلي أو التصفية النهائية.
ب.  أن عملة الخصخصة وما يتمخض عنها من قل تدريجي وبيع وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص فيه إشارة صريحة إلى طمأنة القطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي وأن دوره المتوقع كبير في المرحلة القادمة.
الجدير بالذكر أن عملية الخصخصة  -ينظر إليها- على أنها أداة مهمة لتشجيع الأموال الوطنية لمهاجرة والهاربة على العودة للاستثمار في وطنها الأصلي، وخاصة إذا توفرت الضمانات القانونية والامتيازات الاستثمارية المحفزة التي مكن من خلالها إعادة الثقة لتك الأموال للعودة والمشركة في الدفع بعملية النمو الاقتصادي.
كما أن الخصخصة تفتح أفاقاً جديدة للمستثمرين المغتربين، وخاصة إذا صابحها إجراءات أخرى مكملة كالإجراءات المتعلقة بالضمانات القانونية وتهيئة البيئة الاستثمارية ومتطلبات الاستقرار السياسي والأمني والاستقرار الاقتصادي والوضوح والشفافية في السياسات النقدية والمالية.
غير أن برنامج الإصلاح الاقتصادي قد يضع قيوداً على نجاح وانطلاق القطاع الخاص، فهناك إجراءات معاكسة منها:
* ارتفاع أسعار الطاقة، كأسعار الكهرباء وأسعار البتول، والديزل، وغيرها، وهو أمر يزيد من الأعباء على الأفراد، كما أنه يرفع من عناصر التكاليف التي تتحملها المشروعات الصناعية والزراعية ..وغيرها، أي أنه يقلل من فرص الأرباح والعوائد المتوقعة، مما يضعف الحافز للاستثمار ويضعف من قدراتها على التوسع في الاستثمار.
* وهناك ارتفاع أسعار الواردات الوسيطة والسلع الرأسمالية بسبب تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية (الريال الوطني) والتي يوصي بها الصندوق ضمن حزمة السياسات النقدية والمالية التي يتبناها.
* وهناك ضريبة المبيعات الجاري تنفيذها وارتفاع ضريبة الدخل والرسوم والخدمات الأخرى.
* كما أن ارتفاع الفائدة يضع قيداً على نمو الاستثمار الإنتاجي بسبب سياسة أذن الخزانة التي تسحب المدخرات من الأفراد، وما يترتب عليها من تغير في نمط الاستثمار، من الاستثمار الإنتاجي إلى الاستثمار المالي غير المنتج.
إذا يمكن القول أن التوجيهات الجديدة للسياسة الاقتصادية تجعل القطاع الخاص في موقف ينتج عند مستوى مرتفع للتكاليف.  ما تشكل قيداً إضافياً على نمو وتوسع حجم القطاع الخاص.

الشروط الضرورية لنجاح عملية الخصخصة في الدول النامية
يتوقف نجاح عملية الخصخصة في الدول النامية علة توافر منظومة متكاملة من الشروط الضرورية والمرتكزات الأساسية التي تضمن عدم انحراف هذه الأداة عن أهدافها الأساسية المتمثلة في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد من خلال رفع كفاءة تخصيص وتوزيع الموارد الاقتصادية، وزيادة درجة المنافسة بين الوحدات الاقتصادية، وتصحيح الأوضاع الاحتكارية في السوق وتنشيط رأس المال، وتوسيع نطاق الملية، وجذب رؤوس الأموال المهاجرة والجنبية للاستثمار في المجالات الإنتاجية، والصناعية والزراعية والتكنولوجية.
بالتالي فإن نجاح سياسة الخصخصة في تحقيق الأهداف السابقة مرهو بمدى تحقيق الشروط الآتية:
1.  أن لا تؤدي عملية الخصخصة إلى نشوء أوضاع احتكارية جديدة، وهذا يتطلب -بالضرورة- اختيار أساليب الخصخصة التي تحقق هذا الهدف، كأن تعطي الأولوية لأسلوب الاكتتاب على بقية الأساليب الأخرى، كما تتطلب أيضاً عدم إعطاء أي ميزات تفضيلية لمشتري وحدات القطاع العام سواء تمثلت في منحة حماية جمركية أو أسعار تفضيلية للمدخرات الإنتاجية أو تمويل حكومي في صورة قروض ميسرة.
2.  أن ترتكز عملية الخصخصة على قاعدة تكافؤ الفرص لكل من يرغب في شراء جزء أو كل الأسهم في بضع الشركات دون تمييز أو محاباة لأي مستثمر على حساب المستثمرين الآخرين.  وهذا يتطلب حصر البيع المباشر أو المفاوضات مع طرف دون غيره، إلا بعد الحصول على عطاءات معلنة مع إتاحة المعلومات الكاملة عن جميع مراحل البيع لكل من يرغب في الحصول عليها، ماعدا البيانات التي تفرضها سرية المعاملات في السوق.
3.  اعتماد مبدأ الشفافية والوضح وإتاحة البيانات وانسيابها بشكل كافي عن جميع مراحل البيع، سواء ما يتعلق بطرق وأساليب التقويم أو بدء وانتهاء التفاوض، أو محتويات العقود او موعد إنهاء البيع والتحصيل، كل ذلك ينبغي أن يكون متاحاً لكل من يرغب في الحصول على تلك المعلومات.
4.  أن تستهدف سياسة الخصخصة توسيع قاعدة الملكية في النشاط الاقتصادي، من خلال إعطاء أولوية في تملك الأسهم للعمال والموظفين والمواطنين عموماً، وذلك من خلال عقود الإيجار وإدخال أساليب الإدارة الخاصة.
5.  أن يراعي مجموعة من الاعتبارات بالنسبة للشركات القابلة للتخصيص والتي سيتم طرحها للبيع عن طريق المزاد العلني أو الاكتتاب العام، وأهم هذه الاعتبارات ما يلي:
* تقديم بعض الحوافز أو المزايا للمشترين على نحو تدفعهم لشراء الأسهم التي يتم طرحها في السوق، سواء تمثلت الحوافز في بيع الأسهم بأسعار مخفضة أو بحيث تضمن لهم تحقيق بح رأسمالي أو من خلال توفير البيئة المشجعة للاستثمارات الجديدة للقطاع الخاص.
* تحديد منهج واضح لكيفية التعامل مع العمالة التي سيتم الاستغناء عنها، وتعويضهم بشكل مناسب سواء من حصيلة الخصخصة أو عن طريق الصناديق الاجتماعية وإتاحة الفرصة أمامهم لعمل مشروعات صغيرة.
* ألا يتم طرح شرائح الأسهم للشركات العامة المراد خصخصتها دفعة واحدة، وإنما بصورة متدرجة وعلى شكل دفعات متتالية بما تسمح به الطاقة الاستيعابية للسوق حتى لا يحدث انخفاض في أسعار الأسهم.
* أن يكون واضحاً أن بعض أساليب الخصخصة قد تفتح المجال للاحتكار. فمثلاً أسولب المزاد العلني قد يتيح فرصة لعملية الاحتكار لأسهم الشركات المطروحة لمن يدفع أكثر، كما أن هذا لأسلوب يؤدي إلى حرمان صغار المستثمرين من شراء الأسهم.
6.  أن يحدد برنامج الخصخصة أو قانون الخصخصة المجالات أو المشروعات التي تظل بيد الدولة ولا يجوز تخصيصها وتحويلها إلى القطاع الخاص، ومنها:
* المشروعات الإستراتيجية، والتي لها علاقة بالمصلحة العليا والأمن القومي للمجتمع.
* المشروعات ذات الصلة بالأهداف الاجتماعية والسياسية كالتعليم والصحة والمياه والصرف الصحي، وهذا بطبيعة الحال لا يمنع من مشاركة القطاع الخاص في هذه المجالات.

الآثار السلبية لسياسة الخصخصة
تعد سياسية الخصخصة من السياسات التي تؤدي تطبيقها إلى آثار جانبية سلبية على الاقتصاد حتى في ظل التعاطي مع الخصخصة كأداة اقتصادية يمكن تطبيقها بطريقة سليمة وكفؤه، فهي لا تلبث أن تولد تشوهات في بنية الاقتصاد وعلى وجه الخصوص في اسواق العمل، فضلاً عن أنها تحدث اختلالات محتملة في التوازن الاجتماعي وظهور كيانات احتكارية جديدة، فهي في واقع الأمر تساعد في إزالة الاختناقات والتشوهات الاقتصادية، ورفع كفاءة وإنتاجية الموارد الاقتصادية، وفي المقابل ينتج عنها اختلالات اقتصادية ومالية جديدة وبالتالي يتطلب الأمر إجراء موازنة دقيقة بين حجم المنافع المتوقعة التي تعود على الاقتصاد، وحجم التضحيات الخسائر التي يتحملها وتتوزع على أفراد المجتمع وأجياله الحالية واللاحقة، وبالتالي لا تنسينا في غمار قوة الدفع والجاذبية التي تلقاها سياسة الخصخصة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل المؤسسات الدولية، والأطراف الرسمية المحلية، من التعامل مع هذه القضايا الحساسة على نحو يقلل من الآثار السلبية ويوجد معالجات عملية.

وفي إطار هذا المنهج يمكن العرض لأبرز الآثار السلبية لبرامج الخصخصة:

1.  اقتران سياسة الخصخصة بزيادة نسبة البطالة
يترتب على الشروع في تنفيذ برنامج الخصخصة تزايد نسبة البطالة، إذ أن المستثمرين الجدد أو الملاك الجدد للوحدات التي سيتم خصخصتها سيعمدون إلى التخلص من نسبة العمالة الزائدة، ذلك أن مشروعات القطاع العام ساحة واسعة لتكدس العمال بأكثر من الاحتياج الحقيقي لها، إذ يسود فيها ظاهرة البطالة المقنعة، وبالتالي تسبب الخصخصة في تفاقم مشكلة البطالة وتساهم جزئياً في إهدار أهم مورد في المجتمع وهو أرس المال ابشري.  وليس متصوراً أن القطاع الخاص في الأجل القصير قادر على استيعاب وامتصاص هذه الأعداد المسرحة من العمال وفتح مجالات عمل جديدة لها.  خلاصة الأمر أن سياسة الخصخصة تؤدي بشكل منظم إلى تزايد صفوف العاطلين كلما أوغلنا في تنفيذ هذه السياسة، وهو ما يؤدي إلى انتعاش مشاكل اجتماعية غريبة على المجتمع ويعرض أمن واستقرار البلد للخطر.  وتتوقف الزيادة الصافية إلى البطالة في سوق العمل على حجم القطاع العام وأعداد المسرحين من الموظفين أو المحالين إلى صندوق العمالة الفائضة.
وفي سبيل مواجهة هذه الآثار السلبية تلجأ الدول إلى العديد من الإجراءات المؤقتة، وهي ليس حلاً نهائياً للمشكلة بقدر ما هي تهدئة أو معالجة جزئية لا تغني عن البحث عن فرص عمل منتجة لها وإمكانية استيعابها من قبل القطاع الخاص في المستقبل المنظور وتتمثل أهم الإجراءات فيما لي:
أ.  تشجيع العمال على تملك أسهم المشروعات العمة من خلال منح حوافز للعمال، سواء في شكل تخفيض لقيمة الأسهم أو منحهم قروضاً لشراء نسبة من أسهم المشروع.
ب.  قيام الحكومة بصياغة برنامج تشجيع التقاعد المبكر، ودفع تعويضات ومكافآت للذين يرغبون في ترك الخدمة باختيارهم.
ج.  إعداد برنامج للتدريب التحويلي يركز على التخصصات المطلوبة حالياً، أو التخصصات التي سيرتفع الطلب عليها في المستقبل القريب، وتقديم تسهيلات ائتمانية لمساعدتهم على إنشاء مؤسسات صغيرة أو شراء بعض الأصول الإنتاجية والورش وتوفير برنامج التمويل اللازم من خلال صندوق فائض العمالة.
د.  اقتصار عملية الخصخصة في مراحلها الأولى على المشروعات العامة الصغيرة ذات العمالة المحدودة، مع مراعاة أن يتم ذلك على نطاق جغرافي.
خلاصة الأمر أن سياسة الخصخصة ينبغي أن تحدد بشكل واضح الضمانات الأساسية التي تكفل حقوق العمال وآلية تحقيق ذلك، كصندوق العمالة الفائضة بحيث يكون موضحاً موارد الصندوق وأهدافه ووسائل تحقيق أهدافه، فضلاً عن ذلك استيعابه الإجراءات السالفة الذكر.

2.  تزايد ظاهر التفاوت في توزيع الدخول والثروات:
يرى البعض أن عملية الخصخصة في التحليل النهائي تؤدي إلى إعادة توزيع الدخل والثروة لصالح فئة قليلة في المجتمع على نحو يؤدي إلى زيادة تركيز الثروة والملكية في أيدي قلة من الأفراد قد تكون أحياناً غير مرغوب فيها.  ففي غالبية الدول توجد مجموعة صغيرة هي التي تمتلك رؤوس الأموال القادرة على شراء المشروعات العامة المرشحة للخصخصة أو شاء كمية أكبر من الأسهم وهي عادة الطبقة الغنية، حيث أظهرت الدراسات أن برامج الإصلاح الاقتصادي في الغالب تؤدي إلى زيادة تعميق التفاوت في الدخل والثروات وإلى تفشي ظاهرة الفقراء الجدد في صور متعددة إما بتخفيض الدخل الحقيقي، أو زيادة التكلفة المعيشية، أو تزايد عدد المتعطلين نتيجة تطبيق سياسة الخصخصة، كما تكشف الدراسات أيضاً أن فئات جديدة تضاف بأسلوب منظم تقريباً إلى قائمة الفقراء الجدد في الدول النامية عقب تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي بصورة عامة وتطبيق سياسة الخصخصة على وجه الخصوص.
وتحاول الدول التغلب على هذه المشكلة من خلال السياسات الآتية:
أ.  محاولة توسيع قاعدة الملكية لتشمل العمال والموظفين وعامة الشعب من خلال تخصيص نسبة من أسهم المشروعات التي يتم تخصيصها للفئات الذكورة سابقاً.
ب.  الاحتفاظ بالسهم الذهبي، حيث تحتفظ الحكومات في حالة بيع المشروعات العامة ذات الأهمية الإستراتيجية والتي لها علاقة بالمصلحة العليا للمجتمع بسهم خاص يسمى السهم الذهبي، ويستخدم هذا السهم في تغير ملكية الأسهم، أي استعادة ملكيتها لهذه المشروعات، وهذا يؤدي إلى الحيلولة دون سيطرة أوضاع احتكارية غير مرغوبة وبالتالي الحد من تركز الثروة.

3. زيادة نسية الملكية الأجنبية:
يؤدي تحويل ملكية بعض المشروعات العامة إلى القطاع الخاص بهدف محاولة جذب الاستثمارات الأجنبية وهو هدف تسعى إلى تحقيقه غالبية الدول النامية نظراً لشح موارد النقد الأجنبي، وبسبب أن الاستثمار الأجنبي أيضاً ينقل التكنولوجيا المتقدمة والخبرة ويفتح فرصاً جديدة للعمالة إلا أن هناك تخوفاً يساور المجتمعات من تزايد تدفق الاستثمار الأجنبي لاسيما وأن غالبية الدول تسمح للأجانب بشراء أسهم المشروعات العامة وإقامة استثمارات جديدة شأنه شأن المستثمر الوطني.  وبعض الدول تضع حدوداً على الملكية الأجنبية وفي حالة اليمنية يمنح قانون الاستثمار للمستثمر الأجنبي مركزاً متميزاً يتمثل في شراء المشروعات كاملة دون أن يشارك المستثمر المحلي، كما منح قانون الاستثمار الحق في استقدام العمالة الأجنبية أو فصل العمالة الموجودة حالياً.

4.  إحلال الاحتكار الخاص محل الاحتكار العام:
هناك علاقة بين عملية الخصخصة واحتمال ظهور كيانات احتكارية خاصة بسبب صعوبة تطبيق بعض أساليب الخصخصة كطرح المشروعات العامة المراد خصخصتها للاكتتاب العام، فمن ناحية تتميز أسواق رأس المال في الدول النامية بالجمود والتخلف، ومن ناحية أخرى انخفاض الادخار المحلي، كما أن عدداً من المشروعات العامة تأخذ شكل الاحتكار الطبيعي.  والنتيجة الطبيعية في ظل هذه الظروف هي سيادة أوضاع احتكارية تحل محل المشروعات العامة التي تكانت تحظى بامتيازات حكومية تمثل بالنسبة لها عناصر احتكارية، كما أنه لا توجد قوانين نافذة وواضحة لمكافحة الاحتكار وحماية المستهلك.

عوائد الخصخصة
ليس كافياً أن تتم إجراءات عملية الخصخصة بتقييم أصول الشركات العامة استخدام الأساليب والطرق المناسبة والسليمة لخصخصتها وإنما هو الأهم في كيفية استخدام عوائد حصيلة الخصخصة، إذ أن بعض الدول تستخدمها في تمويل عجز موازنتها، وبعضها يسدد بها ديونه الخارجية. 
وهذه الحالات لا تؤدي إلى زيادة التكوني الرأسمالي للاقتصاد وزيادة الطاقة الإنتاجية وحتى يتم توظيف عوائد الخصخصة بطريقة كفؤه فإن أكثر المجالات أهمية تتمثل فيما يلي:
1.  استخدام عوائد الخصخصة في رفع كفاءة الخدمات العامة أو تحسين جودتها كالبينة الأساسية وشبكة المرافق والخدمات العامة.
2.  أن تستخدم عوائد الخصخصة في رفع كفاءة رأس المال البشري والارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية في مجال التعليم والصحة والبنية الهيكلية.
3.  أن توجه جزء من عوائد الخصخصة في زيادة الاستثمارات.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن بعض المنظمات الدولية مثل (UNDP) بدأت تحذر من الآثار السلبية لعملية الخصخصة فيما أسمته "بالخطايا السبع للخصخصة" في تقرير لها عن التنمية البشرية عام 1993م ومنها:
1.  عمد تقديم الوعود الكاذبة للعمالة التي سيتم الاستغناء عنها، بل ينبغي تدريبها وتأهيلها بما يتلاءم مع الصناعات الجديدة.
2.  الابتعاد عن البيع عن طريق الإجراءات التقديرية غير الموضحة، إذ أن ذلك مؤشرات للتواطؤ والفساد والمحسوبية.
3.  أن لا تستخدم حصائل بيع المشروعات العامة في تمويل عجز الموازنة، والأفضل أن توجه لسداد القروض الخارجية.
4.  الحذر من أن تؤدي عملية الخصخصة إلى جعل الاحتكارات الخاصة تحل محل الاحتكارات العامة.

تدخل الدولة في اقتصاديات الدول النامية
هناك بعض الأنشطة الاقتصادية معترف بها عالمياً باعتبارها مسؤولية الدولة وحدها، بينما هناك أنشطة أخرى يوجد اتفاق - قد يتسع أو يضيق- على أنه من الأفضل أن تترك المبادرة الخاصة، وبين هذه الطرفين النقيضين اتجهت الحكومة إلى التوسع في مجال نشاطها لمجموعة من الأسباب، بل لتنظيم الأنشطة الاقتصادية والعمل بجد ونشاط للنهوض بالتنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية، وقد تشترك الدولة في الإنتاج بصورة مباشرة أو بطريق غير مباشرة بواسطة الرقابة.
والذي يهمنا في هذا الصدد على وجه الخصوص وينبغي طرحه هو:  ما الدور الذي ينبغي أن تمارسه الدولة في ظل اقتصاد يتميز بكل أو بعض خصائص التخلص ولا يزال في المراحل الأولى للتنمية؟
في البداية تجد الإشارة إلى أن الدول النامية عموماً تعاني من ضعف وعدم مرونة جهازها الإنتاجي وعدم قدرته تشغيل مواردها لإنتاجية، بالإضافة غلى ذلك لم تستكمل بنيانها الإنتاجي وهياكلها الأساسية بعد، وما زالت تعاني من خصائص وعقبات التخلف الاقتصادي التي تعرفها وتحفل بها الأدبيات الاقتصادية وهي تختلف بطبيعة الحال من دولة إلى أخرى.
ولذلك يمكن القول:  أن دور الدولة الاقتصادي في الدول النامية من حيث أنه لا يختلف عن دورها في الدول المتقدمة لا يحمل هذا القول أدنى نسبة من الصحة، ذلك أن الدول المتقدمة قد اكتمل جهازها الإنتاجي، واستغلت مواردها الإنتاجية العاطلة، ومن ثم يتركز جهود الدول الأساسية في كيفية تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومواجهة التقلبات الاقتصادية، فضلاً عن أنها لا زالت تعاني من اختلالات اقتصادية واجتماعية حادة، أبرز تلك الاختلالات التفاوت الحاد في الدخول ورؤوس الأموال، ومشاكل التضخم والبطالة، وضعف معدل النمو الاقتصادي.  بالتالي:  ما صلح للبلاد المتقدمة من سياسات مالية ونقدية مثلاً لا يصلح بالضرورة مع ظروف وأوضاع الدول النامية لاختلاف طبيعة المشاكل الاقتصادية لكل منهما.
فقضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية تعتبر مشكلتها الأول وقضيتها الرئيسية ، وهو ما يتطلب تعبئة الموارد الرأسمالية، وحشد الطاقات الإنتاجية، وتوفير الموارد المالية لتمويل مشاريع التنمية، ولا يتم ذلك إلا من خلال اضطلاع الدولة بتلك المهام من خلال خطة مرسومة تتضمن دفعة قوية أو سلسة من الدفعات من رؤوس الأموال المستثمرة، ومن عملية الاستغلال للموارد المتاحة للمشروعات بهدف تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع يسمح للدولة ببلوغ مرحلة النمو الذاتي.

وتبدو أهمية الدول الاقتصادي للدول في المقام الأول في المجالات الآتية:
أ.  ضرورة قيام الدولة ببناء الهياكل الاقتصادية للاقتصاد أو ما يسمى برأس المال الاجتماعي كالطرق، والجسور، والكهرباء، ومحطات الطاقة .. وغيرها، وهي بمثابة الشروط الأساسية لقيام أية تنمية جادة.
ب.  تعبئة الموارد المالية، وتوظيف الطاقات الإنتاجية، وتوجيهها نحو المجالات الإنتاجية والاستثمارية بدرجة تسمح برفع الدخل القومي وزيادة دخل الفرد منه.
ج.  ضرورة السيطرة على الموارد الحيوية والإستراتيجية والتي تهم الدولة والمجتمع، كالموارد النفطية والغزية، والصناعات الحربية، وموارد الطاقة المائية وغيرها.
د.  القيام بالإنفاق على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والثقافة والإسكان والمواصلات العامة.
تلك نقطة فاصلة بمثابة خطوط تماس لا ينبغي تجاوزها، وأي تفكير مغاير لهذه الحقائق كالتحويل السريع إلى النظام الاقتصادي المتقدم القائم على التخطيط التأشيري وإلغاء دور إيجابي للدولة يعتبر بمثابة قفز على الواقع الاقتصادي وتجاوز للمرحلة الاقتصادية التي تمر بها المجتمعات النامية.

لتحميل الملف اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات