أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأحد، 4 فبراير 2018

خصائص القاعدة القانونية

خصائص القاعدة القانونية بالتفصيل

 القانون بمعناه العام هو عبارة عن مجموعة من القواعد العامة والمجردة التي تحكم وتنظم سلوك الأفراد في المجتمع والمقترنة بجزاء توقعه السلطة العامة على المخالف بما يجعل هذه القواعد ملزمة واجبة الإتباع.  ومن خلال التعريف يتضح أن للقاعدة القانونية أربعة خصائص وهي أنها قاعدة سلوك وقاعدة اجتماعية وقاعدة عامة ومجردة وقاعدة ملزمة.
   يقصد بكون القاعدة القانونية قاعدة سلوك أنها تحكم سلوك الأفراد في المجتمع، فهي تخاطب السلوك الخارجي الظاهر للأفراد، حيث أنه يشترك لتدخل القانون ان يوجد مظهر خارجي، فالقانون لا يهتم بالنوايا والبواعث والمشاعر والأحاسيس طالما أنها لم تترجم إلى سلوك خارجي،  وعليه إذا أضمر شخص الحقد لغيره إلا أنه لم يظهره عبر سلوك معاقب عليه فإن القانون لا يتدخل.

   إلا أن ما سبق لا يعني عدم اعتداد القانون كلياً بالنية، حيث يعتد القانون في بعض الأحيان بالنية إذا ترجمت إلى سلوك خارجي، فمثلاً إذا أراج شخص قتل شخص آخر وخطط ودبر لذلك وقام فعلاً بارتكاب جريمة القتل، ففي هذه الحالة يتدخل القانون ويبحث في وجود نية القتل لدى القاتل لتحديد ما إذا كان القتل عن خطأ أم قتلاً متعمداً مع سبق الإصرار والترصد، فإذا اتضح وجود نية القتل لدى القاتل فإن هذا يعني أن القتل سبق الإصرار والترصد وتشدد العقوبة في هذه الحالة.

   يتضح إذن أن اعتداد القانون بالنية الكامنة ي النفس يكون إذا ترجمت هذه النية إلى سلوك خارجي أما قبل ذلك فلا محل لاعتداد القانون بها، وبناءً عليه فإن حسن أو سوء النية يؤثر على أحكام الالتزامات وعلى تحديد التكييف القانوني للتصرف القانوني أو الواقعة المادية وبالتالي تحديد القاعدة القانونية واجبة التطبيق وذلك إذا ما ارتبط بها سلوك خارجي.  فمثلاً في حال اكتساب الملكية بالتقادم يعتد القانون بحسن أو سواء النية بحيث إذا كان الحائز حسن النية تخفض المدة اللازمة لاكتسابا لملكية إلى خمس سنوات أما إذا كان الحائز سيء النية فتكون المدة اللازمة لاكتساب الملكية خمس عشرة سنة وذلك في معظم التشريعات.

   وتحدد القواعد القانونية سلوك الأفراد داخل المجتمع وذلك بأن تتضمن أمراً أو نهياً أو إباحة.  فمثلاً القاعدة القانونية التي توجب القيام بالخدمة العسكرية قاعدة تتضمن أمراً، والقاعدة التي تقضي بأنه لا يجوز للنائب أن يشتري لنفسه ما أوكل إليه بيعه قاعدة تتضمن نهياً، أما القاعدة القانونية التي تقرر للشخص الحريات العامة فهي قاعدة تتضمن إباحة.  إلا أنه غالباً ما يستنتج ضمناً الحكم الذي تقرره القاعدة القانونية بخصوص تحديد سلوك الأفراد.
    يفترض القانون وجود بيئة اجتماعية حيث لا يمكن للأفراد غلا ان يعيشوا في مجتمع، لذلك يوصف الإنسان بأنه كائن اجتماعي.  والمقصود بالمجتمع أو البيئة الاجتماعية شركة يجتمع أعضاؤها معاً لتحقيق مصلحة مشتركة، ولا بد لهذا المجتمع من نظام يناط بقواعده تنظيم التعاون المشترك بين الشركاء لتحقيق الهدف المشترك، وهذا يستدعي وجود سلطة عامة تكون صاحبة السيادة على أفراد هذا المجتمع لكي تتمكن من فرض النظام وقواعده.  وعليه فإن القانون ينشأ في مجتمع سياسي منظم توجد به سلطة عامة تفرض سيطرتها على الأفراد.  وإذا كانت الدولة هي الشكل الواضح للمجتمع السياسي المنظم، فإن هذا لايعني أنها الشكل الوحيد للبيئة الاجتماعية التي ينشأ ويوجد فيها القانون، حيث يوجد القانون في كل بيئة اجتماعية يوجد فيها سلطة عامة تكون صاحبة سيادة وتمثلك قوة الإجبار، لذلك يعتبر القانون أسبق في وجوده من الدولة، حيث بدأ المجتمع في نظاق محدد هو الأسرة ثم العشيرة ثم القبيلة ثم الإقطاعية حتى وصل إلى شكل الدولة.

  ويترتب على كون القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية أن يتخصص القانون بالمكان والزمان، حيث يجب أن يأتي القانون ملبياً لحاجات المجتمع وظروفه باعتباره مرآه للبيئة التي يطبق فيها، ولا شك أن كل مجتمع أو بيئة تختلف عن غيرها من البيئات، كما يختلف كل عصر عن غيره من العصور، لذلك كان لا بد وأن يختلف القانون من بيئة اجتماعية إلى أخرى ومن عصر إلى آخر في نفس البيئة الاجتماعية، وعليه نجد أن المشرع يتدخل من وقت لآخر في كل مجتمع من المجتماعات لكي يعدل في القواعد القانونية بما يتلاءم مع حاجاته وتطوره.
  يهدف المشرع إلى تحقيق النظام ولاستقرار عن طريق المساواة بين الأفراد، وهذا يتطلب أن تكون القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة، بحيث يتبع معياراً موضوعياً في توجيه الخطاب للأفراد.

   ويقصد بالعمومية والتجريد أن يوجه الخطاب في القاعدة القانونية إلى الأشخاص بصفاتهم وأن تتناول القاعدة الواقائع بشروطها بحيث لا توجه القاعدة القانونية خطابها إلى شخص معين بذاته ولا تتناول واقعة بعينها.  وهذا يدعو إلى القول بأن تجريد القاعدة القانونية يؤدي إلى عموم تطبيقها بحيث تطبق القاعدة القانونية على كل شخص تتوافر فيه الصفات المحددة، كما تطبق على كل واقعة تتوافر فيها الشروط المحددة.  وينبني على ذلك أن القاعدة القانونية تنشأ مجردة وتصبح بعد ذلك عامة في تطبيقها.

   ولا يتعارض وصف القاعدة القانونية بالعموم والتجريد مع اقتصار تطبيقها على طائقة معينة من الأشخاص أو الوقائع، فمثلاً قانون استقلال القضاء يطبق على القضاة فقط وقانون العمل يطبق على طائفة العمال، والقانون التجاري يطبق على طائفة التجار....الخ.  فكل هذه القوانين تتصف قواعدها بالعموم والتجريد لأنها تخاطب الأشخاص بصفاتهم لا بذواتهم بحيث تخاطب كل من تتوافر فيه صفة القاضي أو صفة العامل أو صفة التاجر...الخ.  كما لا يتعارض وصف القاعدة القانونية بالعموم والتجريد اقتصار تطبيقها على شخص معين بصفته لا بذاته، ومثال ذلك القواعد القانونية التي تنظم مركز رئيس الدولة أو رئيس الوزراء..الخ، فهذه القواعد رغم أنه تطبق على شخص واحد إلا أنها تطبق على شخص واحد إلا أنها تطبق عليه بصفته لا بذاته وهذا هو المقصود من تجريد القاعدة القانونية وعمومها.  وينبني على ما تقدم أنه لا عبرة بسعة انطباق القاعدة القانونية وعدد الأشخاص المشمولة بخطابها وإنما العبرة بانطباقها على كل من تتوافر فيه الصفة أو شروط الانطباق.

   ولا تعني عمومية القاعدة القانونية انطلاقها في الزمان، حيث توجد قواعد قانونية مؤقتة توضع في ظروف استثنائية كالتشريعات التي تصدر في زمن الحرب والتي يقتصر تطبيقها على هذا الزمان وتنتهي بانتهائه.  كما لا تعني عمومية القاعدة القانونية انطلاقها في المكان، فقد تقتضي الظروف تطبيق قواعد قانونية معينة على جزء من أجزاء الدولة أو كما هو الحال في الدول الفيدرالية كالولايات المتحدة الأمريكية حيث تنفرد كل ولاية بقوانين خاصة بها وفقاً لظروفها.

   نلخص إلى أن تجريد القاعدة القانونية وعموميتها يؤديان إلى تحقيق الاستقرار في المجتمع حيث تطبق القاعدة القانونية على كل من تتوافر فيه صفة معينة وعلى كل واقعة تتوافر فيها شروطها دون تمييز بين شخص وآخر أو واقعة وأخرى.
    يقصد بكون القاعدة القانونية قاعدة ملزمة أن تقتر بجزاء مادي يوقع على الشخص الذي لا يمتثل لأمر القاعدة القانونية، فكما وضحنا سابقاً أن للقانون وظيفة يؤديها تتمثل في صون حقوق وحريات الأفراد والمحافظة على أمن المجتمع واستقراره، وهذا لا يتم إلا من خلال وجود جزاء مادي يوقع على الشخص الذي يخالف حكم القاعدة القانونية.  

     إلا أن ما سبق لايعني أن احترام القواعد القانونية من قبل أفراد المجتمع يتم من خلال الخوف من الجزاء الذي توقعه السلطة العامة على المخالف، بل إن احترام الأفراد وامتثالهم لحكم القانون يجب أن يكون نتجية شعورهم بضرورة القانون وأهميته لصون حقوقهم وحرياتهم وتحقيق الأمن والنظام في المجتمع، لكن ما يحدث عملياً هو أن امتثال الأفراد لحكم القاعدة القانونية يتم بدافع الخوف والرهبة من الجزاء المادي الذي يوقع من قبل السلطة العامة على المخالف.

1.  يعتبر جزاء مادي:
    حيث إن الجزاء جزاء مادي محسوس يتخذ مظهراً خارجياً مادياً يوقع بواسطة السلطة العامة.  وهو بذلك يختلف عن الجزاء الأخلاقي المترتب على مخالفة القواعد الأخلاقية والمتمثل باستنكار الناس واستهاجنهم لفعل المخالف.

2.  يعتبر جزاء دنيوي:
    حيث يوقع الجزاء على المخالف من قبل السلطة العامة في الحياة الدنيا.  وهو بذلك يختلف عن الجزاء الديني المترتب على مخالفة قواعدالدين والذي يوقع على المخالف في الأخرة.

3.  يعتبر جزاء منظم:
   حيث يتولى توقيع الجزاء السلطة العامة المختصة في المجتمع باعتبارها تمثل المجتمع في إقاع هذا الجزاء.  إلا أنه في حالات استثنائية يقوم الفرد بإيقاع الجزاء (القصاص الفردي)، حيث تدعو الضرورة واعتبارت العدالة إلى ذلك كما هو الحال في الدفاع الشرعي الذي بمقتضاه يحق للفرد أن يدفع الاعتداء الواقع على نفسه أو ماله بالقوة في مواجهة المعتدي بسبب عدم القدرة على اللجوء إلى السلطة العامة في وقت مناسب، وكما هو الحال في الحق في الحبس الذي بمقتضاه يحق للبائع أن يحبس الشيء المبيع لحين قيام المشتري بالوفاء بكامل الثمن.

