أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الجمعة، 1 يونيو 2018

بحث حول الدين العام pdf

مفهوم الدين العام وأنواعه

 


يعد الاقتراض أو التمويل بالعجز أحد المصادر الأساسية للإيرادات الحكومية في العصار الحاضر.  وتلجأ الحكومات إلى الاقتراض حينما تكون نفقاتها أكبر من إيراداتها، وفي العادة تستخدم القروض العامة بوصفها طريقة تتماشي جناً غلى جنب مع فرض الضرائب.

الدين العام:  هو مجموع ما تم إصداره من سندات دين على الحكومة خلال الزمن مطروحاً منه ما تم سداده، وعلى هذا فإن الدين العام يشكل جميع الالتزامات المالية والتي بمقتضاها تلتزم الدولة بدفع فوائد عليها، وتتعهد بسداد أصل المبالغ المقترضة.

القرض العام:  هو مبلغ من المال سواء عيناً أو نقداً يدلع للدولة أو أحد أشخاص القانون العام من قبل وحدات اقتصادية محلية أو أجنبية وبصورة اختيارية وبموجب عقد يستند إلى تصريح مسبق من قبل السلطة التشريعية تتعهد الدولة فيه بدفع فوائد على مبلغ القروض وسداد أصل القرض.

الفرق بين القرض العام والضريبة كمصدر من مصادر الإيرادات العامة:
1.  الضريبة مشاركة إجبارية تفرض على الأفراد، أما القروض العامة فهي اختيارية تتسلمها الدولة بموجب عقد.
2.  الإيرادات من الضرائب تعتبر نهائية للخزينة العامة، أما الإيرادات من القروض العامة فتعتبر مؤقتة، حيث أن الدولة ملتزمة بسداد القروض العامة بالإضافة إلى ما يترتب عليها من فوائد.
3.  ما يقدمه الأفراد من موارد مقابل سندات الدين العام هو ما يزيد من أموالهم عن حاجتهم الأساسية، أي مدخراتهم، أما الضرائب فإنها نصيب أموال المكلفين بأشكال مختلفة، وهي بذلك تؤدي إلى تخفيض إجباري في دخول وثروات أفراد المجتمع.

أوجه الشبه بين القروض العامة والضرائب:
1.  يعتبر كلاً منهما مصدراً من مصادر الإيرادات العامة التي تمول النفقات العامة.
2.  كلاهما يكون في الغالب على شكل تدفقات نقدية.
3.  كلاهما لا يتم من قبل الحكومات إلا بعد موافقة السلطات التشريعية على تلك الإجراءات.
4.  القروض والضرائب تعتبران أدوات مالية تستخدمان للتأثير على المتغيرات الاقتصادية لتحقيق أهداف الدولة.

الفرق بين مفهوم الدين العام ومفهوم الدين الخاص
1.  نظراً لاستقلال شخصية كل من الدائن والمدينين، فإنه يمكن للدائن في حالة الدين الخاص القيام بالادعاء القانوني ضد أصول الشخص المدين، وبالتالي يتعرض المدين لخطر الإفلاس.  أما في حالة الدين العام فتقوم الحكومة بسداد الدين عن طريق فرض الضرائب على الوحدات الاقتصادية الدائنة، وبالتالي يكون الدائنون هم المدينون نتيجة فرض الضرائب عليهم.
2.  الدين العام له آثار اقتصادية واجتماعي واسعة، أما الدين الخاص فتقتصر آثاره على الوحدات الاقتصادية التي تتعامل به بصورة رئيسية.

أوجه الشبه بين الدين العام والدين الخاص:
1.  يشكل الاقتراض وسيلة لزيادة الإيرادات لكل من الوحدات الاقتصادية الخاصة، والحكومات المقترضة.
2.  تعتمد الرغبة في الاقتراض سواء للحكومات أو الوحدات الاقتصادية الخاصة على الإنتاجية المتوقعة للإنفاق الممول بالقروض.

تطور النظرة لمفهوم الاقتراض العام:
1.  عارض الفكر الاقتصادي التقليدي مبدأ الاقتراض العام، وكانت النظرة للقروض العامة على أنها تحويل لمدخرات الأفراد إلى الاستخدام الحكومي الاستهلاكي، وهذا يؤدي إلى نقص رأس المال المعد للاستثمار في القطاع الخاص، مما يخفض من حجم الإنتاج ويرفع تكاليف الإنتاج، وبهذا تعتبر القروض العامة إهدار للمدخرات القومية.
2.  كذلك فإن زيادة الدين العام من قبل الحكومة وإنفاقه يعتبر تدخلاً في قرارات السوق، حيث يعمل توازن السوق للوصول إلى قرارات أفضل.
3.  الواقع التاريخي للحكومات التي رفعت من حجم ديونها العامة لا يوجد عندها مؤشر لحسن استخدام الموارد لديها.
4.  وعلى هذا يرى التقليديون أنه إذا لم تتمكن الدولة من تغطية نفقاتها من إيراداتها السيادية لظروف استثنائية، مثل النفقات العسكرية أوقات الحروب، فيمكن أن تلجأ الدولة للاقتراض في أضيق الحدود.  أما الفكر الحديث فله رأي آخر:  اختلفت النظرة حول مفهوم الدين العام تبعاً لتغير دور الدولة في النشاط الاقتصادي حسب التحليل الاقتصادي الحديث، وازدادت أهمية القروض العامة من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية.  وأصبح الاقتراض الام أدالة مالية هامة لها ما يبررها في الميزانيات العامة لمعظم الدول.

أهم مبررات استخدام الدين العام في الحكومات المعاصرة هي:
1.  من الناحية المالية:  تلجأ الحكومات إلى سياسة الاقتراض العام، حيث تعجز الإيرادات العامة من مصادر أخرى عن تغطية النفقات العامة المتزايدة، وهناك عدة أسباب لذلك.
أ.  عدم التوافق الزمني بين تدفقات الإيرادات والنفقات العامة، فتلجأ الدولة إلى الاقتراض العام قصير الأجل لسد هذا العجز المؤقت.
ب.  تضطر الدولة لزيادة حجم الإنفاق العام بصورة اضطرارية نتيجة لظروف مفاجئة مثل الحروب والكوارث الطبيعية، فتلجأ لتغطية الزيادة في حجم الإنفاق بالاقتراض العام.
ج.  قد تلجأ الدولة إلى القروض العامة حين لا تتمكن الحكومة لأسباب معينة من فرض ضرائب جديدة.
2.  من الناحية الاقتصادية:  يعتبر الدين العام في المفهوم الحديث أداة مالية هامة تستخدم من أجل التأثير على المتغيرات الاقتصادية بهدف تحقيق أهداف اقتصادية محددة مثل الاستقرار الاقتصادي بهدف الإسراع في التكوين الرأسمالي والتنمية الاقتصادية.
3.  يمكن أن يكون للدين العام مبررات سياسية واجتماعية مقبولة لدى بعض الأنظمة:  أن الالتجاء للاقتراض سواء يخفف من العبء الضريبي للمكلفين في الجيل الحالي، ويعتبر نجاح الاقتراض العام تعبير عن ثقة الأفراد بحكومتهم ودعمهم لبرامجها.

هناك عدة تقسيمات للقروض العامة على حسب معيار التقسيم، فإذا أُخذ مبدأ الحرية في تقديم الأموال نجد القروض الاختيارية، وهي الشائعة في الاستخدام، حيث يتم القرض دون إكراه.  والنوع الثاني هو القروض الإجبارية، حيث تستخدم الدولة أسلوب الإلزام الإجباري في الحصول على مبلغ القرض، وغالباً ما تلجأ الدولة إلى القروض الإجبارية في حالات استثنائية، والذي يهمنا هو تقسيم القروض حسب مصدر القرض إلى نوعين رئيسيين:
1.  القروض الداخلية أو المحلية.
2.  القروض الخارجية أو الأجنبية.

القروض الداخلية أو المحلية (تعريف الدين الداخلي)
وهذا يعني أن الحكومة تقترض من وحدات  اقتصادية وطنية تعمل في السوق المحلية.  والاقتراض المحلي يتم بالعملة الوطنية ووفقاً للتشريع الوطني، لذا نجد أن الدولة هي التي تفرض الشروط التي ترغب فيها، ولا تخضع للمؤثرات الخارجية عند إصدار هذه القروض.

أنواع القروض الداخلية أو المحلية:
1.  الاقتراض الحقيقي:  وهو يكون حينما تقترض الدولة من أفراد المجتمع، وهم بذلك يسلمون جزءاً من قوتهم الشرائية الحالية التي بين أيديهم إلى الحكومة.
2.  الدين أو الاقتراض الظاهري:  ويكون حينما تقترض الدولة من الجهاز المصرفي، وخاصة البنك المركزي.  ويكون للاقتراض من البنك المركزي نفس الأثر المترتب عن عملية الإصدار النقدي الجديد.  وغالباً ما يكون الجزء الأكبر من الدين العام مكون من الدين الظاهري، وخاصة في الدول التي:
أ.  يصعب فيها استخدام الاقتراض الحقيقي، لعدم ظهور وتطور الأسواق المالية فيها.
ب.  ولعدم ثقة الأفراد في الحكومة.

القروض الخارجية أو الأجنبية:
يكون هذا حين تقترض الدولة من وحدات اقتصادية أجنبية، أي أن الدائنون يكونون وحدات اقتصادية غير وطنية.  وتلجأ الحكومات إلى هذا النوع من الاقتراض حين لا تكفي المدخرات المحلية في تمويل المشروعات التي تسعى الدولة لإقامتها من أجل تحقيق أهداف التنمية.  وتتم خدمة الدين الخارجي (فوائد الدين) بالعملات الأجنبية، مما يقتضي أن جزءاً من الموارد الاقتصادية المتاحة يجب أن يقتطع في المستقبل حتى يدفع إلى الدائنين الأجانب.  وقد تشكل خدمة هذا الدين عبئاً على الاقتصاد القومي.  وهذه مشكلة متزايدة الأهمية لكثير من الدول النامية، وقد تثير هذه القروض مشاكل بين الدائن والمدين، فيتم اللجوء إلى القانون الدولي من أجل حله، وهذا يؤدي أحياناً إلى تدخل الدول الأجنبية في الشؤون الداخلية للدولة المقترضة، مما يفقدها استقلالها السياسي.
 يؤدي الاقتراض من الخارج إلى توفير أموال صافية يمكن إنفاقها في الداخل.  وإذا ما أحسن استخدام هذه الأموال فإنه قد يترتب على ذلك العديد من المنافع التي تعود على الاقتصاد والمجتمع، الأمر الذي يبرر سداد أقساط هذه الديون مع الفوائد المترتبة عليها في المستقبل.  غير أن الديون الخارجية تعقد تحت وطأة الكثير من الشروط السياسية.  من الناحية الأخرى فإن تسديد الديون مع الأقساط يعني أن الدول المقترضة يجب أن تكون مستعدة للدفع بالعملة الصعبة، الأمر الذي يستدعي أن تحقق للدولة دائماً فائضاً في الصادرات.  وربما يشكل ذلك بعض الصعوبات للدولة المقترضة.  تقف حالة البرازيل والمكسيك مثالاً واقعياً على ذلك.  فلقد اضطرت كلا الدولتين أن تدفع حوالي ربع أو ثلث قيمة صادراتها من أجل خدمة الدين العام، وذلك خلال الثمانينيات من القرن الماضي.  غير أن الأمر يجب أن لا ينظر إليه دائماً بهذه الصورة القاتمة.  فالقروض الأجنبية قد تؤدي إلى تحقيق الكثير من المكاسب للاقتصاد.  وإذا ما أدت القروض الأجنبية إلى تحسين الإنتاجية في بعض القطاعات فإن منافعها سوق تفوق تبعاتها سوف تؤدي إلى تحقيق الهدف المرجو منها.  وما يجعلنا نؤكد هذه الصورة الإيجابية للقروض الأجنبية هي أن مصادر هذه القروض تتركز في الغالب في ثلاثة مصادر، الحكومات الأجنبية والبنوك الأجنبية وصندوق النقد الدولي.  وصندوق النقد الدولي يعد المصدر الأساسي لهذه القروض في معظم الأحوال.
وعندما يقرض الصندق فإنه يقرض ضمن مجموعة من الاستشارات والتوجيهات التي يتأكد من خلالها من أن القروض تستخدم حسب خطة اقتصادية أكثر شمولاً، وهذا في الواقع أحد الأهداف الرئيسية لصندوق النقد الدولي.  ولا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة للمؤسسات المالية الأجنبية، والتي تقدم قروضها بعد التأكد من سلامة الاستثمار، وكذلك الوضع المالي للدولة المقترضة حتى لا تفقد هذه البنوك أموالها.

الفرق بين القروض المحلية والقروض الأجنبية:
1.  الاقتراض المحلي يتم بالعملة المحلية ويتأثر بالنقود الوطنية ولكن الاقتراض الأجنبي يتم بالعملات الأجنبية وتتأثر قيمته بتغيرات سعر الصرف الأجنبي.
2.  تحقق الدولة مكاسب مادية في انخفاض الدين العام المحلي، حين تنخفض قيمة النقد المحلي، في حين يزداد قيمة الدين الخارجي إذا ما انخفض سعر صرف العملة الوطنية.
3.  لا يزيد الاقتراض المحلي عن كونه تحولي للقوة الشرائية من وحدات اقتصادية إلى وحدات اقتصادية أخرى داخل الاقتصاد الوطني.  أما الاقتراض الخارجي فإنه يؤدي إلى زيادة صافية في الموارد الاقتصادية بمقدار القرض، وهو بمثابة إضافة موارد من الخارج.
4.  عند الوفاء بخدمة  الدين الخارجي في تفرة لاحقة، فإن الموارد تتسرب من الاقتصاد إلى الدائنين في الخارج، وخدمة الدين في الغالب تدفع بالعملة الأجنبية، أما الدين الداخلي فيبقى داخل الوطن عند سداد قيمته.
5.  تنظيم الدين الداخلي يخضع للقوانين المحلية ويكون للدولة اليد العليا في وضع الشروط المناسبة، زيادة على عدم وجود مخاوف الإفلاس أو الآثار السلبية، أما بالنسبة للدين الخارجي فإن الدول الدائنة يكون لها اليد العليا في وضع شروط هذا الدين، زيادة على وجود خطر إفلاس الدولة المدينة، وله آثار سلبية على الاقتصاد إذا لم يتم استخدام هذا القرض بكفاءة عالية، وهذه الآثار تمتد للأجيال اللاحقة.  والاقتراض الخارجي يكثر استخدامها في الدول النامية كأداة لتمويل المشروعات.

الآثار الاقتصادية للاقتراض الحكومي:
يمكننا معرفة الآثار الاقتصادية للاقتراض الحكومي، ذلك من خلال معرفتنا للآثار التي تحدث في سوق الائتمان مباشرة، وكذلك الآثار المترتبة على عبء خدمة الدين العام، وسوف نتناول فيما يلي هذين النوعين من الآثار بشيء من التفصيل. 

أ.  الآثار المباشرة على سوق الائتمان:

شكل رقم (1)  أثر اقتراض الحكومة على ائتمان القطاع الخاص (التزاحم)
الشكل السابق يوضح مقدار الائتمان أو الأموال المقترح تداولها عند معدلات الفائدة المختلفة.  وتشكل فئات المقترضين مثل البنوك المدخرين وصناديق معاشات التقاعد وشركات التأمين منحنى العرض في سوق الائتمان.  ويظهر العرض المبالغ النقدية التي يود هؤلاء إقراضها عن معدلات فائدة مختلفة مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها.  وكما هو واضح من الشكل فإن منحنى العرض يتجاوب طردياً مع الزيادة في معدل الفائدة.
ويضم منحنى طلب الائتمان العديد من المقترضين مثل الملايين من المستهلكين والمستثمرين ورجال الأعمال.  وكما هو واضح فإن منحنى الطلب يتجاوب عكسياً مع معل الفائدة، مع بقاء الأشياء الأخرى على حالها.
ويحدد تفاعل كل منا لطلب والعرض معدل سعر الفائدة في سوق الائتمان وحجم الائتمان، وذلك عند سعر فائدة يساوي 6%، وحجم ائتمان يساوي 100 مليون ريال، كما هو واضح في الشكل رقم (1).  وعندما تزيد الدولة من اقتراضها بمبلغ 10 مليون ريال مثلاً، فإن هذا يؤدي إلى انزياح منحنى الطلب إلى اليمين حيث ينتج عن ذلك نقطة توازن جديدة عند سعر فائدة 8%، وحجم ائتمان 102 مليون ريال.  ويعطي انتقال التوازن من النقطة "أ" إلى النقطة "ب" ثلاث تأشيرات اقتصادية وهي:

1.  تأثير سعر الفائدة:
إن تزايد الطلب على الائتمان، على افتراض بقاء عرض الائتمان على حاله يؤدي إلى الزيادة في معدلات الفائدة لكافة أنواع الفروض، وليس للقروض الحكومية فقط.  وتؤدي مثل هذه المعدلات العالية إلى إعادة توزيع الدخل من المقترضين إلى المقرضين.  كما أن عبء أسعار الفائدة المرتفعة تؤثر على الآخرين مثل منتجي السلع الذين يمولون إنتاجهم في العادة بواسطة القروض، وأولئك الذين يرغبون في تمويل شراء المنازل والسيارات، مما يعني انخفاض دخول هذه الفئات وارتفاعاً في دخول الآخرين المستفيدين من عملية التبادل.

2.تأثير المدخرات:
إن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى زيادة الادخارات وتخفيض الإنفاق الاستهلاكي.  وقد يكون في ذلك بعض الفائدة بالنسبة للمجتمع والاقتصاد، وخصوصاً إذا أدت عملية الزيادة في الادخارات إلى التوجه نحو المزيد من الاستثمارات المفيدة للاقتصاد والمجتمع.

3.  التزاحم "Crowding-out":
يعني التزاحم هنا أن اقتراض الدولة يؤدي في الحقيقة إلى تقليل كمية القروض المتوفرة للقطاع الخاص.  وفي الشكل (9) فإن الدولة اقترضت ما قيمته 10 مليون ريال، إلا أن مقدار الزيادة في الائتمان كان بمقدار 2 مليون ريال فقط، وبالتالي فإن المقترضين الآخرين قد حصولا على 92 مليون ريال كفروض، (8 مليون ريال أقل نتيجة لدخول الحكومة في سوق الائتمان).  وبذلك نجد أن اقتراض الحكومة بمقدار 10 مليون ريال يؤدي إلى انخفاض الائتمان للطلب الخاص ب 8 مليون ريال، وهذا هو التزاحم.
وتتوقف قوة أثر التزاحم على مدى مرونة العرض بالمقارنة بمرونة الطلب.  فكلما كان منحنى العرض أكثر مرونة خفت حدة هذا الأثر.  ويوضح الشكل (2) مثل هذه الحالة، فهنا نجد أن منحنى عرض الأموال يأخذ الشكل الأفقي، الأمر الذي يعني توفر الأموال للاقتراض بكميات كبيرة.
وبهذا نجد أن انزياح منحنى الطلب إلى اليمين - كالذي يحدث في حالة الاقتراض الحكومي - سوف لن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة ولن يؤدي إلى التزاحم بالنسبة للمقترضين الآخرى.  كما نجد أن التمويل بالعجز في مل تلك الظروف سوف لن يؤدي إلى تحول الموارد من الطلب الخاص إلى الطب العام، وإنما يؤدي إلى تشغيل الموارد غير المشغلة.
وهناك مثال آخر يتضح من خلاله أن حدوث التزاحم قد لا يكون حتمياً.  فقد ذكرنا سابقاً أن الجاذبية الناتجة عن ارتفاع سعر الفائدة، الناتج عن الاقتراض الحكومي، قد تؤدي إلى زيادة الادخارات.  فإذا حدث هذا، فإن منحنى العرض في سوق الائتمان سوف ينزاح إلى اليمين.  وسف يحدد مقدار الانزياح في منحنى العرض النقطة النهائية التي يستقر عنها معدل الفائدة ومقدار الائتمان.  فإذا كانت مقدار الانزياح في منحنى العرض مساوياً لمقدار الانزياح في منحنى الطب فإن سعر الفائدة وكذلك مقدار الائتمان سوف يعودان إلى المستويات التي كانا عليها قبل قيام الدولة بالاقتراض.

شكل رقم (2)  أثر اقتراض الحكومة في حالة منحنى عرض للائتمان كامل المرونة (لاتزاحم)

ثالثاً:  التنظيم الفني للدين العام المحلي:
يتعلق هذا الموضوع بالأمور التي يجب تحديدها من بدء التفكير في عملية الاقتراض حتى سداده.
1.  تحديد مبلغ القرض:  يمكن للدولة أن تحدد مبلغ القرض مسبقاً، وذلك بأن تحدد حداً أقصى للمبلغ المراد اقتراضه.  ويكون ذلك إذا كانت الدولة تضمن أن هذا المبلغ سوف يغطي بالكامل، وهذا يتوقف على مدى ثقة الأفراد بالحكومة، أما إذا لم تتوفر الثقة فإن الدولة لا تحدد المبلغ، وفي هذه الحالة تحدد الدولة فترة الاكتتاب، ومن ثم يتحدد مبلغ القرض عند انتهاء فترة الاكتتاب.  وتلجأ الدولة إلى هذا الأسلوب حيث تكون حاجتها للأموال غير محددة ومستمرة مثل حالات الحروب والأزمات.
2.  أشكال القروض العامة المحلية:  ويمكن تصنيفها حسب طول فترة السداد إلى:
أ.  سندات الدين الحكومية:
  وهذه تعتبر من  القروض العامة طويلة الأجل وهي نوعين:
النوع الأول:  سندات الادخار:  وهي سندات اسمية يكتب فيها أسماء الأفراد أصحابها، وتقوم الحكومة بعمل سجل خاص لهذه السندات يكتب فيها جميع المعلومات الخاصة بأصحابها، ولا تنتقل ملكية هذه السندات عن طريق بيعها في سوق الأوراق المالية.  وإذا رغب الفرد في تحويل هذه السندات إلى نقود قبل انتهاء فترة السداد، فإنه يكون لدى الحكومة تداول خصم تحدد فيها قيمة السندات، وبالتالي تكون هذه السندات بديل قريب للنقود.
النوع الثاني:  سندات حكومية طويلة الأجل:  وتكون في الغالب سندات لحاملها، أي أنه لا يذكر فيها اسم محدد لمالكها، ويكتب في هذه السندات الأفراد والمؤسسات، وهي أكثر أهمية للاقتصاد من سندات الادخار، حيث تتميز بسهولة تداولها وقلة تعقيداتها.  ويستطيع صاحبها بيعها في أي وقت في سوق الأوراق المالية، ولا تخصم الحكومة قيمة السندات قبل ميعاد استحقاقها.  وتعبر هذه السندات أقل سيولة من سندات الادخار، حيث لا تخدم نفس الوظائف النقدية التي تقوم بها سندات الادخار.
ب.  سندات الخزينة:
وهذه من القروض متوسطة الأجل، وغالباً ما تتراوح فترة سدادها من سنة إلى خمس سنوات، وهي في الغالب ما تكون سندات لحاملها وسعر الفائدة عليها ويمكن تداولها في سوق الأوراق المالية.  ويمكن للحكومة أن تجعل طول فترة السداد والمزايا الممنوحة على هذه السندات متباينة بما يتناسب ورغبات المستثمرين المختلفة سواء كان أفراد أو مؤسسات.
ج.  أذونات الخزينة:
وهو الشكل الرئيسي للقروض قصير الأجل، حيث تتراوح طول فترة السداد ما بين  90 - 180 يوم، وغالباً ما تلجأ الحكومات إلى هذا النوع من الاقتراض من أجل تغطية العجز المؤقت في إيرادات الخزينة، نتيجة عدم التوافق الزمني لتدفقات الإيرادات مع تدفقات النفقات العامة خلال السنة المالية.  وفي العادة تباع هذه الأذونات مع الخصم على أساس معدل عائد محدد.  وتعتبر هذه الأذونات بديل قريب للنقود متى توافرت إمكانية تحويلها إلى سيولة نقدية سريعة وبدون خسائر.  وغالباً ما يكتتب في مثل هذه القروض البنوك.

طرق الإصدار:
تتمثل أهم طرق إصدار القروض العامة في أربعة طرق هي:  الاكتتاب العام المباشرة، والاكتتاب المصرفي، والإصدار في البورصة، والاكتتاب بالمزايدة.
1.  الاكتتاب العام:  يتلخص الاكتتاب العام في أن تقوم الحكومة ببيع سندات القرض لمن يرغب في اقتنائها، فتلعن عن القرض ومزاياه وشروط ومواعيد الاكتتاب فيه.  ويقوم البنك المركزي باعتباره بنك الدولة بتلقي طلبات الاكتتاب، حيث يحدد كل طالب عدد السندات التي رغب في شرائها مع دفع قيمتها أو نسبة منها.  فإذا تجاوزت الاكتتابات قيمة القرض خصص لكل مكتتب نسبة معينة مما اكتتب فيه، ثم يسدد المكتتبون الفرق بين ما دفعوه وما خصص لهم أو يستردون المبلغ الزائد ويتسلمون سنداتهم.  وتعتبر طريقة الاكتتاب العام أكثر طرق الإصدار شيوعاً.  كما تتميز بتوفير نفقات الإصدار لتجنب المضاربة في السندات العامة ورعاية صغار المكتتبين.  ولكن يعيبها خطر عدم مقدرتها على تغطية القرض بأكمله، مما يضعف من الثقة في مالية الدولة.  وهو ما يدفع بعض الحكومات على الجمع بين طريقتي الاكتتاب العامة وطريقة الاكتتاب المصرفي (الإصدار الأول).
2.  الإصدار المصرفي:  تتولى البنوك التجارية بيع سندات القرض العام مقابل عمولة محددة أو مقابل حصولها على الفرق بين القيمة الاسمية لسندات القرض موضوع الإصدار المصرفي أو حصيلة بيعها للجمهور وما تدفعه فيها الحكومة، الذي يقل عادة عن القيمة الاسمية لتلك السندات، وهو ما يمكنها من تحقيق أرباح مناسبة مقابل تحملها المخاطرة.
ويختلف دور البنوك في الاكتتاب العام المباشر عن دورها في الإصدار أو الاكتتاب المصرفي في أنها تعمل في الحالة الأولى كوسيط مالي يتلقى الاكتتابات لحساب الحكومة مقابل عمولة معينة، في حين تقوم في الثانية بشا سندات القرض العام بالممارسة أو المزايدة لحساب نفسها وإعادة بيعها على مسئوليتها الخاصة مع الاحتفاظ لنفسها بما قد تستطيع تصريفه منها.  وتتميز طريق الإصدار المصرفي بضمان تغطية القرض وحصول الحكومة بسرعة على الأموال، ولكن يعيبها حرمان الحكومة من مبلغ كبير نسبياً يذهب إلى البنوك التجارية مقابل تحمل مخاطر العملية.
3.  الإصدار في البورصة:  يمكن للحكومة بيع ما تصدره من سندات في بورصة الأوراق المالية، ولكن هذا يقيد الحكومة؛ حيث أنها لا تستطيع البيع إلى على دفعات صغيرة وبالسعر الذي تحدده السوق يومياً.  وتتميز هذه الطريقة بالسهولة وتمكن الحكومة من متابعة تقلبات أسعار الأوراق المالية، ولكن يعبها أنها محدودة المدى، حيث يؤدي طرح كمية كبيرة من السندات العامة للبيع في وقت واحد إلى تدهور في أسعارها.
4.  الاكتتاب بالمزايدة:  يتم الاكتتاب في السندات العامة عن طريق المزايدة، حيث تعلن الدولة عن قبول الاكتتاب العام في سندات القرض بسعر أقل من سعر التكافؤ وبحد أدنى معين، وتمنح الأولوية في التخصيص لمن يتقدم بأعلى سعر ممن يليه حتى تتم تغطية القرض.

الآثار الاقتصادية والمالية للقروض العامة
يتفق معظم كتاب المالية على الآثار الاقتصادية والمالية للقروض العامة، والمقصود بالآثار الاقتصادية للقروض العامة هو عبء هذه القروض (ما تستلزمه من دفع فوائد وأقساط) على الاقتصاد القومي، وهو ما يعرف بالعبء الاقتصادي للقرض العام.  أما الآثار المالية للقرض العام فالمقصود بها ما يترتب على هذه القروض من أعباء على الخزانة العامة، وهو ما يعرف بالعبء المالي للقرض العام.

توقيت إصدار القروض العامة:
يتوقف بتحديد الوقت المناسب للاقتراض العام، وهذا يتوقف بصورة رئيسية على الظروف السائدة، وعلى نوع القرض، وهنا يمكن التمييز بين حالتي الكساد والتضخم:
أ.  فإذا كانت الحالة السائدة في الاقتصاد هي الكساد:  يكون مناسباً لقيام الدولة بالاقتراض الظاهري، حيث تؤدي هذه السياسة إلى زيادة القدرة الشرائية في الاقتصاد.  ويجب على الدولة أن لا تلجأ إلى سياسة الاقتراض الحقيقي في هذه الظروف، لأن ذلك يعمق حالة الكساد ولا يعالجها.
ب.  إذا كان يسود الاقتصاد حالة تضخم، وخاصة عند مستوى التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية:  وهنا يكون الوقت مناسب لقيم الدولة بالاقتراض الحقيقي، لأن هذه السياسة تخفض من القوة الشرائية التي بين يدي أفراد المجتمع، وبالتالي ينخفض الطلب الكلي.

إنهاء الدين العام:
ويتعلق الأمر بسداد الدين العام القائم.  كان الفكر الاقتصادي التقليدي ينادي بسداد الدين بأسرع وقت ممكن، أما الفكر الحديث فيقول أن إنهاء الدين العام يعتبر من ضمن السياسات المالية التي تتبعها الدولة حسب ما تتطلبه حل المشكلات الاقتصادية القائمة، وحسب الأهداف المرجو تحقيقها.  فإذا ما أرادت الدولة إنهاء الدين العام، لا بد وأن يكون ذلك في الأوقات التي تتمتع بها الميزانية العامة بوجود فائض.

الأساليب التي تتبعها الدولة لإنهاء الدين العام:
أ.  منهج احتياطي الأرصدة:
حيث تحاول الحكومة أن تدخر بانتظام مبالغ خارج ميزانيتها من أجل إناء الدين العام، وتقوم الدولة باستثمار هذه الأرصدة المتراكمة، وتضاف مبالغ الفوائد المركبة على هذه الأرصدة.  وبالرغم من أن هذا الأسلوب يعتبر عملي وسليم، إلا أن نسبة الأرصدة المتراكمة تكون ضئيلة، بالإضافة إلى إمكانية إساءة استخدام هذه الأرصدة.
ب.  منهج التسديد الدوري لجزء من الدين العام كل عام:
فالحكومة وفقاً لهذه الطريقة تشتري سندات الدين العام من سوق الأوراق المالية ثم تلغيها.  وتتميز هذه الطريقة بأن تسديد الالتزامات لا تتركز في فترة زمنية واحدة.
ج.  منهج التخصيص:
وذلك بأن تخصص الدولة إيرادات معين من أجل سداد الدين، مثال ذلك:  استخدام فائص الميزانية.  مثل أن تخصص العائدات من المشاريع التي مولتها القروض لسداد القروض طويلة الأجل.  وقد تثور مشكلة حول موعد إنهاء الدين، وتكون الحكومة في وضع لا يسمح لها بالسداد، سواء لأسباب تتعلق بالميزانية أو لأسباب سياسية، فالأسلوب المعتاد لحل هذه المشكلة هو إعادة جدولة الدين العام أو تبديل القروض، وذلك بتحويل الدين إلى دين جديد لفترة سداد أطول.  ويمكن للدولة أن تستخدم أسلوب إنكار الدين كطريقة لإنهاء الدين، حيث تمتنع الحكومة عن سداد الديون المستحقة عليها، وهذا يحدث في الظروف الاستثنائية مثل نشوب الحرب، أو ثورة أهلية، وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة بالحكومة، وعدم العدالة بالنسبة للأفراد.  وقد يكون الإنكار بطريقة غير مباشرة عن طريق التوسع في إصدار النقود، فبذلك تفقد النقود قيمتها بسبب التضخم.

القيود على التوسع في استخدام الدين العام
يتزايد حجم الدين العام في معظم الدول في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك قيود تحد من التوسع في هذه الأداة المالية، والقيد الرئيسي على زيادة الدين العام هو أن يكون الغرض من الاقتراض تحقيق هدف عام.
1.  فلا يجوز للحكومة أن تقترض من أجل إشباع حاجات خاصة، أو لأغراض استهلاك غير ضرورية للمجتمع.
2.  كذلك يمكن أن يحد من التوسع في استخدام الدين العام، القيود التشريعية للبلد، حيث لا تسمح القوانين للحكومة أن تقعد قروضاً عامة في ظروف معينة أو بعد حد معين، مثلاً كأن لا يزيد الدين العام عن نسبة معينة من الدخل القومي.
3.  القيد الثالث الذي حد من التوسع في الدين العام، هو ارتفاع تكاليف خدمة الدين العام، وخاصة في الأجل القصير، فحين تحتاج الحكومة إلى رفع وزيادة إيراداتها في الأجل القصير فإنها تضطر إلى رفع معدلات الفوائد على القروض، أما في الأجل الطويل فإن نمو الدين يجب أن يتناسب مع نمو الدخل القومي ونمو هيكل العلاقات المالية في الاقتصاد بصورة عامة.

رابعاً:  الآثار الاقتصادية والاجتماعية للدين العام:
1.  أثر الدين العام على المتغيرات النقدية:
تستهدف السياسة النقدية أن تؤثر على حجم واتجاه تدفق الأرصدة النقدية، ويكون ذلك في ثلاث نواحي هي:
أ.  درجة السيولة النقدية في الاقتصاد:
من المعلوم أن من يملك سندات الدين العام فإنه يملك قوة شرائية، حيث يمكن تحويل تلك السندات إلى نقود، وكلما كانت سندات الدين العام قصيرة الأجل، كلما كان تحويلها إلى نقود أسهل، وإطالة مدة سداد الدين العام تؤدي إلى تخفيض درجة السيولة.
ب.  هيكل الائتمان في الاقتصاد:
حيث من الممكن أن تستخدم البنوك والمؤسسات المالية سندات الدين العام التي بحوزتها كقاعدة تستند إليها من أجل زيادة الائتمان الخاص، وتتوقف تلك الزيادة على كمية السندات ونوعها.
ج.  سعر الفائدة:
حيث يمكن للحكومة عن طريق التحكم بمعدلات الفائدة على سندات الدين العام أن تؤثر على معدلات الفائدة في السوق، وهناك آثار هامة لتغيرات سعر الفائدة على تدفق الأرصدة النقدية من وإلى الاقتصاد من الخارج.  ويمكن أن تضع إدارة الدين العام مستوى عام لمعدل الفائدة على سندات الدين العام طويل الأجل.

2.  أثر الدين العام على المتغيرات الاقتصادية:
يمكن للدين العام أن يؤثر على النشاط الاقتصادي من خلال تأثيره على المتغيرات الاقتصادية الرئيسية، وأهمها:  الادخار والاستثمار ومستويات الأسعار.
أ.  أثر الدين العام على الادخار والاستثمار:
يتوقف أثر الدين العام على كل من الادخار والاستثمار حسب نوع القروض العامة.  وقسم القروض العامة إلى حقيقة من الأفراد والوحدات الاقتصادية، وظاهرية من البنك المركزي:
1.  ففي حالة الاقتراض الحقيقي، فإن أثر الدين على الادخار والاستثمار يعتمد على مصدر القرض، فإذا خفض الأفراد من استهلاكهم وزادت مدخراتهم من أجل تمويل القرض العام، فإن الدين العام يكون قد ساهم في حدوث زيادة صافية للادخار، ويسارع في تراكم رأس المال، والعكس يحدث إذا تم تمويل القروض العامة من المدخرات المعدة للاستثمار، فإن الدين العام في هذه الحالة لن يؤدي إلى زيادة صافية في الادخار والاستثمار.
2.  أما في حالة الاقتراض الظاهري:  فسيكون الأثر في زيادة القوة الشرائية، أي أن الطلب الكلي سوف يزداد في السوق سبب زيادة الطب من قبل الحكومة، فإذا لم يستجيب الجهاز الإنتاجي لتلك الزيادة فيا لطلب فسوف يترتب على ذلك القرض العام ضغوطاً تضخمية في الأسعار، وهذه لها آثار عكسية على الادخار ونمط الاستثمار، وتزداد هذه المشكلة حين يكون الاقتصاد في مرحلة التشغيل الكامل لموارده، حيث يكون الجهاز الإنتاجي عديم المرونة أو غير مرن بالنسبة للزيادة في الطب الكلي، حيث لن يكون بالإمكان زيادة الإنتاج والعرض.
ب.  أثر الدين العام على مستوى الأسعار "الأسواق":
يتضمن الدين العام عناصر تضخمية تدفع بمستوى الأسعار إلى أعلى، وهذا يأتي من الزيادة الصافية في الطلب الكلي الذي يحدثه الدين العام، أو من نقص كمية العرض من السلع في الأسواق، وهرا يحدث حين يكون مصدر الدين العام القرو الظاهرية بصورة أكبر وأوضح، وهو يحدث كذلك حين يكون المصدر الاقتراض الحقيقي الذي يوجه بصفة خاصة إلى إنتاج السلع الرأسمالية، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية من قبل الإنفاق الحكومي، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.  وفي البلدان النامية نلاحظ أن البنوك التجارية تمتلك جزءاً هاماً من سندات الدين العام، حيث يكون ذلك استثماراً جيداً فيه درجة عالية من السيولة.  وهذا يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية في السوق، خاصة أن الجهاز الإنتاجي في معظم البلدان النامية غير مرن، وبصفة عامة؛ تؤدي سياسة الاقتراض إلى:
1.  انخفاض مستوى الأسعار في الجل الطويل إذا ما استخدمت تلك القروض في توسيع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد، وبالتالي يزداد عرض السلع والخدمات في الأسواق.
2.  أما إذا استخدمت القروض العامة في أغراض استهلاكية مثل أوقات الحروب أو مواجهة الكوارث، فإن أثرها في الغالب يكون تضخمياً.
3.  الآثار الاجتماعية للدين العام:  وهذه الآثار تترتب من عبء الدين العم، وكيفية توزيعه بين الفئات الاجتماعية في المجتمع.

إن مفهوم عبء الدين العام يتكون من مقدار ما يخسره أفراد المجتمع من موارد اقتصادية على شكل سلع وخدمات خلال فترة حياتهم نتيجة وجود الدين، ويزداد هذا العبء بزيادة تكاليف الدين العام، أي الفوائد المدفوعة عليه وكيفية تحويلها، وكلما زادت التكاليف والفوائد المدفوعة كلما أدى ذلك إلى إخضاع جزء أكبر من الدخل القومي للضرائب ومن ثم فإن عبء الدين العام سوف يتوقف على أمرين:
أ.  مدى كفاءة الإدارة الضريبية في جمع الضرائب لمدفوعات الدين العام:  حيث أنه كلما ارتفعت الكفاءة الإدارية، كلما انخفضت التكاليف الإدارية، وبالتالي ينخفض عبء الدين العام، والعكس بالعكس.
ب.  الآثار التوزيعية التي تتولد من العملية السابقة،  فإذا ترتب على فرض الضرائب ودفع الفوائد سواء في توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع، فإن ذلك سوف يزيد من عبء الدين العام.

دور الآثار الاجتماعية للدين العام على توزيع الدخل والثروة بين فئات المجتمع:  إن هذا الأمر سوف يختلف حسب نوع القروض المستخدمة:
1.  ففي حالة الاقتراض الحقيق يمن الأفراد فإن عب الدين يمثل تحول من الأفراد الذين يدفعون الضرائب لسداد فوائد الدين إلى الأفراد الذين يملكون سندات الدين العام.

ففي هذه الحالة تكون الآثار الاجتماعية لعبء الدين حسب نوع الضرائب المفروضة:
*  فإذا كانت الضرائب المفروضة غير مباشرة على الاستهلاك:  فإن تلك الضرائب تكون تنازلية ويكون عبئها كبير على أصحاب الدخول المنخفضة، وبالتالي يكون أثر عبء الدين العام على توزيع الدخل ضد أصحاب الدخول المنخفضة ولمصلحة ملاك سندات الدين وهم في الغالب أصحاب دخول مرتفعة، وبالتالي تكون هذه الآثار سيئة وغير مرغوبة لأنها ستزيد من تفاوت مستويات الدخل.
* أما إذا فرضت ضرائب مباشرة وتصاعدية:  فإن ذلك يعني أن أصحاب الدخول المرتفعة هم الذين يتحملون في الغالب عبء الدين العام.
*  أما إذا نظرنا إلى جانب الإنفاق لهذه القروض، وكانت الطبقات الفقيرة تحظى بالجزء الأكبر من الخدمات العامة، فيمكن القول أن سياسة الاقتراض العام تؤدي إلى عدالة توزيع الدخل القومي بين أفراد المجتمع.
2.  أما بالنسبة للاقتراض الظاهري فليس من السهل التعرف على الآثار التوزيعية لعبء الدين العام، حيث أن معظم أفراد المجتمع يشاركون في دفع الضرائب، وأحياناً يكون للاقتراض الظاهري آثار توزيعية سيئة، وذلك إذا ما ترتب عنه تضخماً في مستويات الأسعار.

توزيع عبء الدين العام بين الأجيال المتعاقبة:
لقد اختلفت الآراء حول ذلك الموضوع حسب المدارس الاقتصادية المختلفة:  
رأي الفكر الاقتصادي التقليدي:  يرى أصحاب هذا الفكرة التقليدي أن الأجيال القادمة سوف تتحمل عبء الدين، لأن القروض ما هي إلا ضريبة مؤجلة يقع عبئها على الأجيال المقبلة التي ستتحمل خدمة هذا الدين، والمبرر الاقتصادي لهذا الرأي هو أن الجيل الحالي الذي يقدم موارد تمويلاً للقروض العامة اختيارياً سوف يخفض من حجم مدخراته، وبالتالي سوف يترك أرصدة رأسمالية أقل في المستقبل، وهذا كله سوف يقلل من الطاقة الإنتاجية للأجيال القادمة، وبالتالي فإن الأجيال القادمة سوف تعني من عبء الدين العام.
إن المبرر الاقتصادي الذي قدمه الفكر التقليدي كان ينطلق من افتراض معين، وهو أن الإنفاق الحكومي يقتصر على الأغراض الاستهلاكية فقط، حيث تقتصر منافع الإنفاق على الجيل الحالي، هذا ليس صحيحاً دائماً.
رأي الفكر الاقتصادي الحديث:  ويرى أصحاب هذا الفكر بأن الإنفاق الحكومي يمكن أن يكون استثمارياً، وكثير من الدول تلجأ إلى أسلوب الاقتراض بهدف زيادة الاستثمار والتكوين الرأسمالي.  وبناءً على هذه النظرة فإن الدين العام كأداة لتمويل المشروعات العامة، والتي سترفع من مستوى الإنتاج والدخول في المستقبل، ولا يشكل عبئاً على الأجيال المقبلة، إذ أن خدمة الدين العام ستدفع من العوائد المتوقعة لتلك المشاريع.

بحث حول الدين العام pdf
لتحميل الملف اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات