أحدث المقالات

Post Top Ad

Your Ad Spot

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

بحث حول السياسة النقدية pdf

أداء السياسة النقدية وتنفيذها

مقدمة:
تُعرف السياسة النقدية (Monetary Policy) بأنها مجموعة الأدوات والإجراءات التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير في السيولة النقدية المتاحة للتداول في الاقتصاد الوطني بغرض تحقيق الأهداف المنوط به تحقيقها.  وتنفذ السياسة النقدية من خلال التأثير في جانبي الأصول والخصوم (موجودات ومطلوبات) في ميزانية البنك المركزي.  ومن أهم مكونات ميزانية البنك المركزي السندات الحكومية والقروض المخصومة في جانب الأصول (الموجودات) والعملات المتداولة والاحتياطيات الإجمالية في جانب الخصوم (المطلوبات).

الأصول والخصوم في ميزانية البنك المركزي
1.  الخصوم في ميزانية البنك المركزي (المطلوبات)
تشكل العملات المتداولة والاحتياطيات الإجمالية النقدية الجزء الأكبر من جانب خصوم البنك المركزي.  وتأتي أهمية العملات المتداولة والاحتياطيات الإجمالية النقدية، من أن زيادة أحدهما، أو كليهما تؤدي إلى زيادة مباشرة في عرض النقود (مع افتراض ثبات المؤثرات الأخرى).

أ.  العملات المتداولة:  يعد البنك المركزي الجهة المخولة نظاماً إصدار العملة.  والمقصود هنا بالعملة جميع النقود (ورقية ومعدنية) المتداولة أو التي تحتفظ بها العامة خارج خزائن البنوك.  وتشكل العملات الموجودة في خزائن البنوك جزءاً مهماً من خصوم البنك المركزي ولكنها تحسب من ضمن الاحتياطيات الإجمالية وليس جزءاً من العملات المتداولة.
وتعد النقود التي يصدرها البنك المركزي ديناً عليه لحالم تلك النقود.  ولكن على عكس الديون الأخرى، فالبنك المركزي يتعهد باستبدال الدين بدين آخر.  فعند تقديم ورقة نقدية من فئة مائة ريال إلى البنك المركزي لاستيفاء ذلك الدين، فليس لمن قدم ورقة مائة ريال الحق في استبدالها إلا بورقتين من فئة الخمسين ريالاً أو مائة ورقة من فئة الريال الواحد.  وتحظى الملات النقدية التي يصدرها البنك المركزي بالقبول العام لما تتمتع به من صفة إلزام قانونية.

ب.  الاحتياطيات الإجمالية:  وتشمل إيداعات البنوك التجارية في حساباتها لدى البنك المركزي بالإضافة إلى العملات المحفوظة في خزائن البنوك.  وتدخل الاحتياطيات الإجمالية أصولاً في حسابات البنوك التجارية، وخصوماً في حسابات البنك المركزي.  وسوف نرى أن زيادة الاحتياطيات الإجمالية تؤدي إلى زيادة قدرة البنوك التجارية على الإقراض، ومن ثم عرض النقود.  وتقسم احتياطيات البنوك التجارية إلى قسمين رئيسين:  احتياطي قانون (Required Reserve)، واحتياطي اختياري (إضافي) (Excess Reserve) ويتكون الاحتياطي القانوني من نسبة على الودائع لدى البنوك التجارية يفرضها النظام وتودع إما في خزائن البنوك أو عند البنك المركزي.  وتجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي لا يدفع أي فوائد على احتياطيات البنوك الإجمالية المودعة لديه.  أما الاحتياطي الاختياري فهو ما تحتفظ به البنوك في خزائنها أو لدى البنك المركزي زيادة على الاحتياطي القانوني.  ويشكل الاحتياطي القانوني والاحتياطي الاختياري (الإضافي) ما يسمى بالاحتياطي الإجمالي.

2.  الأصول في ميزانية البنك المركزي (الموجودات)
تعد السندات الحكومية والقروض المخصومة من أهم مفردات جانب الأصول في ميزانية البنك المركزي للسببين التاليين:
أولاً:  إن التغير في جانب الأصول يؤدي إلى تغير في الاحتياطيات الإجمالية لدى البنوك التجارية، ومن ثم إلى تغيير في عرض النقود.
ثانياً:  حصول البنك المركزي على عوائد (فوائد) من جانب الأصول وعدم تحمله أي تكاليف من جانب الخصوم يجعل البنك المركزي يتمتع باستقلالية مالية قد لا تتمتع بها أجهزة الدولة الأخرى.  ويتحكما لبنك المركزي في عرض النقود من خلال تغيير ما بحوزته من سندات حكومية صادرة من وزارة المالية (الخزانة).  فعلى سبيل المثال:  يستطيع البنك المركزي زيادة (تخفيض) عرض النقود من خلال شراء (بيع) السندات الحكومية.
ويستطيع البنك المركزي توفير السيولة اللازمة للبنوك عن طريق تقديم قروض مخصومة.  وتؤدي زيادة القروض المخصومة للبنوك إلى زيادة مباشرة في عرض النقود.  ويسمى معدل الفائدة على القروض المخصومة من البنك المركزي بسعر الخصم (استقلالية البنك المركزي).

خطوات تنفيذ السياسة النقدية
تتفق السياسة النقدية مع السياسات الأخرى (السياسة المالية وسياسة الدخل) على الكثير من الأهداف.  فمن الأهداف النهائية لأي من السياسات السابقة تحقيق مستوى عالٍ من التوظيف ورفع معدلات النمو الاقتصادي، والمحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار، والمحافظة على استقرار سعر اصرف العملة المحلية مقابل العملات الأخرى.  وفي المقابل تختص السياسة النقدية بتحقيق أهداف لا تحققها السياسات الأخرى مثل العمل على استقرار أسعار الفائدة، ومساعدة البنوك في الحالات الاستثنائية، ووضع الضوابط لتلافي الأزمات النقدية.
ولصعوبة تحقيق الأهداف النهائية للسياسة النقدية بطريقة مباشرة، وبسبب طول المدة بين تنفيذ السياسة النقدية وملاحظة تأثيرها في النشاط الاقتصادي، وللتعارض الممكن حدوثه بين الأهداف النهائية المختلفة للسياسة النقدية، فمن الضروري إعداد الإستراتيجية النقدية بصورة متكاملة، لذلك لابد من احتاوئها على الآتي:
1.  أهداف نهائية واضحة.
2.  أهداف عملية ووسيطة.
3.  القدرة على التحكم وقياس التغير في الأهداف العملية والوسيطة.

وفيما يلي نناقش بشكل مفصل أهم أدوات السياسة النقدية والأهداف العملية والوسيطة والنهائية:

شكل رقم (1)
خطوات تنفيذ السياسة النقدية

أدوات السياسة النقدية Monetary Policy Instruments
تعد الرقابة على الائتمان والتحكم في عرض النقود من الوظائف الأساسية للبنك المركزي.  ويقوم بها باستخدام الأدوات المتاحة للتأثير في حجم الائتمان في الاقتصاد.  وتعتمد مقدرته على استخدام هذه الأدوات على تطور الأسواق المالية والنقدية.  وتتلخص أدوات السياسة النقدية المتاحة للبنوك المركزي في الآتي:

أ.  سياسة الخصم Discount Policy
يعد سعر الخصم من أقدم أدوات السياسة النقدية وأكثرها فاعلية ولاسيما عند الحاجة إلى زيادة السيولة لدى البنوك التجارية، واستعمل للمرة الأولى من بنمك انجلترا في عام 1839م.  وفي الوقت الحاضر يمكن للبنوك التجارية الاقتراض بشكل مباشر إما من البنك المركزي وإما من البنوك الأخرى أو من خلال خصم ما بحوزتها من أوراق مالية لدى البنك المركزي.  ويسمى سعر الفائدة عند اقتراض البنوك التجارية من البنك المركزي بسعر الخصم.  ويعد مؤشراً مهماً لسعر الفائدة السائد في السوق في كثير من البلدان.  ويمنع النظام استخدام تسهيلات الخصم بهدف تحقيق أرباح تجارية، ويحدد أهم الحالات المسموح للبنوك التجارية باستخدام تلك التسهيلات بوجود طلب كبير، وغير عادي للسيولة من المودعين.
وفي ضوء ذلك، يُعرف سعر الخصم بأنه الثمن الذي يتقاضاه البنك المركزي نظير إعادة خصم الأوراق التجارية والأذون الحكومية للبنوك التجارية أو نظير القروض التي يقدمها مباشرة للبنوك التجارية.  ويقوم البنك المركزي بتحديد سعر الخصم في ضوء قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان والقوى المحددة لسعر الفائدة في السوق النقدية والظروف المالية والاقتصادية.
ويمكن استخدام سعر الخصم للتأثير في النشاط الاقتصادي عن طريق تغييره، ومن ثم التأثير في اسعار الفائدة السائدة في السوق.  فعلى سبيل المثال:  عندما يعاني الاقتصاد حالة كساد فبإمكان البنك المركزي إتباع سياسة نقدية توسعية بتخفيض سعر الخصم مما يشجع البنوك التجارية على استخدام تسهيلات الخصم لدى البنك المركزي ومن ثم زيادة الاحتياطيات الاختيارية (القابلة للإقراض) لدى البنوك التجارية.  ويؤدي تخفيض سعر الخصم إلى تخفيض سعر الفائدة السائد ومن ثم التوسع في الاستثمار.  وبالإضافة إلى تأثير تغيير سعر الخصم في أسعار الفائدة وفي قدرة البنوك التجارية على خلق الائتمان، فإنه يستخدم أحياناً لتأكيد توجه محدد للسلطات النقدية مثل تأكيد توجه البنك المركزي نحو محاربة التضخم أو المساعدة على تخفيض الضغط على سعر صرف العملة المحلية (ولاسيما إذا كانت العملة معومة) في أسواق الصرف عند ارتفاع سعر صرف العملة أو انخفاضه.

فاعلية سياسة الخصم Effectiveness of Discount Policy
يعد توافر أسواق مالية متطورة أحد الشروط الأساسية لفاعلية سعر الخصم.  وتعاني معظم البلدان النامية عدم وجود أسواق مالية، وإن وجدت فهي أسواق ضعيفة وغير متطورة ومن الصعوبة الاعتماد عليها لتحقيق التأثير المتوقع من استخدام سعر الخصم في النشاط الاقتصادي.
وحتى في الدول المتقدمة التي تتوافر لديها أسواق مالية متطورة، ففي ظروف معينة قد تكون فاعلية سعر الخصم محدودة جداً.  فالبنك المركزي يستطيع تغيير سعر الخصم ولكن التأثير المرجو مرتبط باستفادة البنوك التجارية من تلك التسهيلات.  وتتأثر فاعلية سعر الخصم كذلك بمدى كفاءة البنوك التجارية في استخدام الموارد المتاحة لها.  فعلى سبيل المثال:  عند وجود كساد اقتصادي، فإن تخفيض سعر الخصم قد لا يكون له تأثير إيجابي يذكر في النشاط الاقتصادي إرا كانت البنوك التجارية تحتفظ بأرصدة احتياطية اختيارية (إضافية) كبيرة بسبب تحفظ البنوك في منح القروض، أو عدم وجود طلب عليها من المستثمرين.

تحليل تأثير سعر الخصم
يؤثر تغير سعر الخصم في كل من حجم الائتمان وأسعار الفائدة في الاقتصاد الوطني ولإلقاء بعض الضوء على فعالية آليات سعر الخصم، نفترض أن البنك المركزي توافرت لديه معلومات تنبئ بظهور بوارد بتضخم نقدي نتيجة زيادة حجم الائتمان عن المستوى المرغوب فيه.  هنا يقرر البنك المركزي رفع سعر الخصم، مؤثراً على أسعار الفائدة، ونبين فيما يلي الأثر على سعر الفائدة في السوق.

الأثر على سعر الفائدة في السوق
يمثل سعر الخصم بالنسبة للبنك التجاري تكلفة الاستدانة أو الاقتراض، ويترتب على ارتفاع (أو انخفاض) سعر الخصم ارتفاع (أو انخفاض) تكلفة هذا الدين.  وتسترشد البنوك التجارية في تحديد أسعار الفائدة التي تتلقاها عن قروضها لعملائها بسعر الخصم للبنك المركزي، لأنها قد تضطر إلى اللجوء للبنك المركزي لإعادة خصم هذه الديون لديه.  ولذلك يتوقع أن تكون أسعار القائدة السائدة في سوق النقود موازية لسعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي.
فيؤدي ارتفاع سعر الخصم لدى البنك المركزي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض السائدة في السوق النقدية (ارتفاع سعر الفائدة الذي تتلقاه البنوك التجارية)، مما يدفع عملاء هذه البنوك إلى تقليص الطلب على الائتمان.  وبالمثل يؤدي انخفاض سعر الخصم إلى خفض سعر الفائدة السائد في سوق النقود، مما يشجع المستثمرين على الاقتراض ومن ثم يزداد حجم الائتمان.

تغيير نسبة الاحتياطي القانوني Changes in Required Reserve Ratio
ظهر عند تأسيس بنك الاحتياطي الاتحادي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1914م مبدأ جديد يخص احتياطيات المصارف، وذلك بإلزام البنوك التجاري الاحتفاظ لدى البنك المركزي برصيد دائن يعتمد على مقدار الودائع الجارية والزمنية لديها.
وأدرج هذا المفهوم بشكل أو بآخر في قوانين الكثير من البنوك المركزية.  ويعطي النظام للبنوك المركزي الحق في رفع أو خفض نسبة الاحتياطي القانوني وفق ما تراه مناسباً للأوضاع الاقتصادية السائدة.  وكان الهدف الأساسي من فرض نسبة الاحتياطي القانوني حماية حقوق المودعين، ولكنها تستخدم في الوقت الحالي أداة من أدوات السياسة النقدية.  ويؤدي رفع نسبة الاحتياطي القانوني إلى انخفاض قدرة البنوك على الإقراض ومن ثم انخفاض عرض النقود.

فاعلية نسبة الاحتياطي القانوني
تُمارس نسبة الاحتياطي القانوني تأثيراً مباشراً وفعالاً في سيولة البنوك التجارية.  إذ أنه في غالبية الدول النامية حيث أسواق النقد والائتمان محدودة، فإن وسيلة عمليات السوق المفتوحة قد لا تجدي نفعاً.  كما أن سعر الخصم قد يكون ضعيف الفاعلية لضيق أسواق الخصم.  ولذلك فإن تغيير نسبة الاحتياطي القانوني تعتبر من أنسب الوسائل وأقواها للبنك المركزي في الدول النامية.  كما تعتبر سياسة الاحتياطي القانوني أكثر فاعلية في معالجة مظاهر التضخم عنها في معالجة أسباب الانكماش.

ب.  عمليات السوق المفتوحة  Open Market Operations
اكتشفت أهمية بيع السندات الحكومية وشرائها في التأثير في حجم الاحتياطيات الإجمالية لدى البنوك التجارية، ومن ثم النشاط الاقتصادي بطريق المصادفة.
فحتى العقد الثالث من القرن العشرين كان سعر الخصم أهم الأدوات المتاحة للبنوك المركزي، والمصدر الرئيسي لإيراداتها.  ولكن خلال فترة الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1920م-1921م انخفضت قيمة القروض المخصومة لدى البنك المركزي (بنك الاحتياطي الاتحادي) بشكل كبير مما أدى إلى انخفاض مماثل في إيراداته.  أدى هذا لانخفاض في الإيرادات إلى البحث بشكل جدي عن مصادر أخرى للدخل.  واتجه البنك إلى شراء وبيع السندات الحكومية واكتشف قدرتها التأثير في حجم الاحتياطيات الاختيارية (الإضافية) المتاحة لدى البنوك التجارية، ومن ثم على النشاط الاقتصادي.  وتعد عمليات السوق المفتوحة من أهم أدوات السياسة النقدية، وأكثرها استخداماً من البنوك المركزية في الدول المتقدمة.  ويلجأ البنك المركزي تبعاً لمقتضيات النشاط الاقتصادي إلى بيع السندات إذا كان الهدف تخفيض عرض النقود، وشرائها إذا كان الهدف زيادة عرض النقود.
وحتى يكون لعمليات السوق المفتوحة الأثر المطلوب لابد من توافر أسواق مالية متطورة، والقيام بدراسات إحصائية لإظهار الآثار المترتبة في الاقتصاد من شراء السندات من البنك المركزي وبيعها.  ولابد أن تتطرق الدراسات أيضاً إلى الفترة الزمنية اللازمة لتأثير عمليات السوق المفتوحة في النشاط الاقتصادي، سواء أكانت السياسة المتبعة انكماشية أم توسعية.
وتتمتع عمليات السوق المفتوحة بالكثير من المميزات عن الأدوات الأخرى للسياسة النقدية.  فالبنك المركزي يستطيع بيع الكميات التي يراها مناسبة وشرائها.  وتعطي هذه الميزة للبنك المركزي القدرة على التدخل السريع والمباشر على خلاف سعر الخصم، فهو المحدد لسعر الخصم، ولكن استخدام تسهيلات الخصم خاضع لقرار البنك التجاري باستخدام التسهيلات من عدمه.  وبالإضافة إلى ما سبق يستطيع البنك المركزي القيام بعمليات السوق المفتوحة بسرية تامة، ويستطيع أيضاً تغييرها في أي وقت عندما يرى ذلك مناسباً.

مدى فاعلية عمليات السوق المفتوحة
تتوقف فاعلية عمليات السوق المفتوحة على مدى وجود سوق مالية متقدمة وواسعة تستطيع استيعاب عمليات البيع والشراء دون أن تتعرض السوق لعوامل الانهيار.  فإذا كانت أسواق المالية ضيقة، فربما أدى قيام البنك المركزي بعملياته على نطاق كبير إلى تقلبات عنيفة في أسعار الأوراق المالية محل التداول، وهذا قد يؤدي إلى زعزعة المراكز المالية للبنوك.  وايضاً قد يفقد الجمهور الثقة في مستقبل هذه الأوراق.  كما قد يؤدي إلى إغلاق السوق تفادياً لعوامل الانهيار إذا لم يقبل الجمهور على شراء ما يعرضه البنك المركزي للبيع.  أو قد يغري البعض على المضاربات العقيمة مما يسئ إلى سوق الاستثمار في السندات الحكومية إذا تعرضت لتقلبات الأسعار.
وحيث لا تتوافر في الدول النامية أسواق مالية نقدية منظمة ومتطورة، وحيث لا تنتشر استخدامات التسهيلات المصرفية، فلابد أن تكون هذه الوسيلة مرتفعة الفاعلية في معظم الدول النامية.

ج.  الإقناع الأدبي Moral Suasion
يعد الإقناع الأدبي إحدى أهم أدوات السياسة النقدية وأقواها في الدول النامية.  فالبنوك المركزي هي جهة الإشراف والرقابة على البنوك التجارية، لذلك فهي تعلم أن ما يطلبه البنك المركزي بطريقة ودية قد يتحول إلى أوامر خطية في وقت قصير جداً.  ويلخص الجدول رقم (2) أثر الأدوات المختلفة للسياسة النقدية في عرض النقود.

 شكل رقم (2)
تأثير أدوات السياسة النقدية في عرض النقود
الأهداف النهائية للسياسة النقدية
ومن أهم الأهداف النهائية للسياسة النقدية الآتي:

أ.  تحقيق مستوى عال من التوظيف High Employment
يتسبب وجود مستوى عال من البطالة في عدم الاستفادة من طاقات بشرية بالإمكان الاستفادة منها لزيادة الناتج القومي، وتحسين المستوى المعيشي للمجتمع.  ويعتقد الكثير من غير المختصين أن أي مستوى للبطالة أكبر من الصفر (كل طالب عمل يجد ما يطلبه) هو مستوى غير مقبول، لكن واقع الحال يختلف عن ذلك لأسباب عدة.  فهناك ما يسمى بالبطالة الجزئية الناتجة عن ترك بعض العمال وظائفهم بهدف البحث عن عمل أفضل.  وهناك أيضاً ما يسمى بالبطالة الجغرافية الناتجة عن صعوبة الانتقال بين المناطق المختلفة في البلد الواحد.  وحتى يتمكن الاقتصاد من العمل بطريقة سليمة وكفاءة جيدة لابد من تحديد مستوى معين من البطالة (أكبر من الصفر) يكون هدفاً للسياسة النقدية يسمى بالمستوى الطبيعي ويعتبر كثير من الاقتصاديين أن مستوى 5% من البطالة يعتبر مستوى طبيعي وأن الاقتصاد عند ذلك المستوى من البطالة يعتبر في مرحلة التوظيف الكامل.  ويختلف المستوى الطبيعي للبطالة من بلد إلى آخر ومن فترة إلى أخرى تبعاً لمستوى التطور والنمو الاقتصادي.  ويمكن تعريف المستوى الطبيعي للبطالة بأنه ذلك المستوى غير المسبب لمعدلات التضخم بالارتفاع، أي أن انخفاض البطالة إلى مستوى أقل من المستوى الطبيعي في اقتصاد ما مع استمرار زيادة الطلب على العمالة من الشركات والمؤسسات يتسبب في ارتفاع الأجور ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم.

ب.  استقرار المستوى العام للأسعار Price Stability
يُعرف التضخم بأنه الارتفاع الكبير المستمر في المستوى العام للأسعار.  ولهذا التعريف ثلاث صفات مهمة.  الأولى:  أن الارتفاع في الأسعار عام في معظم السلع ومستمر خلال مدة زمنية.  الثانية:  أن الارتفاع في الأسعار هو ارتفاع عام في معظم السلع والخدمات، وليس مقصوراً على عدد محدد منها.  الثالثة: أن التضخم ظاهرة غير طبيعية، ولابد من مسبب لها وهو في الغالب إما الحكومة بانتهاجها بعض السياسات الخاطئة، أو نقابات العمل بمطالباتها برفع الأجور دون ارتفاع في الإنتاجية.  ولهذا فإن أهم الأهداف النهائية للسياسة النقدية في الوقت الحاضر محاربة التضخم عند حدوثه لأسباب كثيرة من أهمها الآتي:
-  يؤدي التضخم إلى عدم الثقة والخوف من المستقبل مما ينعكس سلباً على الادخار والاستثمار ومن ثم على نمو الناتج القومي.
-  قد يؤدي التضخم إلى إعادة توزيع الثروة بطريقة غير عادلة، فالمقترض يستفيد من ارتفاع معدلات التضخم، والمقرض يخسر، ويشاركه في الخاسرة أصحاب الدخول الثابتة.

ج.  استقرار سعر الصرف للعملة المحلية Exchange Rate Stability
هناك علاقة عكسية بين سعر صرف عملة بلد ما في الأسواق العالمية، وبين حجم صادراته.  فانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي مثلاً مقابل الين الياباني قد يؤدي إلى زيادة الصادرات الأمريكية من اليابان بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة.  وتؤثر زيادة الصادرات وانخفاض الواردات تأثيراً مباشراً في مستوى البطالة بالانخفاض وفي الناتج القومي بالزيادة النمو.  لذلك من الأهداف الأساسية للسياسة النقدية في الأجل القصير العمل على تحقيق الاستقرار للعملة المحلية.

د.  النمو الاقتصادي Economic Growth
يعد الاستثمار أحد المحددات الأساسية للنمو الاقتصادي.  لذلك تستطيع السياسة النقدية التأثير في الاستثمار، ومن ثم معدلات النمو الاقتصادية بتغيير أسعار الفائدة.

ه.  استقرار الأسواق المالية والنقدية Stability on Monetary and Financial Markets
من الأمور الجوهرية في الاقتصاديات المعاصرة الدور الفعال الذي تقوم به البنوك التجارية في تحقيق النمو الاقتصادي.  وحتى تكون قادرة على القيام بذلك الدور فلابد من توافر الثقة بالنظام المصرفي، وهذا يأتي من ثقة الناس بالجهات الرقابية والإشرافية على البنوك التجارية.  وتتولى البنوك المركزي عادة مراقبة النظام المصرفي، ويعطي المشرع في الكثير من البلدان المركزية سلطة التدخل المباشر في إدارة البنك التجاري إذا ساءت حالته إلى درجة قد تضر بالنظام المصرفي أو تهز الثقة به.
ولهذا فإن قيم البنك المركزي بالإشراف على النظام المصرفي، ومساعدة البنوك التجارية في أوقات الأزمات يولد الثقة ويعزز استقرار الأسواق المالية والنقدية.  ويساعد قيام البنك المركزي بوظائفه المنوطة به ولاسيما تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار، واستقرار سعر الصرف وكذلك أسعار الفائدة على استقرار الأسواق المالية والنقدية.

التعارض بين الأهداف المختلفة للسياسة النقدية Monetary Policy and Conflict Among Goals
يمكن تحقيق بعض أهداف السياسة النقدية دون حدوث تعارض بينها، فهدف تحفيض مستوى البطالة أو تنشيط الاستثمار يتوافقان مع هدف النمو الاقتصادي.  ولكن بعض الأهداف قد تختلف وتتعارض، فهدف تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار قد يتعارض مع هدف تخفيض أسعار الفائدة.
ولتحقيق أفضل النتائج من السياسة الاقتصادية لابد من تساوي عدد الأهداف المراد تحقيقها مع عدد الأدوات المتاحة.  وينحصر التأثير المباشر لأدوات السياسة النقدية إما في تغيير احتياطيات البنوك التجارية الإجمالية أو تغير أسعار الفائدة.  ولذلك فعند وجود أكثر من هدف قد يضطر البنك المركزي إلى التضحية ببعض الأهداف مقابل تحقيق هدف آخر.  ويرجع اختيار الهدف في الغالب إلى أهميته بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي في وقت معين.  فقد يكون الهدف الأساسي للسياسة النقدية تحقيق استقرار المستوى العام للأسعار في مدة معينة، وقد يكون تخفيض سعر الفائدة في مدة أخرى.

دور البنك المركزي في استخدام الأدوات لتحقيق الأهداف العملية والوسيطة ثم الوصول إلى الأهداف النهائية.

أ.  فمثلاً إذا قام البنك المركزي بتطبيق سياسة نقدية توسعية تتمثل في الآتي:
1.  خفض سعر الخصم.
2.  خفض نسبة الاحتياطي القانوني.
3.  قيام البنك المركزي بشراء السندات (في السوق المفتوحة).
4.  الطلب من البنوك زيادة التسهيلات الائتمانية (الإقناع الأدبي).

ب.  فإن ذلك يؤدي إلى زيادة المضاعف النقدي m

ج.  وبالتالي فإذا يؤدي إلى زيادة القاعدة النقدية (MB) والاحتياطيات الإجمالية، كأهداف عملية وذلك بسبب زيادة المضاعف النقدي (M).

د.  وعند زيادة القاعدة النقدية (MB) فإن ذلك يؤدي إلى زيادة (معدل نمو عرض النقود M).
وكذلك نمو القروض البنكية، وانخفاض معدلات الفائدة في الأجل الطويل كأهداف وسيطة.

ه.  وعند تحقيق هذه الأهداف الوسيطة فإن ذلك يؤدي لتحقيق الأهداف النهائية للسياسة النقدية:
1.  تحقيق مستوى عالي من التوظيف.
2.  استقرار المستوى العام للأسعار.
3.  استقرار سعر صرف العملة.
4.  زيادة النمو الاقتصادي.
5.  استقرار الأسواق المالية.

لتحميل الملف اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot

المشاركات