  يختلف الجزاء بحسب نوع القاعدة القانونية التي وقعت المخالفة لها، وعلى ذلك يتنوع الجزاء إلى جزاء جنائي وجزاء مدني وجزاء إداري على النحوي التالي:
1.  الجزاء الجنائي:
   يوقع الجزاء الجنائي في حالة مخالفة أحكام قانون العقوبات، وتختلف شدة الجزاء الجنائي وفقاً لمدى جسامة الفعل الجرمي، حيث تقسم الجرائم تبعاً لمقدار العقوبة إلى مخالفة وجنحة وجناية، وقد يقع الجزاء على جسد المجرم ويتمثل في هذه الحالة بالإعدام وقد يقع على حريته فيسلبه إياها كالحبس وقد يقع أخيراً على ماله كالغرامة والمصادرة.

2.  الجزاء المدني:
     يوقع الجزاء المدني في حالة مخالفة أحكام القانون المدني أو أي قانون من شأنه حماية الحقوق الخاصة للأشخاص.  ويتمثل الجزاء المدني بتنفيذ الالتزام جبراً على المدين في حالة تمعه عن تنفيذه والأصل أن يتبع أولاً التنفيذ العيني اي تنفيذ عين ما التزم به المدين بحيث يحصل الدائن على ذات حقه، فمثلاً إذا امتنع البائع عن تسليم الشيء المبيع إلى المشتري فيكون للأخير أن يتسلم المبيع جبراً عن البائع بواسطة السلطة العامة ووفقاً للإجراءات التي يحددها القانون بالخصوص.  فإذا تعذر التنفيذ العيني وفقاً لما سبق يتم التنفيذ بطريق التعويض (التنفيذ بمقابل)، فمثلاً إذا تعهد فنان بإحياء حفلة لو يحضر في الموعد المحدد يتعذر التنفيذ العيني في هذه الحالة ويتم اللجوء إلى التنفيذ بمقابل بحيث يقوم الفنان بتعويض صاحب الحفلة عن الشرر الذي أصابه نتيجة عدم تنفيذه لالتزامه بإحياء الحفلة.  ويوجد جزاء مدني آخر يتمثل في محو أثر المخالفة التي وقعت، فمثلاً إذا وقع البيع على شيء لايجوز القانون التعامل به كالمخدرات فيعتبر العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، وإذا أبرم عقد مع قاصر فيعتبر العقد قابلاً للإبطال لمصلحته، وإذا قصر أحد المتعاقدين في الوفاء بإلتزامه يعتبر العقد قابلاً للفسخ، وإذا فتحت مطلاب دون مراعاة المسافة التي حددها القانون لفتح المطل يسد هذا المطل...الخ، حيث في كل هذه الحالات يتم محو أثر المخالفة التي وقعت.
    وقد يجتمع الجزاء المدني مع الجزاء الجنائي بخصوص مخالفة واحدة، فمثلاً من يرتكب جريمة تجاه غيره يوقع عليه الجزاء الجنائي بالإضافة إلى حق المجني عليه بمطالبته بالتعويض عن الضرر الذي أصابه.

3.  الجزاء الإداري:
     يوقع الجزاء الإداري على المخالف لأحكام وقواعد القانون الإداري، حيث تتولى السلطات الإارية إيقاع الجزاءات على المووظفين في حالة إخلالهم بواجباتهم الوظيفية أو الإساءة للوظيفة العامة.  وتختلف جسامة الجزاء الإداري بحسب جسامة الفعل المرتكب، فتتدرج الجزاءات الإدارية من تنبيه ثم لفت نظر ثم إنذار أول ثم إنذار ثاني ثم إنذار نهائي ثم خصم من الراتب أو تنزيل الدرجة أو الفصل من الخدمة.  وكا سبق بيانه قد يجتمع مع الجزاء الإداري كلاً من الجزاء المدني والجزاء الجنائي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات