تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي
يحدد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي حجم النفقات العامة، وترى المدرسة التقليدية أن التفاعل الحر بين قوى السوق كفيل بتحقيق التوازن الاقتصادي بما يتناسب مع مصلحة المجتمع، بالرغم من أن كل فرد يسعى إلى تحقيق مصلحته الذاتية. ويدعمون رأيهم بأن الهدف النهائي للنشاط الإنتاجي في المجتمع هو الاستهلاك، فلذا يجب أن يتوافق هذا الإنتاج مع أذواق المستهلكين وتفضيلاتهم، وأن القرارات الإنتاجية والاستهلاكية التي تتخذها الوحدات الاقتصادية في القطاع الخاص تعتبر أفضل من القرارات المركزية الممكن اتخاذها من قبل الدولة، من حيث مدى تناسبها مع تفضيلات أفراد المجتمع. وعلى هذا فإن الاقتصاديين التقليديين كانوا ينادون بعدم تدخل في النشاط الاقتصادي حتى لا تؤثر على حرية قوى السوق، وبالتالي تقلل من كفاءة عمل النظام الاقتصادي، ومن ثم تضر بمصلحة المجتمع. وكانوا يرون أن تقتصر وظيفة الدولة على الخدمات الأساسية الكافية لحماية نظام الحرية الاقتصادية، مثل الدفاع، والأمن والعدالة، وبعض الأعمال العامة التي تحقق نفعاً اجتماعياً، ولا يوجد لها ربح، ولا يكون لها أثر مباشر على النشاط الاقتصادي.
ومن الواقع العملي لتطور الأنظمة الرأسمالية نجد أن هناك الات ثبت فيها فشل نظام السوق في تحقيق أفضل النتائج للمجتمع، حتى لو توافرت شروط المنافسة الكاملة كلها، وحالات أخرى نجد فيها مخالفة لشروط المنافسة الكاملة التي يجب أن يعمل فيها نظام السوق، حتى يتحقق مبدأ الكفاءة الاقتصادية الذي نادى به التقليديون. ولقد تطور الفكر الاقتصادي التقليدي أما مثل هذه الحالات ونادى بعض الاقتصاديين التقليديين المحدثين بتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، من أجل القيام بإصلاح فشل السوق، وتوجيه الموارد الاقتصادية بما يتناسب ومصلحة المجتمع. فلذا يمكن للدولة أن تتدخل في النشاط الاقتصادي في مثل الحالات الاستثنائية الواردة على فشل السوق من أجل تحقيق التوزيع الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة للمجتمع.
والعوامل التي تسبب فشل السوق وتعطي المبرر الاقتصادي لتدخل الدولة الإصلاحي لعمل نظام السوق وهي: السلع العامة، والآثار الخارجية لقرارات الوحدات الاقتصادية، والتكاليف المتناقصة للصناعة، والاحتكار، وعدم توافر المعلومات الكاملة عن أحوال السوق، وجمود حركة عناصر الانتاج. وفي هذا الجزء من الفصل سيتم استعراض هذه الحالات الاستثنائية.
1. السلع العامة:
وهي سلع تشبع حاجات عامة تهم المجتمع قاطبة، مثل خدمات الدفاع عن الوطن والأمن الداخلي، والعدالة، والطرق العامة، والصحة، والتعليم، وتختلف السلع العامة بالنسبة للفرد المستهلك عن السلع الخاصة، فالمستهلك لا يملك المقدرة في التحكم بكميات وأنواع وأسعار (الضرائب) السلع العامة، حيث تحدد هذه الأمور من قبل الحكومة على أساس تفضيلات المجتمع، بالإضافة إلى عدم تأكد المستهلك من المنافع المتوقعة من استهلاك السلع العامة، مثل ما هو الحال في استهلاك السلع الخاصة. زيادة على ذلك فإن الدافع وراء إنتاج السلع العامة هو مصلحة المجتمع، في حين أن دافع إنتاج السلع الخاصة هو تحقيق الربح للمنتج. ويمكن التمييز بين نوعين من السلع العامة هما: السلع العامة البحتة والسلع شبه العامة.
وتتميز السلع العامة البحتة بخصائص متعددة أهمها:
أ. الاستهلاك غير التنافسي: يكون سلعة ما غير تنافسي عندما تكون التكلفة الحديثة الناتجة من إضافة شخص واحد إلى هذا الاستهلاك تساوي صفراً. وتنشأ هذه الخاصية من عدم إمكانية تقسيم السلع، حيث تكون متاحة لجميع أفراد المجتمع بالتساوي.
وبالتالي فإن استهلاك السلع العامة من قبل أحد الأفراد سوف لا يقلل من الكمية المتاحة من تلك السلعة للأفراد الآخرين في المجتمع. وهذا يجعل الأفراد لا يسعون لامتلاك هذه السلعة حتى يحققوا مزايا خاصة لهم. وتكون منافع هذه السلعة متاحة للجميع باستمرار ودون أن يتنافس أحد على استهلاكها. ومثال ذلك، لو أن سفينة مرت في البحر واستخدمت نور منارة الميناء، فإن ذلك لا يقلل من كمية النور الصادرة من المنارة، وبالتالي لا تنقص المنفعة التي ستأخذها السفن الأخرى من المنارة نفسها. ويمكن القول أن السلع العامة لا يستهلك في المعنى المتعارف عليه في السلع الخاصة، وإنما يتمتع الأفراد بوجودها، ولا يوجد تنافس بين الأفراد على استهلاكها أو حيازتها.
ب. عدم إمكانية الاستبعاد: مبدأ الاستبعاد يرتبط بالسلع الخاصة، وينتج من وضوح حقوق الملكية فيها. فالفرد الذي يملك سلعة خاصة له الحق بأن يتمتع بمنافع هذه السلعة، ويستطيع بذلك أن يبعد الآخرين من استهلاك أو امتلاك السلعة التي يمتلكها. ويتم تطبيق مبدأ الاستبعاد للسلع الخاصة عن طريق نظام السوق. فمن أراد أن يحصل على سلعة خاصة لابد أن يدفع ثمنها الذي تحدد من خلال قوى السوق؛ لذا فإن نظام السوق يستبعد أي فرد من أن يستمتع بمنفعة أي سلعة خاصة إلا إذا دفع ثمنها. أما في حالة السلع العامة البحتة فإن إمكانية استبعاد أي فرد من استهلاكها غير ممكن.
وعلى سبيل المثال، خدمة الدفاع عن الوطن إذا قدمت فإنه من الصعب استبعاد أي فرد من المجتمع من الاستفادة من هذه الخدمة. ويتبع هذا المبدأ أن مثل هذه السلع غير قابلة للرفض من قبل أفراد المجتمع. فإذا افترضنا أن هناك أفراداً لا يرغبون في خدمة الدفاع فإنهم سوف يتمتعون بمثل هذه الخدمة سواء رغبوا أم لم يرغبوا.
ج. العائد الاجتماعي أكبر من العائد الخاص: تعتبر السلع العامة من السلع الضرورية لقيام المجتمع. فالمنافع المترتبة على وجود مثل هذه السلع تعم وتنتشر على جميع أفراد المجتمع كمجموعة تكون أكبر من مجموع المنافع الخاصة التي يحصل علها أفراد المجتمع المنتفعين مباشرة من هذه الخدمة. وعلى هذا فإن العائد الاجتماعي أي المنفعة العائدة من السلع العامة من وجهة النظر الاجتماعية تكون أكبر بكثير من المنفعة من وجهة النظر الفردية. أما السلع شبه العامة فهي التي تتميز ببعض الخصائص السابقة، مثل خدمات التعليم، الصحة، والطرق العامة.
لماذا يفشل السوق في تقديم السلع العامة؟ عند النظر في الخصائص السابقة للسلع العامة وبصورة خاصة مبدأ عدم الاستبعاد فإنه لا يوجد أي حافز للمنتج الخاص الذي يعظم ربحه بأن ينتج هذه السلعة. وعلى افتراض أنه أنتج السلعة العامة فإنه لا يتمكن من استبعاد أفراد المجتمع من استهلاكها، ومن ثم لا يستطيع أن يأخذ ثمناً مقابل استهلاك الأفراد. وعدم تمكن المنتج من الحصول على الثمن ينبع من مسألة المنتفع المجاني الذي يمكن تعريفه بأنه ذلك الفرد المستهلك الذي لا يفصح عن تفضيلاته نحو السلع العامة، ويتمكن من الانتفاع بها دون أن يدفع مقابل ذلك.
2. الآثار الخارجية لقرارات الوحدات الاقتصادية
ويمكن التمييز بين نوعين من الآثار الخارجية لقرارات الوحدات الاقتصادية هما: آثار خارجية ضارة، وآثار خارجية مفيدة أو نافعة.
أ. الآثار الخارجية الضارة: هي أضرار أو أعباء تتحملها وحدات اقتصادية، نتيجة قرار اقتصادي (استهلاكي أو إنتاجي) اتخذته وحدة اقتصادية أخرى، دون أن تدفع تعويضاً للوحدات المتضررة. ومثال ذلك، مصانع الفح التي تخرج عوادمها على شكل دخان أسود. فإنه إضافة إلى تكاليف الإنتاج الخاصة التي يتحملها المنتج يكون هناك تكاليف أخرى لم تؤخذ في الحسبان يتحملها أفراد المجتمع. وتتمثل هره التكاليف في عدة أشكال منها، تكلفة غسيل وكي الثياب لأفراد المجتمع المحيطين بالمصنع، وتكلفة إزالة أوساخ المباني، وتكلفة أمراض الصدر التي يسببها الدخان، والإزعاج النفسي الذي يسببه تلوث الهواء من الدخان. ومثال آخر، حيث يرمي مصنع لتعليب اللحوم مخلفات الإنتاج في مجرى نهر، فإن الأفراد الذين يسبحون في النهر أو يستجمون حوله والصيادين يتحملون تكاليف ذلك الأثر الضار الذي نتج عن إقامة مصنع تعليب اللحوم بعد أن أفسدت عوادم الإنتاج الأسماك في النهر، ولوثث المياه والجو وأسبحت غير صالحة للسباحة أو للاستجمام.
ب. الآثار الخارجية النافعة: هي منافع أو مزايا تعود على وحدات اقتصادية نتيجة قرار وحدات اقتصادية أخرى، لا ترتبط معها من خلال نظام السوق، إضافة إلى ذلك فإن الوحدات المستفيدة لا تدفع مقابل هذه المنافع التي تحققها. فمثلاً حين توظف إحدى المؤسسات بعض العمال غير المهرة، وتنفق مبالغ على برنامج لتدريبهم الفني وبعد أن يكتمل تدريبهم وقبل أن تحصل المؤسسة على عائدات استثمارها في برنامج تدريب العمال يمكن لهؤلاء العمال أن ينتقلوا إلى مؤسسة أخرى، فتكون هذه المؤسسة الأخيرة قد استفادت من الخبرة النفية لهؤلاء دون أن تدفع مقابل ذلك الاستثمار الذي تم من قبل المؤسسة الأولى. ومثال آخر على الآثار النافعة أن مؤسسة لإنتاج الزهور قررت فتح مزرعة زهور، وكان موقع هذه المزرعة بالقرب من مؤسسة أخرى لإنتاج العسل، فنجد أن المؤسسة الثانية استفادت من القرار الاقتصادي الذي اتخذته المؤسسة الأولى، وذلك لأن إنتاج العسل عندها قد زاد نتيجة قربا لزهور من النحل، لوم تدفع هذه المؤسسة أي مقابل لهذه المنافع المتحققة من قرار المؤسسة الأولى.
والمنافع الاجتماعية هي مجموع المنافع المتحققة من إنتاج أو استهلاك سلعة ما، وهذه تتضمن المنافع الخاصة، أي المنافع التي تحققها الوحدة الاقتصادية من خلال قوى السوق بالإضافة إلى المنافع المترتبة من الآثار الخارجية المفيدة التي تلا تنعكس من خلال قوى السوق. وعلى هذا ففي حالة وجود الآثار الخارجية النافعة تكون المنافع الاجتماعية أكبر من المنافع الخاصة.
في حالة وجود آثار خارجية نافعة لإنتاج سلعة معينة فإن نام السوق سوف ينتج كمية أقل من الكمية التي يطلبها المجتمع لهذه السلعة، أي أن نظام السوق يؤدي إلى استخدام موارد اقتصادية أقل من تلك التي يجب استخدامها لإنتاج هذه السلعة المرغوب فيها من قبل المجتمع، وعلى هذا فإن المجمع لا يكون في أفضل وضع له، ولا يحقق أقصى رفاهية ممكنة.
ويمكن بيان الإجراءات الممكن أن تتخذها الدولة في هذا الصدد، ومنها:
أ. سيطرة الحكومة على النصاعة حين تكون آثارها الخارجية النافعة أمراً أساسياً للمجتمع؛ حتى تضمن الإنتاج الأمثل لهذه الصناعة، مثل التعليم، ودوائر الحريق، والصحة العامة والطرق.
ب. تقديم إعانات اقتصادية إلى الصناعات ذات الآثار الخارجية النافعة؛ حيث ستعوض الإعانات زيادة التكاليف المترتبة على زيادة الإنتاج اللازمة لمقابلة تفضيلات المجتمع، حيث أنه بدون تلك الإعانات فإنه لا يوجد حافز لدى المنتجين لزيادة إنتاجهم.
ج. فرض ضريبة خاصة على الصناعات التي تسبب آثاراً خارجية ضارة. والأثر المترتب على فرض الضريبة هو إجبار المؤسسات بإدخال تكاليف هره الآثار الضارة ضمن تكاليف الإنتاج للصناعة، وبهذه الوسيلة فإن المنشأة سوف تتخذ قراراتها الإنتاجية على أساس التكاليف الاجتماعية.
د. تحديد أو منع بعض النشاطات الإنتاجية التي تؤدي إلى آثار خارجية ضارة، مثل منع استخدام سيارات الديزل داخل المدن، وإقامة المصانع في الأماكن المزدحمة بالسكان، حيث تسبب تلوثاً كبيراً في الجو.
ه. يمكن للحكومة أن تقوم بإجراءات تخفف من بعض الآثار الضارة الناتجة عن قرارات وحدات القرار الاقتصادي في المجتمع، وهذا التخفيف يأتي حين تكون الصناعة أساسية للمجتمع. فيمكن للحكومة أن تقدم عناية خاصة بأفراد المجتمع المتضرر، مثل تحصينهم ضد الأمراض المتوقعة من تلك الآثار، أو تنظيف الأوساخ والمخلفات المترتبة على الإنتاج.
3. التكاليف المتناقصة في الصناعة والاحتكار
من الفرضيات الأساسية لكفاءة عمل السوق وجود عدد كبير من وحدات الإنتاج، ولضمان ذلك لابد أن تكون التكاليف الحدية متزايدة في الصناعة، حيث يحد تزايد التكاليف من حجم المنشآت من أن تكبر بصورة تؤثر على حجم الإنتاج في السوق. وفي الواقع العملي قد لا يتوافر وجود هذا الشرط، فنجد أن هناك منشأة واحدة أو عدداً قليلاً تقوم بعملية الإنتاج، أي أن هناك حالة احتكار في الإنتاج. ويمكن التمييز بين نوعين من الاحتكار: الاحتكار الذي يسببه اتحاد الوحدات الاقتصادية المنتجة من أجل التحكم في حجم الإنتاج أو في السعر. وهذا يمنع من كفاءة عمل السوق في توزيع الموارد الاقتصادية بين الاستخدامات المختلفة، فنجد أن المنتج المحتكر يتوقف إنتاجه عند مستوى أقل مما يحتاج إليه المجتمع، ويأخذ سعراً أعلى مما يفرضه السوق في ظل شروط المنافسة. وهذا عبئاً على أفراد المجتمع لا يجعلهم في الوضع الأمثل، بالإضافة إلى ما يؤدي إليه هذا الاحتكار من سوء توزيع الدخل لصالح المحتكرين الذين يحققون أرباحاً احتكارياً على حساب المستهلكين. ومن هنا نجد أن وجود حالة الاحتكار هذه تستوجب تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي من أجل رفع كفاءة استخدام الموارد المتاحة لدى المجتمع بما يتناسب ومصالح المجتمع، بالإضافة إلى حماية المستهلكين من استغلال المحتكر في رفع السعر.
أما النوع الثاني من الاحتكار، فيكون في حالة التكاليف المتناقصة في الصناعة، أي أن منحنى التكاليف الحدية يكون متناقصاً مع حجم الإنتاج. ومن طبيعة المنشأة التي يتميز إنتاجها بتكاليف متناقصة أن تتوسع في حجم الإنتاج، حتى تسيطر على السوق كله. لذا فإنه من كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية أن تقوم مؤسسة واحدة بإنتاج هذه السلعة. وبعبارة أخرى فإن وجود عدد كبير من المنشآت في هذه الصناعة يؤدي إلى عدم كفاءة استخدام الموارد، حيث تكون تكلفة إنتاج كل منشأة أكبر مما لو كان الإنتاج تم في منشأة واحدة، وهذا ما يسمى بحالة الاحتكار الطبيعي. ويرجى السبب في وجود مثل هذه الحالة إلى ظاهرة تزايد الغلة بالنسبة لحجم العملية الإنتاجية التي تنتج من وجود الوفرة الاقتصادية في الصناعة.
بالإضافة إلى أن الإنتاج يتطلب مبالغ رأسمالية كبيرة كحد أدنى للبدء في العملية الإنتاجية، زيادة إلى أن حجم النفقات الثابتة يكون كبيراً بالنسبة للنفقات المتغيرة، وغالباً ما تتميز مثل هذه الصناعات بعدم إمكانية تقسيمها. أضف إلى ذلك أن حجم الطلب (السوق) على منتجات هذه الصناعة لا يكون بالحجم الذي يؤدي إلى تشغيلها عند الحجم الأمثل (عند أدنى تكلفة متوسطة). ويترتب على ذلك كله وجود فائض في الطاقة الإنتاجية في هذه الصناعة لمدة طويلة. وهناك أمثلة كثيرة على مثل تلك الصناعات، مثل السدود، والسكك الحديدية، ومحطات الكهرباء، والشبكات العامة للتليفونات، وللمياه، وللغاز، وللصرف الصحي.
التدخل الحكومي لحل مشكلة الاحتكار:
ويأخذ التدخل الحكومي لحل مشكلة الاحتكار أشكالاً عدة منها:
أ. الإجراءات التنظيمية في وضع التشريعات والقوانين التي تمنع حدوث الاحتكار الغير طبيعي في سوق السلع.
ب. وفي حالة الاحتكار الطبيعي يمكن للحكومة أن تجبر الصناعة بأن تضع السعر الذي يتساوى مع التكلفة الحدية، ومن ثم تقد الإعانات الكافية لتغطية خسائر الصناعة .
ج. يمكن للحكومة أن تتولى إنتاج هذه السلع إن كانت هامة للمجتمع.
د. يمكن للحكومة الإشراف على سياسة المشروعات الاحتكارية للتأكد من ان عمل هذه المشروعات يتوافق ومصلحة المجتمع.
4. جمود حركة عناصر الإنتاج ونقص المعرفة بأحوال السوق
من الأساسيات الواجب توافرها من أجل كفاءة عمل نظام السوق هو المعرفة التامة للوحدات الاقتصادية بأحوال السوق، كذلك توافر فرضية الحرية التامة لتحرك عناصر الإنتاج بين الصناعات المختلفة. وأن فقدان مثل هذه الشروط يؤدي إلى فشل نظام السوق في تحقيق الاستخدام الكفء للموارد الاقتصادية المتاحة.
ولكن من الناحية الواقعية للأنظمة الاقتصادية التي تعتمد على نظام السوق نجد أن هناك عوائق أمام تحقق هذه الشروط، فإن ظروف الإنتاج في معظم الدولة الرأسمالية تخضع لعدد قليل من المؤسسات بالإضافة إلى أن جمود عناصر الإنتاج يؤدي إلى سوء استغلال تلك العناصر حيث يكون العائد إليها أقل مما يستوجبه الظروف السائدة في السوق، وهذا كله يستوجب تدخل الحكومة من أجل إزالة هذه العوائق، وتعيد إلى السوق الحرية التي يجب أن يتمتع بها حتى يعمل بكاءة تامة.
تدخل الحكومة: هناك عدة طرق يمكن للحكومة استخدامها منها:
أ. عمل النشرات الإحصائية الدورية المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية وأحوال السوق.
ب. إنشاء الغرف التجارية التي تزود المنتجين بمعلومات كافية عن السوق وأنواع وكميات السلع الموجودة في الداخل والخارج.
ج. عمل دوائر لدراسة أحوال المستهلك وحمايته من الدعايات، وتزويد بالمعلومات الكافية عن السلع الاستهلاكية وأسعارها وأنواعها وأماكن تواجدها.
د. يمكن للحكومة أن تفتح مراكز للعمل لتقديم المعلومات الكافية عن سوق العمل والفرص المتاحة، ومستوى الأجور، والمزايا الأخرى.
مما سبق نجد أن الاقتصاديين التقليديين المحدثين كانوا يرون في تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ما هو إلا اسثناء لعمل نظام السوق في حفظ التوازن الاقتصادي.
إن النظرية التقليدية لم تكن تقوى على معالجة الكساد الذي حث في الثلاثينيات من هذا القرن، حيث سادت حالة البطالة في معظم اقتصاديات النظم الرأسمالية. ومن هنا قدمت النظرية الحديثة العامة لكينز الأساس النظري الذي يبرر تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي كأمر مشروع وبصورة مستمرة.
ويمكن للدولة أن تتدخل في النشاط الاقتصادي بأشكال مختلفة منها الإجراءات التنظيمية، ذلك بوضع القوانين والتشريعات اللازمة للتأثير على النشاط الاقتصادي. مثال ذلك فرض التعليم الإجباري ومنع بيع وشراء بعض أنواع السلع، وتحديد رخص بعض النشاطات. وقد يتخذ التدخل شكل إجراءات اقتصادية تكون في صورة إجراءات مالية ونقدية تسمى بالسياسات الاقتصادية، ومن أهمها السياسات المالية، حيث يتم استخدام أدوات المالية العامة، النفقات، والإيرادات العامة من أجل تحقيق أهداف معينة.
وعلى كل حال، فإن التدخل الحكومي الذي تنادي به المدرسة الاقتصادية الحديثة يظل تدخلاً محدوداً لا يتعارض مع القواعد الأساسية لنظام الاقتصاد الحر. وبصورة أساسية فإن هذا التدخل يستهدف حماية وصيانة ذلك النظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق